"ذي إنترسبت": ترامب وهاريس متفقان على إرسال مزيد من القنابل إلى"إسرائيل"

خلال المناظرة الرئاسية، ناضل المرشحان من أجل التفوق على بعضهما البعض بشأن الحفاظ على الوضع الراهن الدموي الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط.

0:00
  • ترامب وهاريس في مناظرتهما الأولى
    ترامب وهاريس في مناظرتهما الأولى

موقع "ذي إنترسبت" الأميركي ينشر مقالاً للكاتب سنجيف بيري، يتحدث فيه عن التوافق بين المرشحيْن الرئاسييْن الأميركييْن كامالا هاريس ودونالد ترامب، في ما يخص دعم "إسرائيل" والتوصل إلى تطبيع العلاقات بين الاحتلال والسعودية، الأمر الذي عدّه كاتب المقال بمنزلة المسمار الأخير الذي يُدق في نعش تضامن الحكومات العربية مع الفلسطينيين.

أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:

خلال المناظرة الرئاسية التي جرت الليلة الماضية، وفي ظل استمرار الحرب على غزة، تجادلت نائبة الرئيس كامالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب حول الشخص الأكثر تأييداً لـ"إسرائيل" ومعاداةً لإيران. وبعد التأمل في أن تقدم هاريس شيئاً مختلفاً للناخبين الأميركيين، أكدت هذه المناظرة الوضع الراهن القاتم؛ فبغض النظر عن هوية الرئيس المنتخب، ستظل الولايات المتحدة منخرطة بشكل كبير في دائرة العنف والقمع السائدة في منطقة الشرق الأوسط.

وفي ما يتعلّق بـ"إسرائيل"، أكدت هاريس خلال المناظرة التزامها بمساعدة "إسرائيل" في "الدفاع عن نفسها"، وهو خطاب هاريس عن استمرار التفويض المطلق للدعم العسكري الأميركي لـ"إسرائيل". وبناءً عليه، يقوّض موقف هاريس المتكرر، والوارد حالياً على موقع الإنترنت الخاص بحملتها الانتخابية، الآمال التي قد بناها الكثير من الناخبين الديمقراطيين على إدارة هاريس المستقبلية التي من شأنها إعطاء الأولوية لإنهاء حرب "إسرائيل" في غزة. 

وقد حاول ترامب التغلّب عليها من خلال الادعاء بأنّ هاريس "تكره إسرائيل" وأنها ستدمر البلاد. وفي أحد تصريحاته السخيفة المتعددة التي أطلقها تلك الليلة، قال: "في حال أصبحت هاريس رئيسة للبلاد، فإن زوال إسرائيل سيكون في غضون سنتين". فردّت هاريس بتأكيد نواياها الحسنة المؤيّدة لـ"إسرائيل"، قائلةً: "لطالما كان دعم إسرائيل والشعب الإسرائيلي جزءاً من مسيرتي المهنية".

وتحدّثت هاريس بعبارات التعاطف مع الفلسطينيين في غزة، معلنةً مرةً جديدة أنّ "عدداً كبيراً جداً من الفلسطينيين الأبرياء قد قتلوا". وذهبت إلى حد القول إنّه "لا بدّ لهذه الحرب أن تنتهي على الفور، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن". 

إلّا أنّ هذه التصريحات لن تكون ذات أهمية إذا كانت سياسة هاريس الأساسية تقوم على الحفاظ على الدعم العسكري الأميركي لـ"إسرائيل". وما دامت هاريس ملتزمة بتسليح "إسرائيل"، فإنها لا تملك أي نفوذ يمكنها من خلاله إنهاء الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" بحق الفلسطينيين.

تعتمد الهيمنة العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط على ثلاث علاقات وهي التحالف مع "إسرائيل"، والتحالفات مع الدول النفطية في الخليج، والعداء تجاه إيران. وتعزز هذه العلاقات الثلاث بعضها بعضاً، وتبقي الولايات المتحدة حبيسة التدخل العسكري الدائم في جميع أنحاء المنطقة. ولهذا السبب تضغط "إسرائيل" بشكل خاص من أجل الصراع الأميركي مع إيران. ومع غياب الأعمال العدائية بين الولايات المتحدة وإيران، قد يتساءل المزيد من الأميركيين عمّا إذا كانت الولايات المتحدة بحاجة إلى التحالف مع "إسرائيل".

