"فورين بوليسي": إيلون ماسك ضد أجزاء من العالم

منصة "إكس" هي أول منصة وسائط اجتماعية كبيرة تواجه إجراءات قانونية بموجب قانون الخدمات الرقمية، ويبدو أنّ التزام ماسك المزدوج المزعوم بحرية التعبير والقوانين المحلية يتم تطبيقه بشكل انتقائي.

0:00
  • "فورين بوليسي": إيلون ماسك ضد أجزاء من العالم

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر مقالاً للكاتب ريشي أيينغار يتحدث فيه عن كيف تواجه منصة "إكس" إجراءات قانونية في بعض دول العالم، ويرجع ذلك إلى انتقائية إيلون ماسك في تنفيذ القوانين بحسبه.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

في نيسان/أبريل 2022، بعد وقت قصير من إعلانه عن نيته شراء المنصة التي كانت تُعرف آنذاك باسم "تويتر"، أوضح الملياردير إيلون ماسك تعريفه لحرية التعبير عبر الإنترنت.  وكتب في منشور على المنصة التي أعاد تسميتها منذ ذلك الحين باسم "X" أنّ "حرية التعبير هي ببساطة ما يتوافق مع القانون. إذا أراد الناس حرية تعبير أقل، فسوف يطلبون من الحكومة تمرير قوانين بهذا المعنى".

تواجه هذه الفلسفة المعلنة الآن أكبر اختبار لها. ففي البرازيل، حظر قاضي المحكمة العليا ألكسندر دي مورايس منصة "إكس"، الأسبوع الماضي، بسبب فشلها في تعيين ممثل قانوني في البلاد ورفضها حذف الحسابات التي قال مورايس إنها تنشر معلومات مضللة. وردت المنصة بانتقاد أوامر مورايس باعتبارها "غير قانونية" ونشرت تلك الأوامر المختومة من خلال حساب جديد يسمى "ملفات ألكسندر". هاجم ماسك نفسه القاضي ووصفه بأنه "دكتاتور شرير"، وشارك صوراً ساخرة تصوّره على أنّه أحد أشرار حرب النجوم.

في هذه العملية، فقدت "X" القدرة على الوصول إلى واحدة من أكبر أسواقها العالمية. وتشير التقديرات إلى أنّ المنصة لديها أكثر من 20 مليون مستخدم في البرازيل، أكثر من جميع البلدان باستثناء خمس دول أخرى. وكان للمنصة دور في هجوم 8 كانون الثاني/يناير عام 2023، على المباني الحكومية في برازيليا من قبل أنصار اليمين المتطرف للرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو. ويعود قرار حظر المنصة إلى رفض ماسك حظر الحسابات المرتبطة بهذا الحادث وقراره اللاحق بإغلاق مكاتبه في البرازيل بدلاً من الامتثال.

قالت فرناندا كامباجنوتشي، الباحثة البرازيلية في معهد العلوم السياسية بجامعة مونستر في ألمانيا، اتفقت مع 6 خبراء قانونيين برازيليين، تحدّثوا إلى فورين بوليسي، على أنّ "الإجماع الواسع بين المجتمع المدني في البلاد هو أنّ حظر منصة "إكس، على الرغم من كونه صارماً، لكنه ضروري".

ويبدو أنّ البرازيليين يؤيدون ذلك بطريقتهم الخاصة، إذ تم تسجيل دخول أكثر من مليوني شخص لمنصة "Bluesky"، المنافسة لـ "X"، في الأسبوع الماضي وحده.

وهناك عدة أوجه أخرى للقصة. فقد واجهت شركة "ستارلينك"، وهي شركة أخرى تابعة لماسك توفر الإنترنت عبر الأقمار الصناعية للدول، حظراً خاصاً بها لرفضها في البداية حظر الوصول إلى "X" في البرازيل، وقد امتثلت في النهاية.

ماسك ليس أول ملياردير في مجال التكنولوجيا، وليست منصة "إكس" أول منصة أيضاً يلاحقها مورايس في محاولة للقضاء على المحتوى غير المشروع. في عام 2022، أمر مورايس بحظر "تليغرام"، بسبب عدم استجابته للأوامر للقضاء على الحسابات التي تشارك معلومات مضللة. لكن الحظر لم يدم طويلاً، حيث امتثل مؤسس "تليغرام" والرئيس التنفيذي بافيل دوروف على عجل بعد يومين. وواجهت المنصة حظراً آخر في العام الماضي بسبب الانتشار المزعوم للجماعات النازية الجديدة على منصتها، لكن القاضي ألغى ذلك أيضاً.

