"فوربس": أوروبا تبحث عن بدائل لحلف شمال الأطلسي
بينما يواصل دونالد ترامب الضغط على "الناتو"، تفكّر أوروبا في خطة بديلة.
-
"فوربس": أوروبا تبحث عن بدائل لحلف شمال الأطلسي
مجلة "فوربس" الأميركية تنشر تقريراً يناقش القلق الأوروبي المتزايد من تراجع موثوقية الولايات المتحدة داخل حلف الناتو، خاصة في حال عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، وتأثير ذلك على أمن أوروبا الشرقيّة والبلطيق.
في ضوء هذا القلق، يستعرض النص مقترحات وخططاً بديلة لتعزيز الأمن الأوروبي، خصوصاً فكرة إنشاء تحالف إقليمي بديل يضمّ دول بحر البلطيق والدول الإسكندنافية، يمكن أن يتحوّل مستقبلاً إلى كيان دفاعي يُكمّل أو يُعوّض الناتو في حال تدهوره.
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
لا عجب أنّ القادة في جميع أنحاء القارة بدأوا يفكّرون في الخطة البديلة. ترامب ليس مضطراً للانسحاب من الناتو، كما هدّد مراراً وتكراراً على مرّ السنين. إنه بالفعل يُدمّر الثقة التي جعلت التحالف عبر الأطلسي فعّالاً للغاية، إذ حمى أعضاءه وردع أعداءه خلال الحرب الباردة وما بعدها.
من بين هذه الخطط البديلة ما يُسمّى بـ" تحالف الراغبين"، الذي تشكّل لدعم أوكرانيا بعد لقاء ترامب العنيف في المكتب البيضاوي مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ومن أهدافه: استمرار المساعدات العسكرية لكييف، وتشديد المفاوضات مع الكرملين، وتحقيق سلام عادل ودائم، تضمنه "قوة طمأنة" أوروبية متمركزة على الأراضي الأوكرانية.
انتقد وزير الخارجية الليتواني السابق جابرييل لاندسبيرجيس بشدة هذه الجهود. وتساءل في منشور إلكتروني نُشر مؤخّراً: "لماذا يصعب إيجاد دليل على أنّ تحالف الراغبين مستعدٌّ بالفعل لفعل أيّ شيء ذي معنى، ناهيك عن إحداث تغيير جذري؟". وأوضح لي أنّ فرضية المجموعة ليست خاطئة، قائلاً: "نشهد عالمنا ينهار. لكن لا بدّ من القيام بشيء لدرء هذا التهديد".
وتبدأ الخطة البديلة التي وضعها لاندسبيرجيس بمنطقته الأصلية، دول البلطيق، التي كانت من بين الدول الأكثر ثباتاً في تحذير العالم من العدوان الروسي وتقديم المساعدات لأوكرانيا.
بعد أن استحوذ عليها الاتحاد السوفياتي في نهاية الحرب العالمية الثانية، واحتلها لما يقرب من 50 عاماً، حتى عام 1991، تُدرك دول البلطيق الثلاث، إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، الإمبريالية الروسية أفضل من أيّ دولة أخرى تقريباً، باستثناء أوكرانيا ربما. ووفقاً لمعهد كيل للاقتصاد العالمي، أنفقت هذه الدول الصغيرة الثلاث، إلى جانب الدنمارك، المطلة أيضاً على بحر البلطيق، لدعم أوكرانيا أكثر نسبياً من أيّ دولة أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة (ساهمت دول البلطيق بما يتراوح بين 1.5% و2.2% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما ساهمت الولايات المتحدة بنسبة 0.5% فقط).
هذه الدول الثلاث الصغيرة وحدها، التي يزيد عدد سكانها قليلاً عن ستة ملايين نسمة، لا يمكنها أن تأمل في أن تحلّ محلّ حلف الناتو. لكنّ لاندسبيرجيس يرى أنّ فرصها ستكون أفضل إذا تحالفت مع سبع دول أخرى تطلّ على بحر البلطيق أو تعتمد عليه: فنلندا، والسويد، والنرويج، والدنمارك، وأيسلندا، وبولندا، وألمانيا. جميع هذه الدول العشر تنتمي بالفعل إلى منظمة دولية قائمة، هي مجلس دول بحر البلطيق (CBSS)، والتي يعتقد لاندسبيرجيس والرئيس الإستوني السابق توماس هندريك إلفيس، أحد مؤلّفي تقرير حديث، أنه يمكن إعادة صياغتها وابتكارها كتحالف إقليمي قوي.
