"نيويورك تايمز": مقاومة ترحيل ترامب للطلّاب الدوليين

جهود إدارة ترامب لترحيل الطلاب الأجانب الذين تبنوا وجهات نظر مؤيدة للفلسطينيين، تندرج تحت بند نادر الاستخدام في السياسة الخارجية، وليس لها مثيل قانوني واضح.

0:00
  • "نيويورك تايمز": مقاومة ترحيل ترامب للطلّاب الدوليين

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تنشر تقريراً يتناول جهود إدارة ترامب لترحيل طلاب أجانب مؤيدين لفلسطين بالاستناد إلى بند قانوني نادر وغامض في قانون الهجرة، وما أثاره ذلك من جدل دستوري وقانوني واسع في الأوساط القضائية والأكاديمية.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:

بموجب بند ندر استخدامه في السياسة الخارجية ويلفّه الغموض، تستعر جهود إدارة ترامب لترحيل الطلّاب الأجانب الذين عبروا عن تأييدهم لنضال الفلسطينيين.

وكان 4 من ضباط الهجرة المخضرمين الذين أدلوا بشهاداتهم مؤخّراً أمام المحكمة الفيدرالية، وجميعهم كانوا مسؤولين مهنيّين في إنفاذ القانون، قد قالوا إنّ أيّاً منهم لم ينفذ من قبل اعتقالات مماثلة لتلك التي قاموا بها في وقت سابق من هذا العام، وإنّهم قاموا بذلك بناء على أوامر صادرة من مكتب وزير الخارجية ماركو روبيو في شهر آذار/مارس الماضي، لاحتجاز عدد من الطلاب الأجانب، من ضمنهم طالب دكتوراه من جامعة تافتس، إذ وُثّق اعتقاله بالفيديو، وحظي باهتمام كبير. وكان الوزير روبيو قد ألغى فجأة وضعهم القانوني، ما أتاح لوكلاء الهجرة احتجازهم، بالاستناد إلى قانون ندر استخدامه.

وقد سلّطت شهادة الضباط هذه الضوء على جهود إدارة ترامب لترحيل الطلاب الأجانب الذين تبنّوا آراء مؤيّدة للفلسطينيين، حيث يتجاوز الرئيس حدود سلطته التنفيذية، ويتحدّى القيود القانونية لتنفيذ أجندته، بينما تواجه سياساته هذه تحدّيات جديدة وغير مسبوقة.

وقد رأت الجمعيات الأكاديمية التي رفعت دعاوى قضائية بشأن موجة الاعتقالات التي حظيت بتغطية إعلامية واسعة، حيث استهدفت الحكومة الطلاب الدوليين في انتهاك للتعديل الأول للدستور الأميركي.

وفي المحكمة على مدار الأسبوعين الماضيين، جادل محامو الجمعيات بأنّ إدارة ترامب وسعت نطاق سلطة الوزير روبيو المحدودة في إلغاء التأشيرات والبطاقات الخضراء بهدف خنق حرّية التعبير للناشطين الأكثر ضعفاً، وكبح النشاط السياسي في الجامعات على نطاق أوسع.

لكنّ الحكومة رفضت هذه الاتّهام في مرافعاتها الختامية، وزعمت أنّ فكرة وجود سياسة منسّقة تستهدف الناشطين غير المواطنين هي "محض خيال". وقد سبق للمحكمة العليا أن قضت بأنّ غير المواطنين في الولايات المتحدة يتمتعون بالحقوق نفسها التي يكفلها التعديل الأوّل للمواطنين في سياقات متعدّدة.

كذلك، حذّر علماء الدستور وخبراء القانون من أنّ حداثة إجراءات إدارة ترامب تجعل الدعوى القضائية منضوية على بعض المخاطر الكامنة، إذ لم تتطرّق المحاكم إلى جميع المسائل القانونية الشائكة المطروحة من قبل.

وتواجه الدعوى القضائية سلطة واضحة منحت لوزير الخارجية من قبل الكونغرس، في مواجهة الحماية الممنوحة لغير المواطنين بموجب التعديل الأوّل، بطريقة لم تختبر من قبل، فقد يكون للأغلبية المحافظة في المحكمة حرّية أكبر في تجاهل السوابق القانونية عند اتخاذ قرار بشأن السماح لإدارة ترامب بالاستمرار.

يقول أستاذ القانون في جامعة نيفادا لاس فيغاس مايكل كاغان: "الأمر محفوف بالمخاطر، لأنّ المحاكم قد تقرّر بوضوح أنّ الحكومة يمكنها ترحيل الأشخاص بسبب ما يزعمونه، وسيكون ذلك انتكاسة مذهلة، بل مرعبة، في رأيي لحرية التعبير. وأحد الأسباب التي لم نشهد فيها هذا الاختبار من قبل هو أن الحكومات لم تقدم على مثل هذا الفعل في العصر الحديث". 

