"تشاتام هاوس": الهجمات الأميركية لن تردع اليمن

ازدادت قوة القوات المسلحة اليمنية خلال العام الماضي، والغارات الجوية لن تردع هجماتهم على سفن الشحن في البحر الأحمر، ولن تؤثر على طهران.

0:00
  • مواطن يمني يقف على أنقاض منزل يتفقد الأضرار في منطقة تضررت بغارة جوية أميركية في صنعاء (أ ف ب)
    مواطن يمني يقف على أنقاض منزل يتفقد الأضرار في منطقة تضرّرت بغارة جوية أميركية في صنعاء (أ ف ب)

المعهد الملكي للشؤون الدولية "تشاتام هاوس" ينشر مقالاً يتناول فيه الضربات الأميركية على اليمن.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرّف:

كانت الضربات الجوية الأميركية على اليمن ضدّ الحوثيين منذ أيام، هي الأعنف منذ بدء العمليات الجوّية المشتركة بين الولايات المتحدة وبريطانيا ضدّ هذا البلد في كانون الثاني/يناير في العام 2024. والهجوم الحالي في ظلّ إدارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة، يهدف إلى إرسال رسالة واضحة إلى طهران بأنّ واشنطن ستعتبر أنّ "كلّ طلقة يطلقها الحوثيون على أنّها أطلقت من أسلحة إيرانية وبأوامرها".

ولم يكن ربط ترامب الصريح للحوثيين بإيران مفاجئاً. ومنذ 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، تزايدت أهمّية الحوثيين داخل محور المقاومة الذي تقوده إيران. وقد شنّت الجماعة مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة على سفن في البحر الأحمر وضدّ "إسرائيل"، وشكّلت عنصراً مهمّاً في ردّ محور المقاومة على الحرب الإسرائيلية على غزّة.

تعزّزت مكانة الحوثيّين في محور المقاومة خلال العام الماضي، ومع استمرار تشرذم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، لا تزال القوة السياسية والعسكرية للحوثيين مهيمنة. وقد سمح لهم استعراض قوتهم في البحر الأحمر بترسيخ وجود عالمي. كما أنّ هجماتهم على الشحن، التي يعتبرونها مساندة وتضامناً مع الفلسطينيين، أحرجت الأنظمة العربية التي يثير تقاعسها النسبي عن نجدة غزّة استياء شعوبها.

ومن الخطأ وصف الجماعة بأنّهم مجرّد امتداد لإيران. ولا يمكن لهذا التصوّر أن يشكّل أساساً لسياسة فعّالة.

هناك اختلافات بين المصالح الإيرانية والحوثية. وقد أظهر الحوثيون على وجه الخصوص تساهلاً أكبر بكثير بوجه المخاطر من طهران. وبعد 7 تشرين الأوّل/أكتوبر 2023، كانت إيران متشكّكة في شنّ الحوثيين لهجمات في البحر الأحمر، خوفاً من التصعيد ومع ذلك استمرّ الحوثيون، وغضّوا الطرف عن ذلك. إنّ تحمّلهم العالي للمخاطر مدفوع بالثقة المفرطة الناجمة عن هيمنتهم داخل اليمن وقدرتهم على مقاومة سنوات من الضربات السعودية والإماراتية، وبعيقدتهم المتشدّدة والتوسّعية. في المقابل، كانت إيران حريصة على مرّ السنين على معايرة استفزازاتها وتجنّب المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة و"إسرائيل".

وإذا انهارت الهدنة في اليمن، فإنّ احتمال تجدّد هجمات الحوثيين ضدّ السعودية والإمارات سيزداد، ممّا يهدّد بمزيد من زعزعة استقرار المنطقة، ومن دفء العلاقات بين طهران والرياض مؤخّراً.

تأثير ترامب

وصول إدارة ترامب الثانية يغيّر المعادلة بشكل أكبر. أعلن الحوثيون بوضوح أنهم سينتقمون من أولئك الذين يصنّفون جماعة "أنصار الله" منظمة إرهابية أجنبية الذي أعلنته واشنطن في كانون الثاني/يناير هذا العام.

وفي حال أدّى ذلك إلى تعليق واردات الوقود عبر ميناء الحديدة وهو واحد من 4 مصادر رئيسية لمداخيل الحوثيين، فمن المرجّح أن يتخلّوا عن التزامهم بهدنة فعلية عبر الحدود مع السعودية.

كما سيجبر تصنيف المنظمات الإرهابية الحوثيين على توجيه اقتصادهم بعيداً عن المصارف الرسمية ونحو الآليّات غير الرسمية، بما في ذلك الصرافة وأنظمة الحوالات. كما أنهم بالفعل مستثمرون مهمّون في عالم العملات المشفّرة.

في أسوأ السيناريوهات، سيكون هناك استئناف للأعمال العدائية المباشرة بين الحوثيين والسعودية، مع أنّه لا يزال يحاول كلا الجانبين تجنّب خرق الهدنة، ولكن من الناحية العملية قد يكون من يطلق النار أوّلاً في نهاية المطاف غير ذي أهمّية، خاصة إذا استخدمت الولايات المتحدة المجال الجوّي السعودي لضرب اليمن.

ومن غير المرجّح أن تردع الضربات الجوّية والبحرية الأميركية واسعة النطاق الحوثيين، الذين سيستغلّون مجدّداً التضاريس الجبلية في اليمن للاختباء تحت الأرض. ولديهم بنى ​​تحتية موزّعة بالفعل في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق الحضرية الكثيفة.

كذلك، إنّ التأثير الرئيسي للضربات هو في زيادة احتمالية تكثيف الحوثيين هجماتهم على السفن الأميركية والغربية واستئناف هجمات الطائرات المسيّرة والصواريخ ضدّ "إسرائيل". كما، يتوجّب على واشنطن أن تتجنّبَ التَحَرُّك في اليمن من دون التنسيق على الأقلّ مع حلفائها الإقليميين في المنطقة، وتحديداً الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، لأنّ البلدين شهدا حرباً فاشلة ضدّ الحوثيين، حيث "الاستراتيجيات" لا تنجح مع الجماعة، وفي اليمن بشكل عام.

كذلك، من غير المرجّح أن تردّ إيران بشكل مباشر. إذا كان الهدف من الضربات هو إجبار طهران على الجلوس إلى طاولة المفاوضات، فمن المحتمل ألّا ينجح هذا المسعى، وبدلاً من ذلك ستكون طهران مضطرّة للاستمرار، إن لم يكن زيادة دعمها للحوثيين باعتبارهم العضو الوحيد السليم إلى حدّ كبير في محور المقاومة الذي ترعاه.

وإذا كانت إدارة ترامب تريد حقّاً إضعاف الحوثيين وهزيمتهم، فعليها أن تبدأ بجهد حقيقي طويل الأمد لدعم السلام المستدام في اليمن.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.