"الغارديان": الغزّيون بحاجة إلى أفعال لا إلى أقوال
تواجه "إسرائيل" إدانة دولية متزايدة، لكن هذا لا يكف لإدخال المساعدات وتحقيق وقف إطلاق النار.
-
"الغارديان": الغزّيون بحاجة إلى أفعال لا إلى أقوال
هيئة تحرير صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر مقالاً يسلط الضوء على الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزّة نتيجة الحرب والحصار الإسرائيلي، لافتاً إلى التهديد بالمجاعة الذي يواجهه آلاف الأطفال الفلسطينيين، وفشل المجتمع الدولي، وخاصة الدول الغربية، في اتخاذ إجراءات كافية لوقف المعاناة.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
يخشى مسؤول الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر من تعرّض آلاف الأطفال للموت الوشيك في قطاع غزّة، ما لم تصلهم المساعدات الإنسانية الملحّة، بينما يحذّر بنيامين نتنياهو من أن يرى السياسيون الأجانب صوراً كثيرة للأطفال الفلسطينيين وهم يموتون جوعاً.
وبعد شهرين من انقطاع الإمدادات بالكامل، تنفي الحكومة الإسرائيلية الحقيقة الواضحة، وهي أنّ غزّة على شفا المجاعة. وكان نتنياهو قد كشف حين أعلن في أوّل الأسبوع الجاري عن استئناف تسليم الحدّ الأدنى من المساعدات، أنّ "أعظم أصدقاء إسرائيل في العالم"، أعلموه أنّهم لا يستطيعون "قبول صور المجاعة الجماعية". وسمح ردّ نتنياهو الساخر تماماً، لحفنة قليلة من الشاحنات بالعبور إلى القطاع.
وبحسب ما ورد، سيجري الآن السماح بمرور 100 شاحنة يوميّاً، وهي غير كافية بشكل صارخ، نظراً للنطاق الهائل للاحتياجات، كما يجعل الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً محفوفاً بالمخاطر وصعباً على أيّ حال وسط الهجوم الإسرائيلي المكثّف والمستمرّ، في وقت تعهّد فيه نتنياهو بأنّ "إسرائيل" ستسيطر على غزّة كلّها.
يُظهر ما قاله نتنياهو أنّ حلفاءه الغربيين يمكنهم تغيير السلوك الإسرائيلي، لكنّهم غير مستعدين بما فيه الكفاية للقيام بذلك، بينما استمرار تدفّق الإمدادات العسكرية يتيح لنتنياهو البقاء سياسياً، ويضمن استمرار الحرب التي قتلت أكثر من 53,500 فلسطيني، مع أنّ المراقبين يقولون إنّ العدد الحقيقي للضحايا قد يكون أكبر من هذا الرقم بكثير.
وأخيراً بدأ المسؤولون الغربيون بالتحرّك، بينما يتضوّر الفلسطينيون جوعاً، وتتكشف ضخامة الخطّة الإسرائيلية، حيث وصفت حكومات بريطانيا وفرنسا وكندا الأوضاع في غزّة بأنّها لا تطاق وهدّدت بمزيد من الإجراءات "الملموسة" إذا استمرّت الحملة الإسرائيلية "الفظيعة" ولم ترفع القيود المفروضة على دخول المساعدات إلى القطاع. لكنّ نتنياهو اتّهم المنتقدين بأنّهم "يقدّمون جائزة ضخمة"، لحركة "حماس" على هجومها في الـ7 من أكتوبر 2023.
وفي بيان منفصل أدانت 23 دولة من بينها أستراليا ونيوزيلندا حصار المساعدات والهجوم الإسرائيلي. كما أطلقت المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء مراجعة للعلاقات التجارية مع "إسرائيل". بينما يحتجّ أقارب الأسرى الإسرائيليين مرّة أخرى من أجل وقف إطلاق النار وتبادل المعتقلين والأسرى، كما انتشر الغضب بين السياسيين الإسرائيليين، حيث قال يائير غولان زعيم "الديمقراطيين" إنّ "إسرائيل في طريقها لتصبح دولة منبوذة".
ولم يكن تزايد الإدانات لـ"إسرائيل" مدفوعاً فقط بالمعاناة الفظيعة للفلسطينيين في غزّة وبدعوات وزراء حكومة نتنياهو الصريحة للتطهير العرقي، ولكن أيضاً من خلال التباعد المستجدّ بين نتنياهو والإدارة الأميركية. كذلك لم يكلّف دونالد ترامب نفسه عناء التوقّف في "إسرائيل" في جولته الشرق أوسطية، بينما تجاوز مصالح الدولة الصهيونية مراراً وتكراراً في سوريا ومع الحوثيين وإيران.
ومع أنّ ترامب شجع نهج الإبادة الجماعية الذي تتبعه الحكومة الإسرائيلية، وسيكون سعيداً برؤية غزّة من دون فلسطينيين، لكنّه قد يكون سئم من الصراع. وبحسب ما ورد، فقد اتّصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، بنتنياهو 3 مرّات في غضون 24 ساعة، بسبب منع دخول المساعدات الإنسانية. مع ذلك لم يظهر سوى عائد محدود لجهود روبيو مع عدم توقّع حصول مبالغة في النهج الإسرائيلي، فما يزال الدعم الأميركي المذهل لـ"إسرائيل" مستمرّاً، حتّى عندما تفكّر الحكومات الغربية والناخبون الأميركيون مرّة أخرى.
أدان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، التصريحات "المقزّزة" للوزير الإسرائيلي المتطرّف بتسلئيل سموتريتش. لكنّ تعليق المحادثات التجارية ليس بداية. وينطبق الأمر نفسه على معاقبة الناشطين المستوطنين. وكان ديفيد كاميرون قد قال إنّه أراد حين كان وزيراً للخارجية، فرض عقوبات على السيد سموتريتش وزميله إيتمار بن غفير في العام الماضي.
ينبغي على المملكة المتحدة أن تحذو حذو فرنسا، التي قالت إنّها "عازمة" على الاعتراف بدولة فلسطينية. والأهم من ذلك كلّه، ينبغي عليها ضمان عدم وصول أيّ أسلحة، بما في ذلك قطع غيار طائرات "إف-35" إلى "إسرائيل". وبغير ذلك تكون متواطئة في الجرائم الإسرائيلية.
لدى الولايات المتحدة القدرة على وقف المذبحة وتحقيق وقف إطلاق بات أكثر من ضرورة. كما أنّ ضغط الحلفاء الغربيين الآخرين قد يحدث فرقاً، إذا كانوا فعلاً يهتمّون بإنقاذ الأرواح، ولا يتمظهرون بذلك فقط. فقد حان الوقت لاتّخاذ إجراءات حاسمة، والفلسطينيون في غزّة يحتاجون إلى الأفعال لا إلى الأقوال.
نقله إلى العربية: حسين قطايا.