وخلال مناظرتهما الليلة الماضية، أكّد كل من هاريس وترامب  تصميمهما المشترك على استخدام القوة العسكرية الأميركية ضد إيران.

وقالت هاريس في هذا السياق: "سأمنح إسرائيل دائماً القدرة على الدفاع عن نفسها بشكل خاص في ما يتعلق بإيران وأي تهديد تشكله إيران ووكلاؤها عليها". وهاجم ترامب مرة جديدة من اليمين وألقى اللوم على الرئيس جو بايدن وهاريس لضعفهما في ما يتعلق بإيران، قائلاً إنّ "إيران كانت مفلسة في عهد دونالد ترامب ... واليوم أصبحت دولة غنية"، على الرغم من أنّ إدارة بايدن لم تغير بشكل كبير العقوبات المفروضة على إيران بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي في عهد أوباما. ثم ذهب ترامب إلى أبعد من ذلك وحاول القول، بما يتناقض مع الأدلة، بأنّ هجمات حماس ضد "إسرائيل" وتصرفات الحوثيين في اليمن جاءت نتيجة تدليل بايدن وهاريس لإيران.

لكن التحالف الأميركي مع الأنظمة الملكية النفطية في الخليج لم يُذكر على الإطلاق. وهذا يمثل تحولاً جذرياً عن سياسة عام 2020، عندما شعر بايدن بالحاجة إلى وصف حكومة المملكة العربية السعودية بـ"المنبوذة". فعداء بايدن للسعودية، الذي تم تجاهله منذ فترة طويلة، يعود إلى قتل المملكة المعارض السعودي جمال خاشقجي وتعامل إدارة رامب مع المستبدين في الشرق الأوسط. 

وما يعنيه السكوت عن هذا الموضوع اليوم هو أنّ حملتي ترامب وهاريس قد تتفقان على الحفاظ على تحالفات أميركية وثيقة مع المملكة العربية السعودية والدول النفطية الأخرى في المنطقة، وهي سياسة دمّرت الحياة البشرية مثل تحالف الولايات المتحدة و"إسرائيل". وخلال عهد كل من أوباما وترامب وبايدن، استخدمت المملكة العربية السعودية ومعها الإمارات العربية المتحدة الأسلحة الأميركية لقتل آلاف المدنيين اليمنيين في حربهما على اليمن. وقد تدخلت هاتان الدولتان مراراً للحؤول دون إرساء الديمقراطية في المنطقة. 

وفي صميم هذا الواقع، تكمن حقيقة بشعة لا يريد الكثير من الديمقراطيين الاعتراف بها وتتجلى في تنفيذ إدارة بايدن-هاريس سياسة ترامب الخارجية الأساسية والعمل على التوسع في اتفاقيات "أبراهام". وهي اتفاقيات أدّت إلى تهميش الفلسطينيين من خلال ضمان الاعتراف الدبلوماسي بين "إسرائيل" وعدد من الأنظمة الملكية في المنطقة، مثل الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.

وبالتالي، سيكون سعي بايدن للتوسع في اتفاقيات "أبراهام" التي أبرمها ترامب من خلال ضمان الاعتراف السعودي الرسمي بـ"إسرائيل" بمنزلة المسمار الأخير الذي يُدق في نعش تضامن الحكومات العربية مع الفلسطينيين. ومن المرجح أن يكون هذا الأمر قد شكّل عاملاً رئيساً في قرار حماس بمهاجمة "إسرائيل" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر. 

تمثل جهود بايدن الرامية إلى تأمين اتفاق اعتراف متبادل بين المملكة العربية السعودية و"إسرائيل" الإجماع النهائي في واشنطن. ويُعد الاعتراف المتبادل بين السعودية و"إسرائيل" بنداً رئيساً في أجندة "مشروع 2025" للحركة المحافظة. وفي نهاية المطاف، كشفت المناظرة الرئاسية التي جرت الليلة الماضية عن مدى تشابه كلا المرشحين في السياسات التي تحافظ على الهيمنة العسكرية الأميركية على منطقة الشرق الأوسط وترسّخ الوضع الراهن الدموي، على الرغم من خلافتهما حول السياسة الداخلية.

نقلته إلى العربة: زينب منعم.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.