"فايننشال تايمز": حرب "إسرائيل" الأبدية تُرهق جيشها إلى أقصى حد
جنود الاحتياط في "الجيش" الإسرائيلي يحذّرون من استنزاف متزايد مع اقتراب "إسرائيل" من صراع شامل متجدد في غزة.
-
"فايننشال تايمز": حرب "إسرائيل" الأبدية تُرهق "جيشها" إلى أقصى حد
صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية تنشر تقريراً يناقش تأثير الحرب المستمرة على "الجيش" الإسرائيلي وجنود الاحتياط، الذين استنزفوا ويظهرون معارضتهم لاستئناف الحرب.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، حزم إيتاي مارينبرغ حقيبته، وقبّل زوجته وابنتيه الصغيرتين، وخرج للقتال. أصبح واحداً من نحو 300 ألف جندي احتياطي إسرائيلي تم تجنيدهم في بداية الحرب، حيث خدموا لمدة 200 يوم في ثلاث جولات قتالية في غزة، مع توقع المزيد في وقت لاحق من هذا العام في ظل حملة برية متعددة الجبهات في جنوب لبنان وسوريا والضفة الغربية المحتلة.
قالت زوجته، تشين أربيل مارينبرغ، التي ساعدت في تأسيس منتدى زوجات جنود الاحتياط غير الربحي لتقديم الدعم لعشرات الآلاف من العائلات مثل عائلتها: "قيل لنا أن نستعد لخمس سنوات من القتال العنيف".
مع تجديد "إسرائيل" هجومها على قطاع غزّة هذا الأسبوع، يواجه إيتاي وآلاف جنود الاحتياط الآخرين في "الجيش" الإسرائيلي احتمال العودة الفورية إلى الحرب. هدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس الأركان في "الجيش" الإسرائيلي الجديد إيال زامير بمتابعة حملتهما الجوية في غزة بهجوم بري جديد شرس إذا رفضت حماس إطلاق سراح المزيد من الأسرى الإسرائيليين.
ومع ذلك، فمن غير الواضح إلى أي مدى يمكن للقوات المسلحة الإسرائيلية أن تتحمل. ففي معظم حروبها، اختارت "إسرائيل" خوض حروب قصيرة وحاسمة، حيث كانت معظم الحملات تقاس بالأيام والأسابيع، لتقليل العبء على جنود الاحتياط الذين ستستدعيهم لتعزيز "الجيش" النظامي.
ومع عدم وجود نهاية في الأفق، بدأ محللو الدفاع وجنود الاحتياط في التحذير من استنزاف متزايد في القوة المقاتلة، مع توقف الوظائف والأسر والحياة.
كما يشيرون إلى خيبة أملهم في أهداف نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، الذين استبعدوا إنهاء القتال، على الرغم من الضغط الشعبي للتوصل إلى اتفاق لإعادة الأسرى المتبقين؟
قال عاموس هاريل، محلل الشؤون الدفاعية في صحيفة "هآرتس" إنّه "للمرة الأولى منذ بداية الحرب، قد يكون هناك احتمال لعدم التحاق بعض جنود الاحتياط بالخدمة". وأضاف: "قد تتفاقم هذه المشكلة إذا لم يكن هناك إجماع حول الحرب".
زامير، قائد دبابة سابق، حذّر أثناء توليه منصب نائب رئيس أركان "الجيش" الإسرائيلي في عام 2021، من توجه "إسرائيل" نحو قوة قتالية "أصغر وأذكى" تعتمد على التكنولوجيا والقوة الجوية والقوات الخاصة. وجادل بأنّ "إسرائيل" تحتاج بدلاً من ذلك إلى "كتلة حرجة" من القوات لخوض ما قد يكون في المستقبل "حملة ثقيلة وطويلة ومتعددة الجبهات". وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال: "سيكون عام 2025 عام حرب".
