هل ستكون الطاقة هي النقطة التالية للتقارب بين اسرائيل ومصر؟

المصالح المصرية والإسرائيلية تلتقي عندما يتعلق الأمر بقطاع الطاقة. ببساطة، إسرائيل تريد تصدير جزء من الغاز الذي اكتُشف في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أقرب جاراتها.

تتلاقى المصالح المصرية والإسرائيلية عندما يتعلق الأمر بقطاع الطاقة (الصورة لوكالة رويترز).

الاجتماع الإقليمي في منتصف يناير / كانون الثاني في القاهرة، حيث تمّ الإعلان عن منتدى الغاز الإقليمي الجديد من سبع دول شرق البحر الأبيض المتوسط، يُظهر إمكانات سياسية واعدة كجزء لا يتجزأ من اكتشاف حقول الغاز الطبيعي في البحر الأبيض المتوسط. لا أقل، إنه يعكس العلاقات الوثيقة بين مصر وإسرائيل.

حافظت إسرائيل ومصر على علاقات سياسية وأمنية وثيقة على أعلى المستويات في السنوات الأخيرة، والتي لا تزال سرية في جزئها الأكبر. في خطوة نادرة، كشف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في حديث لبرنامج "60 دقيقة" الأميركي عن تعاون وثيق مع إسرائيل، بما في ذلك جهود عسكرية مشتركة ضد الدولة الإسلامية (داعش) في شبه جزيرة سيناء.

التقارب الحالي في المصالح بين إسرائيل ومصر يضمّ عدة طبقات ناجمة عن التطورات الدراماتيكية في الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة: الاضطرابات أثناء وبعد الربيع العربي؛ التهديد الإقليمي الذي تشكّله إيران، وخاصة للدول السنية البراغماتية؛ الأنشطة الإرهابية في سيناء (التي تتطلب التعاون بين إسرائيل ومصر، بما في ذلك إعادة تقييم ملحق الأمن في اتفاقية السلام بينهما)؛ وسيطرة حماس على قطاع غزة. وبالإضافة إلى ذلك، النظام والجيش المصري لا يزالان مصدومين من حكم جماعة الإخوان المسلمين. وهذا ما يفسر أيضاً الجهود الإسرائيلية-المصرية المشتركة لتحدي التهديد الذي تشكله الحركات الإسلامية الأصولية، بما فيها حركة حماس في قطاع غزة.

وبالمثل، المصالح المصرية والإسرائيلية تلتقي عندما يتعلق الأمر بقطاع الطاقة. ببساطة، إسرائيل تريد تصدير جزء من الغاز الذي اكتُشف في منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​إلى أقرب جاراتها. وقد تمّ بالفعل توقيع اتفاق لتصدير الغاز من إسرائيل إلى الأردن. مصر اكتشفت مؤخراً حقول غاز كبيرة، ولكن على الأقل في المدى القصير، الاقتصاد المحلي لا يزال بجاجة للطاقة وإسرائيل يمكن أن تساعد في توفيرها. على المدى المتوسط، سيكون من الممكن تسييل الغاز الإسرائيلي في مصر (عن طريق مرفقين موجودين هناك، ولم يكونا قيد الاستخدام على مدى السنوات القليلة الماضية)، ومن ثمّ تصديره إلى الأسواق البعيدة. لذلك، عقدت الشركات الإسرائيلية والمصرية مفاوضات مكثفة خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي أدى إلى توقيع اتفاقيات متبادلة. ومع ذلك، الحكومتان لا تزالان بحاجة لإقرارها.

العلاقات الدافئة المذكورة أعلاه يجب أن تكون كافية لاستكمال وتنفيذ هذه الاتفاقيات التي وقعتها الشركات في القطاع الخاص. مستوى الثقة بين الحكومتين الإسرائيلية والمصرية مرتفع، كما يتضح من الزيارة الأخيرة لوزير الطاقة الاسرائيلي يوفال شطاينيتس إلى القاهرة. وعلاوة على ذلك، منتدى الغاز الذي عقد في مصر، بمشاركة وزراء الطاقة من اليونان وقبرص وإيطاليا والأردن والسلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر، يُظهر الهندسة الدولية الجديدة التي تبرز في شرق المتوسط. الحلفان الثلاثيان القائمان – إسرائيل-اليونان-قبرص ومصر-اليونان-قبرص – ينضمّ إليهما الحلف الثلاثي الأردن-اليونان-قبرص، وكذلك منتدى غاز شرق المتوسط ​​الذي أنشئ حديثا. التحالفات القائمة والناشئة قد تتوسع وتشمل دولاً أخرى، والتعاون غير الرسمي القائم قد يصبح مؤسساتياً. من شأن هذه التطورات إضافة أبعاد متوسطية إيجابية ​​إلى الديناميكيات المعقدة في المنطقة.

تركيا، وهي لاعب إقليمي مهم، غائبة حالياً عن مختلف هذه الإعدادات الهندسية. البلدان التي تتعاون حالياً في حصة شرق المتوسط تتشارك ​​أجندة معادية لتركيا - مصر وقبرص واليونان (كل واحدة إلى حد مختلف)، وإسرائيل – تفتقد علاقاتها مع أردوغان إلى الثقة وتتميز بالخطاب اللاذع، على الرغم من إمكانية واقعية لتعاون تركي - إسرائيلي في قطاع الغاز. فرص تحقيق هذه الإمكانات كانت واحدة من المواد المحفّزة لتوقيع اتفاق المصالحة بين إسرائيل وتركيا في سنة 2016. منذ ذلك الحين، وبعد أزمات جديدة بين البلدين، تضاءلت هذه الفرص بشكل مطرد.

هل ستكون إسرائيل ومصر قادرتين على ترجمة علاقاتهما الدافئة وتلاقي المصالح في اتفاقات طاقة رسمية على مستوى الدولة؟.

الدافع لهما للقيام بذلك واضح. ومع ذلك، فإن الشعب المصري لا يزال يعارض أيّ تطبيع للعلاقات مع اسرائيل. فبعد كل شيء، حتى في عهد مبارك، المصريون لم يرحبوا بالتعاون الاقتصادي والاجتماعي-الثقافي بين البلدين، على الرغم من التعاون الذى يحقق المنفعة من خلال مناطق صناعية مشتركة. إطلاق عملية سلام اسرائيلية-فلسطينية قابلة للحياة يساعد بشكل واضح على تحسين هذا الوضع، وسوف ينتج مناخاً أكثر إيجابية في المنطقة وقبل كل شيء الرأي العام العربي سيكون مؤاتياً أكثر. ويمكن الافتراض بأن نظام السيسي سينجح في التغلب على المعارضة الداخلية. فبعد كل شيء، التعاون في الطاقة بين إسرائيل ومصر يخدم مصالح كلا البلدين، وربما ستلحق مصر بالأردن الذي سبق وأضفى الطابع الرسمي على تعاون الطاقة مع إسرائيل، رغم الموقف السلبي الجماهيري في الأردن ضده.

اكتشاف حقول الغاز الطبيعي في شرق المتوسط يخلق تقارباً استثنائياً في المصالح بين عدد من البلدان في المنطقة، بما فيها إسرائيل وجيرانها العرب. وهذا يفتح مجموعة واسعة من مجالات إضافية للتعاون، ووضع شرق المتوسط على "الخريطة العالمية". إن زيارة شطاينيتس إلى القاهرة والإطلاق الفريد لمنتدى الغاز الإقليمي هناك قد يرمزان إلى خطوة هامة نحو تحقيق الإمكانات الكامنة في هذه المنطقة .