تتعامل منصة "إكس" مع الأمور بشكل مختلف. وقالت كامباجنوتشي إنّه "في حين أن التهديد بالحجب بحد ذاته ليس بالأمر الجديد وهو منصوص عليه في نظام البرازيل القانوني، فإن هذه القضية تبرز باعتبارها الأولى على نطاق واسع حيث تجاهلت الشركة أحكام المحكمة تماماً لعدة أيام".

الكثير من ذلك يرجع إلى نزوات رجل واحد. قال رونالدو ليموس، المحامي الذي ساعد في إنشاء قانون حقوق الإنترنت التاريخي في البرازيل المعروف باسم "Marco Civil da Internet" في عام 2014، إنّ "معظم الناس يشعرون بالقلق إزاء سلوك إيلون ماسك غير المنتظم، وحقيقة أنه يضع نفسه فوق القانون في البرازيل، خاصة بعد أن حقق X / Twitter الكثير من المال في البلاد على مدى العقد الماضي".

أعرب ليموس عن مخاوفه من أنّ بعض إجراءات المحكمة العليا البرازيلية كانت قاسية، بما في ذلك فرض غرامات تزيد على 8000 دولار على أي شخص يستخدم شبكة (VPN) للالتفاف على الحظر، فضلاً عن الضغط على ستارلينك. وقال: "ترتكب المحكمة العليا أخطاء، لكن رفض الامتثال لأحكامها ليس هو السبيل. هناك طرق مؤسسية كان بإمكان X استخدامها لعكس هذه القرارات.. سيكون جزء كبير من المجتمع البرازيلي إلى جانب X إذا التزمت بالقواعد".

البرازيل ليست المكان الوحيد الذي اختار فيه ماسك معركة مع الجهات التنظيمية التكنولوجية. في تموز/يوليو، وجدت المفوضية الأوروبية أنّ منصة "إكس" تنتهك قانون الخدمات الرقمية الجديد (DSA) الذي يهدف إلى تنظيم المحتوى عبر الإنترنت.

منصة "إكس" هي أول منصة وسائط اجتماعية كبيرة تواجه إجراءات قانونية بموجب قانون الخدمات الرقمية، الذي تم سنه في عام 2022، وقد تُجبر على دفع غرامات تصل إلى 6% من إيراداتها العالمية إذا ثبت في النهاية أنها تنتهك القانون. وقال مسؤول أوروبي لـ "فورين بوليسي" شريطة عدم الكشف عن هويته، إنّ "جوانب أخرى من التحقيق في منصة "X"، مثل ممارسات تعديل المحتوى والقدرة على مكافحة المعلومات المضللة، لا تزال جارية وقد تسفر عن نتائج أخرى".

يبدو أنّ التزام ماسك المزدوج المزعوم بحرية التعبير والقوانين المحلية يتم تطبيقه بشكل انتقائي إلى حد ما. شهد العام الأول من ملكيته لمنصة "إكس" ارتفاعاً حاداً في عدد مطالب الحكومة بإزالة المحتوى التي امتثلت لها المنصة. وشمل ذلك منع توزيع لقطات من فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية في الهند اعتُبر انتقادياً لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وتقييد بعض المنشورات في تركيا في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية في ذلك البلد. لكن في أستراليا مثلاً، اختار ماسك مرة أخرى إثارة الجدل، متهماً الحكومة بـ "الرقابة" عندما طُلب منه إزالة مقاطع فيديو لهجوم بسكين في كنيسة في سيدني.

يقول الخبراء إنّ العامل الأكبر حتى الآن، والوحيد غالباً، يبدو أنّه ماسك نفسه. يقول ديفيد كاي، أستاذ القانون في جامعة كاليفورنيا في إيرفين، والذي شغل سابقاً منصب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، إنّ ماسك، "عزز فكرة أنّه يمكن التلاعب به، ويمكن إقناعه إما بالتصرف أو عدم التصرف اعتماداً على انتماءاته السياسية، ومصالحه السياسية، ومصالحه التجارية، وما إلى ذلك. والرسالة العامة التي تحصل عليها من كل هذا هي أنّ ماسك قابل للتلاعب". وأضاف أنّ "منصة إكس لا تدافع عن المستخدمين بقدر ما تدافع عن مصالحها الخاصة ــ وهذه المصالح تختلف من بلد إلى آخر".

وقالت برونا دوس سانتوس، مديرة الحملات العالمية لمجموعة "Digital Action"، إنّ "أغنى رجل في العالم وضع نفسه في موقف الطفل الشرير في هذه المعركة"، مضيفةً أنّ غرور ماسك أوصلنا إلى هذه المرحلة"، معتبرةً أنّ "الحظر المفروض على المنصة هو نتيجة مؤسفة ومزعجة محتملة للمعركة بين الحكومة والتكنولوجيا".

نقلته إلى العربية: بتول دياب