في "إسرائيل"، يُلزم معظم الرجال والنساء اليهود بالتجنيد في "الجيش" لمدة تتراوح بين عامين وثلاثة أعوام عند بلوغهم سن 18 عاماً. وبعد ذلك، يستمر الكثيرون في الاحتياط، مع وجود ما يقدر بنحو 450 ألف جندي على أهبة الاستعداد لتكملة "الجيش" النظامي الذي يبلغ قوامه نحو 170 ألف جندي. ولكن، قبل الحرب الحالية، قال تشين إنّ "اتفاق جنود الاحتياط مع الجيش الإسرائيلي كان الخدمة 30 يوماً في السنة".
وفقاً لأرقام "الجيش" الإسرائيلي، قُتل أكثر من 800 جندي وجُرح نحو 6000 منذ بدء الحرب، ويرى بعض المحللين أنّ الرقم الأخير أعلى عند احتساب الصحة النفسية واضطراب ما بعد الصدمة.
يجادل المسؤولون العسكريون الإسرائيليون بأنّ هناك حاجة إلى 10000 جندي إضافي، وخاصة ألوية مدرعة ومشاة جديدة، من أجل خوض المعارك الحدودية والاحتفاظ "إلى أجل غير مسمى" بالمناطق العازلة داخل الأراضي المجاورة.
وستواجه خطط توسيع "الجيش" تحدياً أكبر: مسألة ما إذا كان سيتم تجنيد الشباب اليهود الأرثوذكس (الحريديم) أم لا. تم إعفاء الأرثوذكس المتطرفين، الذين يشكلون نحو 14% من السكان، من الخدمة العسكرية منذ تأسيس "إسرائيل"، وهي سياسة واجهت مقاومة متزايدة حتى قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر.
أوضح نتنياهو، الذي يعتمد ائتلافه على حلفاء الحريديم، أنّ حكومته لا تنوي تجنيد الأرثوذكس المتطرفين قسراً. لم يلتحق سوى بضع مئات من الرجال الحريديم خلال العام الماضي، من أصل أكثر من 10,000 أمر تجنيد أصدره "الجيش" الإسرائيلي، وفقاً للأرقام الرسمية.
ووفقاً لاستطلاع رأي أجراه منتدى زوجات جنود الاحتياط في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قال نحو 80% من المشاركين إنّ دافعهم للخدمة قد تراجع منذ بداية الحرب بسبب نقص التجنيد الإجباري للحريديم والصعوبات الشخصية.
وقال العديد من جنود الاحتياط الذين تحدثوا لصحيفة "فيننشال تايمز" إنهم الآن أكثر عرضة للتغيب عن التدريب أو الخدمة العملياتية لأسباب شخصية.
وقال محلل الشؤون الدفاعية هاريل، إنّ مسار الحرب من المرجح أن يزيد من حدة الغضب. تُظهر استطلاعات الرأي أن أكثر من 60% من الإسرائيليين يريدون من نتنياهو إبرام صفقة، حتى لو كان ذلك يعني إنهاء الحرب. مع ذلك، تعهد رئيس الوزراء، تحت ضغط من حلفائه السياسيين اليمينيين المتطرفين، بعدم وقف القتال حتى القضاء على حماس، فيما تقول أحزاب المعارضة وعائلات الأسرى إن التصعيد سيُعرّض حياتهم في غزة للخطر، مُجادلةً بأن الحرب تُسيّس لضمان بقاء ائتلاف نتنياهو.
وأدّت محاولة نتنياهو الأسبوع الماضي إقالة رئيس جهاز المخابرات الداخلية إلى تعميق الاضطرابات الداخلية، مُجددةً المخاوف من أزمة دستورية دفعت آلاف جنود الاحتياط إلى تعليق خدمتهم احتجاجاً قبل هجوم 7 أكتوبر.
في الأيام الأخيرة، أعلن ملاح وضابط مخابرات في سلاح الجو تعليق خدمتهما الاحتياطية، حيث قال الأخير إنه لن يشارك في حرب لا تخدم "مصلحة شعب إسرائيل". وقد تم تسريح كليهما.
نقلته إلى العربية: بتول دياب.