"نيويورك تايمز": تعليقات ترامب بشأن غزة تعكس عزلة "إسرائيل" المتزايدة
لأشهر، تردد أقوى حلفاء "إسرائيل" في الانضمام إلى موجة الاستنكار العالمية للحرب. والآن، يبدو أن حتى إدارة ترامب بدأت تفقد صبرها.
-
رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريراً يتناول تغيّر موقف حلفاء "إسرائيل" التقليديين تجاه الحرب في غزة، مسلطاً الضوء على تصاعد الانتقادات العلنية والدبلوماسية من دول غربية مثل الولايات المتحدة، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، وفرنسا، وكندا، بعد أكثر من 18 شهراً من الحرب.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
على مدار أكثر من 18 شهراً من الحرب في غزة، واجهت"إسرائيل" انتقادات شديدة من القادة الأجانب ومنظمات الإغاثة، لكنها نادراً ما واجهت استنكاراً علنياً متواصلاً، ناهيك عن عواقب ملموسة، من حلفائها المقربين.. حتى الآن.
في الأسابيع الأخيرة، أصبح شركاء مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أكثر استعداداً لممارسة ضغوط علنية على "إسرائيل"، وبلغت هذه الضغوط ذروتها بدعوة الرئيس ترامب يوم الأحد إلى تهدئة الحرب.
وقال ترامب للصحافيين في نيوجرسي قبيل صعوده إلى طائرة الرئاسة: "إسرائيل، لقد تحدثنا معهم، ونريد أن نرى إذا ما كان بإمكاننا وقف هذا الوضع برمته في أسرع وقت ممكن".
تتناقض هذه التعليقات مع الموقف العلني الذي اتخذه ترامب عند توليه منصبه في كانون الثاني/يناير، عندما ألقى باللوم على حماس بدلاً من "إسرائيل"في استمرار الحرب. كما حرص على إظهار جبهة موحدة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
جاء تدخل ترامب الأخير قبل ساعات من تعبير الحكومة الألمانية، الداعمة لـ "إسرائيل" عادةً، عن انتقادها الشديد وغير المعتاد لهجمات "إسرائيل"الموسعة على غزة. وقال فريدريش ميرز، المستشار الألماني الجديد، خلال مقابلة بُثت على التلفزيون يوم الإثنين: "ما يفعله الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة الآن، بصراحة لا أفهم ما هو الهدف من التسبب في مثل هذه المعاناة للسكان المدنيين".
جاء هذا التحول الألماني بعد أيام من تدخل مشابه من الحكومة الإيطالية اليمينية، وهي حليف آخر لـ "إسرائيل" تجنب سابقاً مثل هذه الإدانة الشديدة لـ "إسرائيل". وقال أنطونيو تاجاني، وزير الخارجية الإيطالي، في مقابلة نُشرت على موقع وزارته الإلكتروني: "يجب على نتنياهو وقف الغارات على غزة"، مضيفاً: "نحن بحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن لدى حماس، التي يجب أن تغادر غزة".
بدورها، جاءت هذه التعليقات في أعقاب جهد منسق بين بريطانيا وكندا وفرنسا لانتقاد قرار "إسرائيل"توسيع عملياتها في غزة. وفي بيان مشترك صدر الأسبوع الماضي، قالت الدول الثلاث، التي دعمت على نطاق واسع حق "إسرائيل"في الرد على الهجوم الذي قادته حماس على"إسرائيل" في 7 أكتوبر 2023، إنّ هذا التوسع "غير متناسب إطلاقاً". وحذّرت الدول الثلاث من عواقب وخيمة إذا لم تغير "إسرائيل"مسارها.
ومنذ ذلك الحين، علّقت بريطانيا المفاوضات التجارية مع "إسرائيل". كما فرضت عقوبات على متطرفين إسرائيليين يقودون جهوداً لإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم في الضفة الغربية المحتلة، وهي إحدى أهم خطواتها ضد المصالح الإسرائيلية منذ أن تخلت عن معارضتها العام الماضي لمذكرة التوقيف الصادرة بحق نتنياهو.
