وقف إطلاق النار في سوريا يذكّر بالاتفاق الذي وُقع بعد حرب لبنان الثانية

صحيفة "معاريف" ترى أن لا حاجة للتواصل الإقليمي من طهران إلى بيروت من أجل خلق منطقة نفوذ حقيقي تشكل تهديداً، إذ يمكن لهذا أن يحدث من دون الجلوس على الضفة الأخرى، متسائلة ما الذي ستفعله إسرائيل إذا ما تمت إقامة معامل لتجميع الصواريخ في لبنان أو في سوريا؟

منذ اندلاع الأزمة السورية قامت سياسة إسرائيل على دعم المسلحين سراً
كتب ران اديليست في "معاريف": 

إتفاق وقف إطلاق النار في سوريا سيء لحكومة إسرائيل وجيد لدولة إسرائيل. سيء لحكومة اليمين لأنه منذ اندلاع التمرد ضد بشار الأسد كانت سياستها تقديم الدعم سراً للمتمردين. وكانت الفكرة هي أن سقوط الأسد على أيدي التنظيمات المدعومة من قبل السعودية والولايات المتحدة الأميركية سيُفضي إلى اعتراف محلي ودولي بهضبة الجولان كجزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل. وهي الفكرة التي كانت يائسة منذ لحظة ولادتها.

 

اليوم، وبعد ست سنوات ومئات آلاف القتلى ومليون ونصف لاجئ، نجد أن التدخل المحدود على الحدود السورية قد خلق بالتوافق بين الدول العظمى منطقة عازلة تسيطر عليها قوى وتنظيمات تنسّق مع إسرائيل. فهل تضمن هذه المنطقة العازلة أي موافقة للاستيلاء على هضبة الجولان كما طلب نتنياهو من دونالد ترامب؟ لا بكل تأكيد. الاتفاق بشكل عام يتحدث عن إشراف روسي، والـ GPS المثبّت في الصواريخ لا يعرف ما الذي تعنيه المنطقة العازلة.

 

إن القرار والموافقة على المنطقة العازلة يبدوان كنسخة مكررة من وقف إطلاق النار الذي تم التوقيع عليه بعد حرب لبنان (القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة) عام 2006. وقد دعا القرار إلى وقف إطلاق النار بين الأطراف وإدخال قوات تابعة للأمم المتحدة وحلّ الميليشيات المسلحة، وبقية البنود التي كان من المفترض أن تؤدي إلى ضمان الأمن في المنطقة العازلة. ومنذ ذلك الوقت يسيطر حزب الله على جنوب لبنان. ويبدو أن القوة الرئيسية التي تسيطر اليوم في جنوب سوريا (جيش الأسد، بغطاء من حزب الله وإيران وروسيا) ستدخل إلى المنطقة مع مرور الوقت، وذلك بالضبط كما دخل حزب الله حينها إلى جنوب لبنان.

 

صحيح أن نائب رئيس هيئة الأركان يائير غولان قد قال للصحافي آلون بن دافيد إنه "توجد لنا علاقات خاصة مع الجيران"، لكن اعذروني إن قلت إنه كانت توجد لنا علاقات خاصة مع جيران آخرين مثل جيش جنوب لبنان وروابط القرى (في الضفة الغربية أقيمت 1977/ المترجم) والدحلانيين في غزة. وبطريقة أو بأخرى انتهت الأمور دائماً بالبكاء في أفضل الأحوال، وبالدماء في أسوئها. والآن، ما الذي ستفعله تنظيمات المتمردين "أصدقاء إسرائيل" الجدد؟ هل سيقيمون دولة، أم أنهم سينتظرون إلى أن يتم استبدال الأسد، أم انهم سيحاولون السيطرة على دمشق؟ إن المنطق في الشرق الأوسط يقول إنه سيتم التوصل إلى تسوية بطريقة أو بأخرى مع دمشق.

 

ليست هناك حاجة للتواصل الإقليمي من طهران إلى بيروت من أجل خلق منطقة نفوذ حقيقي تشكل تهديداً، إذ يمكن لهذا أن يحدث من دون الجلوس على الضفة الأخرى. ولا ينبغي على إيران أن تنقل الأرتال عبر هذا الممر، بل عليها فقط أن تعزز القدرات الصاروخية وراجمات الصواريخ لكل من سوريا وحزب الله. فالممر ضروري من أجل إظهار الوجود. والسؤال الحقيقي هو ما الذي نفعله أمام هذه القدرة التي ستتم إعادة بنائها خلال وقف إطلاق النار. وما الذي سنفعله إذا ما تمت إقامة معامل لتجميع الصواريخ في لبنان أو في سوريا؟ هل سنقوم بعمليات قصف خلال وقف إطلاق النار؟ 

 

صحيح أن وزير الأمن افيغدور ليبرمان يصرح بأن إسرائيل "ستحتفظ بحرية العمل العسكري"، كما أن رئيس هيئة الأركان يقول إن "إبعاد إيران وتقليص نفوذها هو تحدٍ لا يقل أهمية عن هزيمة داعش"، إلا أن الخطوة الإسرائيلية الدراماتيكية والصحيحة هي أن تنضم بشكل رسمي لوقف إطلاق النار. فلكل من الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، على حد سواء، مصلحة حقيقية في ذلك. ولحزب الله ولسوريا مصلحة في الدفاع عن نفسيهما في وجه التهديدات الإسرائيلية بشن هجمات. إن هذا الأمر سيهدئ الجمهور الإسرائيلي، وكلهم سيكونون سعداء، باستثناء حكومة اليمين.

ترجمة: مرعي حطيني