"Responsible Statecraft": "إسرائيل" تشنّ عدواناً على إيران.. ماذا سيحدث الآن؟
"إسرائيل" هي أكبر مُزعزع للاستقرار في المنطقة، والقوة النووية الحقيقية الوحيدة. ماذا سيحدث الآن؟
-
عدوان "إسرائيل" على إيران فجر يوم 13 حزيران/يونيو 2025 (أ ف ب)
مجلة "Responsible Statecraft" الأميركية تنشر مقالاً يتناول الهجوم الإسرائيلي على إيران باعتباره عملاً عدوانياً غير مبرر من منظور القانون الدولي، ويحذّر من عواقبه الإقليمية والدولية.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
الهجوم الإسرائيلي على إيران عملٌ عدوانيٌّ سافر، يُمثّل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي كما هو مُكرّس في ميثاق الأمم المتحدة، ولكل ما يُمكن وصفه بنظام دولي قائم على القواعد.
يستمر هذا الهجوم ويُوسّع سجل "إسرائيل" في الاستخدام المُفرط للقوة العسكرية في جميع أنحاء منطقتها، بما في ذلك الهجمات المتسلسلة على سوريا ولبنان واليمن والأراضي الفلسطينية، بما في ذلك الدمار في قطاع غزة الذي يعدّه العديد من المراقبين المُطّلعين والموضوعيين إبادةً جماعية. لقد ألقت "إسرائيل" بثقلها العسكري في الشرق الأوسط أكثر بكثير من أي دولة أخرى، وبالتالي تُعدّ أكبر فاعلٍ مُزعزع للاستقرار في المنطقة.
إنّ الادعاء الإسرائيلي بأنّ هجومها "استباقي" زائف. لم يكن هناك أيّ مؤشر على أيّ هجوم إيراني وشيك في الاتجاه الآخر. لم يرد في التقارير الصحفية أو المعلومات الاستخبارية المُسرّبة أيّ شيء من هذا القبيل. لطالما صدرت التهديدات بشن هجوم، وما يرتبط بها من خطابٍ مُحرّض، من "إسرائيل" أكثر منها من إيران، التي صيغت تهديداتها في الغالب على أنها تحذيرات من أنّ إيران ستردّ بقوة إذا هاجمتها "إسرائيل".
حتى المفهوم الأكثر مرونةً للحرب الوقائية لا يبرر ما فعلته "إسرائيل". كان البرنامج النووي الإيراني محور الاهتمام الرئيسي، وتزعم "إسرائيل" أن هجومها أصاب، من بين أمور أخرى، أهدافاً نووية. لكن إيران برهنت بتوقيعها على خطة العمل الشاملة المشتركة، والتزامها بها - حتى تراجع الرئيس ترامب عنها في ولايته الأولى - على استعدادها لإغلاق جميع الطرق أمام امتلاك إيران سلاحاً نووياً محتملاً من خلال الدبلوماسية السلمية والرقابة الدولية الصارمة على برنامجها.
إن "إسرائيل" لطالما امتلكت الأسلحة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط. وقد اكتسبت تلك القوة النووية سراً، خارج أي نظام رقابة دولية، وجزئياً بسرقة مواد نووية من الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فإن جزءاً من مبرراتها لعدوانها على إيران يتمثل في مجرد احتمال أن تحصل إيران يوماً ما على سلاح لم تمتلكه قط، وأنها أبدت استعدادها للتخلي عنه مقابل علاقات تجارية وسياسية طبيعية مع دول أخرى.
على أي حال، فإن الهجوم الإسرائيلي يأتي بنتائج عكسية في ما يتعلق بمنع الانتشار النووي، كما كانت الحال في حادثة سابقة هاجمت فيها "إسرائيل" منشأة نووية تابعة لدولة أخرى. إنّ الطبيعة السرية للبنية التحتية النووية الإيرانية الرئيسية، والمعرفة التي سيحتفظ بها العلماء الإيرانيون، تحد بشدة من مدى تأثير أي غارات جوية إسرائيلية على برنامج إيران. في غضون ذلك، فإن أي هجوم مسلح من قبل عدو أجنبي يعزز أي أصوات في طهران تجادل بأن إيران بحاجة إلى تطوير سلاح نووي كرادع.
أما في ما يتعلق بالصواريخ الباليستية، التي ذكرتها "إسرائيل" أيضاً كهدف، فلم يتم إثبات أن إيران هي الوحيدة من بين كل القوات المسلحة في الشرق الأوسط التي تمتلك هذه القدرة. ويصدق هذا بشكل خاص على أن "إسرائيل" هي صاحبة أكبر قدرة على إطلاق ذخائر فتاكة من الجو عن بُعد.
ليس كبح القدرات العسكرية الإيرانية الدافع الوحيد، ولا حتى الرئيسي، لحكومة بنيامين نتنياهو لمهاجمة إيران. فلطالما كان تعزيز أقصى درجات العزلة والكراهية لإيران هدفاً رئيسياً للسياسة الخارجية الإسرائيلية، بهدف إضعاف منافس إقليمي، وصرف الانتباه عن أفعال "إسرائيل" المزعزعة للاستقرار، ومنع التقارب بين إيران والداعم الرئيسي لها، الولايات المتحدة.
ولتحقيق هذه الأهداف، عارضت "إسرائيل" تقريباً أي دبلوماسية مع إيران. ولا شك أنّ تقليل احتمالية أن تُسفر المفاوضات الأميركية- الإيرانية الحالية عن اتفاق نووي جديد كان دافعاً إسرائيلياً وراء الهجوم.
ولدى نتنياهو دوافع إضافية تتعلق بحاجته إلى استمرار الحرب إلى أجل غير مسمى للحفاظ على ائتلافه اليميني المتشدد في السلطة، وتأجيل مواجهة تهم الفساد كاملةً. ومع اقتراب المذبحة في غزة من ذروتها، بدا له بدء حرب جديدة ضد إيران أمراً جذاباً.
تشير بعض التقارير الصحفية إلى أنّ ترامب ومستشاريه كانوا على علم بقرب الهجوم الإسرائيلي. على أي حال، كانت هناك مؤشرات كافية على هجوم وشيك كان يجب عليهم معرفته. كان الرد الأميركي المناسب الوحيد هو بذل كل ما في وسعه لثني الإسرائيليين عن الهجوم. ولا نعلم إن كانت الإدارة قد فعلت ذلك.
من بين العواقب المباشرة للعدوان الإسرائيلي أنّ الناس، بمن فيهم الأبرياء، سيموتون، أو قُتلوا بالفعل. سيموت المزيد نتيجةً للرد الإيراني الحتمي. ورغم الجهود الأخيرة التي بذلتها الولايات المتحدة لتقليل تأثرها بالرد من خلال إجلاء بعض الأفراد من المنطقة، فمن المرجح أن يكون بعض القتلى أو المصابين أميركيين.
في طهران، لقد تعرضت احتمالات نجاح المفاوضات النووية الحالية لضربة قوية، ومخاطر التصعيد إلى حرب أوسع نطاقاً كبيرة، وتتضمن بعض السيناريوهات المحتملة مشاركة القوات الأميركية.
من دون إدانة أميركية قوية للهجوم، ستشارك الولايات المتحدة في الاستهجان الدولي الذي تستحقه "إسرائيل" بجدارة.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.