وعلى نحو منفصل، تنظم فرنسا مؤتمراً، سيعقد في حزيران/يونيو بالشراكة مع المملكة العربية السعودية، لمناقشة إنشاء دولة فلسطينية، وهي النتيجة التي تعهد نتنياهو بمعارضتها.
مع ذلك، لا تزال جميع هذه الدول، التي أدانت حماس لتنفيذها هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر، تدعم"إسرائيل" بطرق عملية عديدة، ولا سيما من خلال الشراكات العسكرية والاقتصادية والاستخبارية.
تواصل الولايات المتحدة تزويد "إسرائيل" بمليارات الدولارات من المساعدات العسكرية، ما يُسهم في استمرار العمليات العسكرية في غزة. زارت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية، كريستي نويم، "إسرائيل"يومي الأحد والاثنين، حيث التقت بنتنياهو وقادة آخرين، وحضرت حفلاً لتكريم اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية اللذين قُتلا في هجوم بواشنطن الأسبوع الماضي.
ساعدت بريطانيا وفرنسا في حماية "إسرائيل" العام الماضي خلال وابل الصواريخ الباليستية الهائل من إيران، ومن المرجح أن تفعلا ذلك مرة أخرى.
علاوة على ذلك، لا تزالان حذرتين، وقد انتقدتا أحياناً بعض التحركات التي اتخذتها دول أخرى ضد "إسرائيل"، بما في ذلك السعي لاتهامها بالإبادة الجماعية.
لكن التحول في نبرة رسائلهم، إلى جانب بعض القيود العملية البسيطة على المصالح الإسرائيلية، يشير إلى أنّ أقوى شركاء "إسرائيل" بدأوا يفقدون صبرهم تجاه نتنياهو.
حتى الآن، يبدو أنّ "إسرائيل" لم تُبدِ أي رد فعل. رداً على التهديدات الأوروبية، صرّح جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلي، بأنّ "إسرائيل" ستتخذ "إجراءات أحادية الجانب" إذا اتُخذت خطوات أخرى.
في غزة، واصلت القوات الإسرائيلية تقدمها، ويقول مسؤولون إنّ الجيش يسيطر الآن على ما يقرب من 40% من القطاع، ويواصل سلاح الجو الإسرائيلي قصف القطاع، ويتواصل الحصار.
ظلّ نتنياهو مُتحدّياً، مُتّهماً بريطانيا وكندا وفرنسا بـ"تشجيع حماس". في خطابٍ ألقاه الأسبوع الماضي، خاطب قادتهم مُباشرةً، قائلاً: "أنتم على الجانب الخطأ من الإنسانية، وعلى الجانب الخطأ من التاريخ".
داخل "إسرائيل"، اعتُبرت هذه الخطوات خطوةً نحو العزلة الدبلوماسية.
كتب إيتامار آيخنر، المراسل الدبلوماسي، في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وهي صحيفةٌ وسطية، الأسبوع الماضي: "بعد 593 يوماً من الحرب، وصلت "إسرائيل" إلى أدنى مستوياتها الدبلوماسية، فقد بادر بعضٌ من أهمّ أصدقائها في العالم - بريطانيا العظمى وفرنسا وكندا، إلى إصدار بيانٍ يُهدّد إسرائيل بعقوباتٍ إذا واصلت الحرب في غزة".
وأضاف آيخنر: "لم يسبق أن صدر بيانٌ كهذا ضد إسرائيل، يُحوّلها إلى دولةٍ منبوذة"، معتبراً أنّ "الجزء الأكثر إثارةً للقلق: الولايات المتحدة، التي لطالما دافعت عن إسرائيل، ردّت بصمت".
نقلته إلى العربية: بتول دياب.