يرى الدبلوماسي السابق أنّ مجلس البلطيق "أكثر من مجرّد ائتلاف للراغبين". فهو يتمتع ببنية تحتية تنظيمية جاهزة، فلديه قيادة متناوبة، ومجموعات عمل، وأمانة عامّة، وموظفون. على المدى القصير، سيكون إلى حد كبير منتدى سياسياً يركّز على الاستجابة الشمالية للحرب الروسية الهجينة؛ التخريب، والتضليل الإعلامي، وقطع الكابلات البحرية، وما شابه. ولكن إذا ساءت الأحوال الجوية - إذا استمر حلف الناتو في فقدان قوته ونفوذه - فقد يضطلع بدور أكبر، بما في ذلك تخطيط الدفاع الإقليمي والتنسيق العسكري.
ماذا عن حلف الناتو نفسه؟ أسألُ متشكّكاً: لماذا يُركّز لاندسبيرغيس وغيره من الأوروبيين القلقين على التحالفات الإقليمية؟ أليسوا مجرّد رُقعٍ على سقفٍ منهار؟ ألا يكون من المنطقي إعادة النظر في حلف الناتو؟
لا يُعارض لاندسبيرغيس هذا الرأي. فتقريره الذي يُوصي بإصلاح شامل لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يتسم بروح مُراعاةٍ للاعتبارات، إذ ينصّ على أنه "في نهاية المطاف، ستُتخذ القرارات الأمنية الرئيسية دائماً عبر حلف الناتو والاتحاد الأوروبي". لكنه يُقرّ بأنه وشريكه في إعداد التقرير كانا مُتَّسمَين بالدبلوماسية. وعلى المدى البعيد، يُقرّ بأنه قد تكون هناك حاجةٌ إلى إصلاح أكثر جوهريةً وشموليةً.
المشكلة: لا أحد يرغب في التخلّي عن التحالف إلا للضرورة القصوى. يخشى القادة الأوروبيون مما يسمّيه لاندسبيرغيس "نبوءة تحقّق ذاتها". قد تُؤدي القارة إلى تفكّك التحالف بمجرّد الحديث عنه، مما يُثير غضب ترامب وانسحاباً أميركياً مفاجئاً.
ليس لديه أيّ توقّعات بشأن قمة الناتو المقبلة، المقرّر عقدها في لاهاي نهاية حزيران/يونيو. ويتوقّع أن تُخفي القمة، بدلاً من مواجهة توترات التحالف، الواقع برسالة متفائلة بشأن زيادة الإنفاق العسكري. ومن المتوقّع أن يلتزم جميع الأعضاء الـ 32، باستثناء إسبانيا ربما، بتحقيق هدف ترامب، وهو إنفاق 5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع والبنية التحتية المرتبطة به. ويتوقّع لاندسبيرجيس ساخراً: "سيرفعون يداً كشخص يكاد يكون على قيد الحياة، ويقولون: انظروا، إنها تُلوّح".
أين أوروبا على المدى القريب، مع تصعيد روسيا هجماتها على أوكرانيا وتوسيع وجودها العسكري على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، وزيادة إنفاقها الدفاعي، وبناء قواعد على طول الحدود الفنلندية؟ ربما يكون الحل الوحيد في الوقت الراهن هو خليط من بدائل جزئية للخطة البديلة.
يقول لاندسبيرغيس: "أتحدّث بصفتي شخصاً قلقاً على مستقبل بلدي. علينا أن نكون قادرين على الدفاع عن أنفسنا. إلى متى سنضطر للقتال لو كنّا نقاتل وحدنا؟"
نقله إلى العربية: الميادين نت.