من ضمن المستهدفين محمود خليل، خريج جامعة كولومبيا والمقيم الدائم والقانوني، وروميسا أوزتورك، وهي طالبة الدكتوراه في جامعة تافتس. وقد أخطرا بإلغاء بطاقيتهما الخضراء أو التأشيرة الخاصة بالطلّاب.

وكان خليل قد أدّى دوراً رائداً في الاحتجاجات المؤيّدة للفلسطينيين في حرم جامعته، فيما كتبت الطالبة أوزتورك، وهي مواطنة تركية مقيمة في البلاد بتأشيرة طالب، مقالاً نشرته في صحيفة طلّابية انتقدت فيه قادة الجامعة لردّ فعلهم على حرب إسرائيل على غزّة.

عندما ألقي القبض على  خليل، وهو الأوّل من بين عدة اعتقالات مماثلة، قدّم 150 محامياً وباحثاً قانونياً مذكّرة زعموا فيها أنّ بند قانون الهجرة والجنسية الذي استخدم ضدّه كان غامضاً إلى الحدّ الذي يجعل من غير الدستوري ضرورة، وقالوا: "لا أحد خارج وزارة الخارجية، وربّما الرئيس نفسه، يعرف على الإطلاق ما هي السياسة الخارجية السرّية التي تنتهجها بلادنا في أيّ وقت من الأوقات".

تقول كريستينا رودريغيز، أستاذة في كلية الحقوق في جامعة ييل، إنّ الكونغرس راجع القانون في تسعينيّات القرن الماضي، بهدف الحدّ القوي من اللجوء إليه واستخدامه، لأنّ هذا البند في قانون الهجرة قابل للاستغلال، لأنّه غامض للغاية.

وأضافت أنّ استنتاج روبيو بأنّ العديد من الناشطين المؤيّدين للفلسطينيين تدخّلوا جميعاً في السياسة الخارجية الأمريكية مشكوك فيه، فمع مرور الوقت، يمكن أن تسري حجّة الحكومة هذه "على نطاق واسع مثل ناشطي تغيّر المناخ أو سواهم".

كذلك، زعمت منظّمات الحقوق المدنية المشاركة في القضايا والدعاوى القضائية التي رفعها طلاب أفراد، من ضمنهم اتحاد الحرّيات المدنية الأمريكية ومعهد نايت للتعديل الأوّل، أنّ إدارة ترامب حدّدت بوضوح هدف القضاء على الخطاب السياسي في الحرم الجامعي بطريقة يمكن أن تكون لها عواقب بعيدة المدى.

وفي المرافعات الختامية في الأسبوع الماضي، قالت راميا كريشنان المحامية البارزة في معهد نايت: "إذا كان من الممكن ترحيل غير المواطنين على أساس خطابهم السياسي، فإنّهم لا يتمتّعون بأيّ حقوق يكفلها لهم التعديل الأوّل على الإطلاق، لأنّهم يجب أن يقلقوا دائماً من أنّ خطابهم وارتباطاتهم قد لا تروق أصحاب السلطة".

تشير الوقائع المستقاة من شهادات تحت القسم في القضية إلى أن الإدارة حقّقت تحديداً مع أساتذة وطلاب احتجّوا على "إسرائيل"، فيما زعمت علناً، من دون دليل، أنّ هؤلاء الأفراد ساعدوا على حشد الدعم لحركة "حماس" أو المنظّمات الإرهابية عموماً.

وقال جوناثان جاكوبي، المدير الوطني لمشروع نيكسوس، وهي منظّمة مراقبة يهودية، إنّ "المبرّرات التي اعتمدت عليها إدارة ترامب تتوافق بشكل وثيق مع الاستراتيجيات المنصوص عليها في مشروع إستير، وهو اقتراح سياسي قدّمته مؤسسة هيريتيغ بهدف تقويض الحركة المؤيّدة للفلسطينيين في الولايات المتحدة".

وأضاف أنّ هذه أمثلة على استغلال إدارة ترامب للمخاوف المشروعة بشأن سلامة اليهود، واستغلال خوفهم أو التلاعب به لقمع حرية التعبير المحمية دستورياً، و"ما ترونه يحدث في بوسطن الآن هو جزء من هذا السيناريو، فهم يقولون إن التظاهرات المؤيّدة للفلسطينيين هي تعبير عن دعم حماس".

طوال المحاكمة، أنكرت وزارة العدل أنّ الحكومة انتهجت على الإطلاق سياسة ترحيل تستهدف الناشطين الطلّاب، وقالت إنّها تتخذ قراراتها بشأن الطلّاب على أساس كلّ حالة على انفراد، فيما أشار القاضي ويليام جي يونغ الذي يرأس المحاكمة، إلى أنّه سيحتاج إلى بعض الوقت للتفكير قبل إصدار الحكم.

نقله إلى العربية: حسين قطايا.