"نيويورك تايمز": خطة ترامب لغزّة تضع نتنياهو في موقف صعب
لقد ظنّ بنيامين نتنياهو أنّ لديه خطة من الرئيس الأميركي تمثل انتصاراً كاملاً على "حماس"، لكن فجأة، يبدو أنّه قد لا يحصل على كل ما يريده.
-
"نيويورك تايمز": خطة ترامب لغزّة تضع نتنياهو في موقف صعب
صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر مقالاً يتناول الخطة المقترحة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، وردود الأفعال الإسرائيلية والفلسطينية عليها، مع التركيز على موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وتعقيدات المشهد السياسي المحيط بها.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية:
فاز بنيامين نتنياهو بخطة سلام من دونالد ترامب تعده بنصر كامل. وفي رسالة موجهة إلى حركة "حماس" من قبل الرئيس الأميركي، الذي قدّم عرضاً على قاعدة "خذه أو اتركه"، يطلب من الحركة المسلحة إطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المتبقّين في غزّة خلال 72 ساعة، وإلقاء سلاحها، والتخلّي عن أي دور لها في مستقبل القطاع، وإلا ستُمنح "إسرائيل" حرية التصرّف في سعيها لتدمير الحركة.
وفي الأسبوع الماضي، ردّت "حماس" على إنذار جديد من ترامب، وأعلنت عن استعدادها لإطلاق سراح الرهائن جميعهم، لكنّها لم تعلن عن موعد لذلك، وتردّدت في تسليم سلاحها، وقالت إنها تريد "مناقشة تفاصيل" خطة الرئيس ترامب.
لكن بالنسبة لحليف نتنياهو اللصيق، السيناتور ليندسي غراهام، فإنّ رد حركة "حماس" في جوهره "رفض لمقترح الرئيس"، كما كتب في وسائل التواصل الاجتماعي. أمّا بالنسبة لمايكل هرتزوغ، السفير السابق لنتنياهو لدى الولايات المتحدة، فقد كان الأمر بمنزلة "لا متخفّية في صورة نعم"، كما قال في مقابلة صحافية.
مع ذلك، رحّب الرئيس ترامب بإعلان "حماس"، واعتبره موافقة مطلقة. وكتب في مواقع التواصل الاجتماعي: "بناءً على البيان الصادر عن حماس، أعتقد أنهم مستعدّون لسلام دائم، ويجب على إسرائيل أن توقف قصف غزّة فوراً، حتى نتمكّن من إخراج الرهائن بأمانٍ وبسرعة".
انتظر نتنياهو عدة ساعات قبل أن يردّ، حتى فجر يوم السبت الماضي، حيث أعلن عن الاستعداد "للإفراج الفوري عن الأسرى كلّهم". ولم يتطرّق مكتب نتنياهو إلى شروط "حماس"، بل أشار إلى خطة ترامب للسلام، مؤكداً أنّ "إسرائيل" ستتعاون مع البيت الأبيض "لإنهاء الحرب وفقاً للمبادئ التي وضعتها هي، والتي تتوافق مع رؤية الرئيس ترامب". وقد عزّزت احتمالات عودة الأسرى الإسرائيليين ونهاية الحرب الآمالَ في كلٍّ من "إسرائيل" وغزّة، بعد ما يقرب من عامين من الصراع الوحشي المدمّر.
كذلك يجد نتنياهو نفسه الآن تحت ضغطٍ من المخاوف السياسية الداخلية والضغوط الجيوسياسية من الرئيس ترامب ومن الدول الإسلامية والعربية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، في وقتٍ تعاملت فيه دول عديدة مع تطوّرات خطة ترامب واستقبلتها كما لو أنّ السلام قد بدأ بالفعل.
يقول نائب مستشار الأمن القومي السابق في عهد ثلاثة رؤساء وزراء إسرائيليين، إران عتصيون: "سوف يجد نتنياهو نفسه محرجاً والعالم يصفّق له، محتاجاً إلى تفسير معارضته لذلك". وفي خطابٍ مسائي متلفز بعد بيان فجر السبت الماضي، لم يرفض نتنياهو دعوة "حماس" للمفاوضات، بل أوضح رغبته في حصر تلك المحادثات ببضعة أيام فقط، ونيّته الاحتفاظ بخيار اللجوء إلى العمل العسكري في حال امتنعت "حماس" عن إلقاء سلاحها.
مع ذلك، يضيف عتصيون أنّ "دعوة الرئيس ترامب الجيش الإسرائيلي إلى الانسحاب الفوري، على أن تتبعها مفاوضات بين "إسرائيل" وحماس، لم تكن لتلقى ترحيباً من نتنياهو، حيث ستُجرى هذه المفاوضات في ظلّ وقفٍ لإطلاق النار، وهو ما يتعارض مع خطة نتنياهو، الذي أراد أن يتمّ كلّ ذلك تحت ضغطٍ عسكري".
ولقد كان مُرجّحاً أن يهدّد تطوّر الأحداث ائتلاف نتنياهو الحاكم، حيث رسالة الاتفاق لشركائه اليمينيين في الحكومة تُبلغهم بضرورة التخلّي عن أحلامهم بإجبار الفلسطينيين على مغادرة غزّة نهائياً، والسماح للإسرائيليين بالاستيطان وضمّ القطاع. والآن، أُبلِغوا عملياً بأنّ "حماس" لن تختفي في النهاية، وقد لا توافق حتى على نزع سلاحها.
تقول الباحثة الإسرائيلية شيرا إيفرون: "لا أرى كيف يمكن لشركائه في الائتلاف الحاكم أن يعيشوا مع هذا الأمر. وإذا كان نتنياهو يريد تسويق الاتفاق على أنه إنجاز، فهو قادر على ذلك"، مشيرةً إلى أنّ خطة ترامب ستنهي الحرب، وتعيد الأسرى، وتستبدل "حماس" بكيانٍ آخر لحكم غزّة، وتُشرك الدول العربية والإسلامية في المساعدة على استقرار وإعادة إعمار القطاع. ومع ذلك، كان شركاء نتنياهو يأملون بقصة مختلفة، وهي "قصة غير واقعية" على الأغلب.
وبالرغم من أنّ التصريحات الأولية الصادرة عن "حماس" و"إسرائيل" بدت واعدة لإنهاء الحرب، إلا أنّ العديد من العقبات المحتملة تقف في الطريق، كما يقول المحلّلون، بما في ذلك أساليب المماطلة واندلاع أعمال العنف. يقول إيال هولاتا، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي في عهد رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت: "الأمر لم ينتهِ بعد، وما يثير القلق أكثر من غيره هو احتمال أن يكون كلٌّ من حركة حماس ونتنياهو يؤدّيان دوراً تمثيلياً، حيث يصوغان تصريحاتهما لإرضاء مطالب الرئيس ترامب، ولكن من دون نيّة للقيام بما يلزم".
ومع ذلك، يجرؤ البعض على التمسّك بالأمل، وليس فقط في إنهاء الحرب في غزّة، حيث يزعم عتصيون أنّ نتنياهو أصبح معزولاً إلى حدٍّ كبير على الساحة العالمية، إلى درجة أنّه من الممكن الآن تصوّر أن تتجه "إسرائيل" إلى ما بعد نتنياهو، وحتّى إلى ولادةٍ جديدة لعملية سلامٍ أوسع مع الفلسطينيين، في وقتٍ يُشجّع فيه المناخ الإقليمي والدولي، وحتّى الفلسطيني، ذلك. "لا شيء سهل، لكنّه ممكن، إذا توصّلنا إلى وقفٍ لإطلاق النار".
نقله إلى العربية: حسين قطايا.