ما أبرز قضايا السياسة الخارجية التي طُرحت في المناظرة بين هاريس وترامب؟

لقد سيطرت أوكرانيا والحرب في غزّة ومسألة الرسوم الجمركية على الجزء المتعلق بقضايا السياسة الخارجية التي طرحت أثناء المناظرة بين هاريس وترامب.

  • المرشّحان للرئاسة الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترامب أثناء مناظرتهما الأولى
    المرشّحان للرئاسة الأميركية كامالا هاريس ودونالد ترامب أثناء مناظرتهما الأولى

مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر تقريراً حول أبرز قضايا السياسة الخارجية التي تمت مناقشتها في المناظرة بين المرشحيْن للرئاسة الأميركية دونالد ترامب، وكامالا هاريس.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية بتصرف:

واجه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس بعضهما بعضاً في مناظرة مساء فجر اليوم الأربعاء، في أول مواجهة بينهما - وربما الوحيدة - قبل انتخابات 5 تشرين الثاني/نوفمبر.

وتأتي المناظرة وسط دورة انتخابية غير عادية اتسمت بعدد من المنعطفات الدرامية، بما في ذلك القرار التاريخي الذي اتخذه الرئيس الأميركي جو بايدن بالانسحاب من السباق الانتخابي بعد أدائه الكارثي في ​​المناظرة في حزيران/يونيو، وكذلك محاولة اغتيال ترامب في تموز/يوليو.

مع بقاء 55 يوماً حتى الانتخابات، واستطلاعات الرأي التي أظهرت سباقاً متقارباً بين المرشحيْن، سمحت المناظرة التي استمرت 90 دقيقة للناخبين بفرصة سماع هاريس. وفي حين أنّ الرؤية العامة لترامب معروفة جيداً للجمهور الأميركي، فإنّ المناظرة قدّمت له فرصة لتنشيط حملة عانت بعد دخول هاريس إلى السباق.

وعلى الرغم من أنّ قضايا السياسة الداخلية بما في ذلك الاقتصاد وأمن الحدود وحقوق الإنجاب حظيت باهتمام كبير، فإن السياسة الخارجية كانت أيضاً بارزة، إذ اصطدم المرشّحان بشأن حرب ترامب التجارية مع الصين، وموقف واشنطن في الحرب بين "إسرائيل" وحماس، ومستقبل الدعم الأميركي لأوكرانيا في حربها ضد روسيا.

إليك ما قاله المرشحان حول أكبر قضايا السياسة الخارجية التي تواجه واشنطن الآن:

روسيا وأوكرانيا

عندما سُئل عما إذا كان يرغب في رؤية أوكرانيا تفوز بالحرب ضد روسيا، أجاب ترامب أنه يريد وقف الحرب، وتعهد "بتسوية" الحرب قبل توليه منصبه، إذا فاز في تشرين الثاني/نوفمبر، من دون تقديم أي تفاصيل حول كيفية تحقيق ذلك. وقال: "ما سأفعله هو أنني سأتحدث إلى الطرفين، وسأجمعهما معاً".

كما كرر ادعاءه السابق بأنّ الحرب لم تكن لتحدث أبداً لو كان في منصبه بدلاً من بايدن، وأصرّ على أنّه يحظى باحترام زعماء العالم أكثر من بايدن أو هاريس. وقال: "أعرف زيلينسكي جيداً، وأعرف بوتين جيداً. إنهما يحترمانني. إنهما لا يحترمان بايدن".

كما أشاد ترامب بالدعم الذي حصل عليه من رئيس الوزراء الهنغاري فيكتور أوربان، الذي زار ترامب في فلوريدا مرتين هذا العام، وتفاخر بأنّه "مشارك بعمق" في مداولات سياسة فريق ترامب، مشيراً إلى أنّ "أوربان يحافظ على علاقات وثيقة مع بوتين، وحاول مراراً وتكراراً الحد من محاولات أوروبا مساعدة أوكرانيا وتسليحها".

كما انتقد ترامب إدارة بايدن بسبب المبلغ الذي أنفقته على الدفاع عن أوكرانيا مقارنة بما أنفقته الدول الأوروبية. لكن إجمالي المساعدات الأوروبية لأوكرانيا يتجاوز في الواقع المساعدات الأميركية للبلاد، سواء من حيث الالتزامات الموعودة أو التخصيصات الفعلية، وفقاً لمؤشر دعم أوكرانيا التابع لمعهد كيل للاقتصاد العالمي.

وعندما سُئلت كيف ستتعامل مع بوتين، وما إذا كان نهجها سيختلف عن نهج بايدن، سلّطت هاريس الضوء على الدور الذي لعبته في الفترة التي سبقت الحرب، بما في ذلك الاجتماع مع زيلينسكي في مؤتمر ميونيخ للأمن في شباط/فبراير 2022 لتقديم أحدث تقييمات الاستخبارات الأميركية التي تحذّر من خطط روسيا، قبل أقل من أسبوع من تدفق القوات الروسية إلى أوكرانيا.

وروت نائبة الرئيس سجل إدارة بايدن في الحرب، وحشد الحلفاء لدعم كييف وتقديم مساعدات عسكرية حاسمة. وقالت: "بفضل دعمنا، وبفضل الدفاع الجوي، والذخيرة، والمدفعية، وصواريخ جافلين، ودبابات أبرامز التي قدمناها، تقف أوكرانيا كدولة مستقلة وحرة".

ولم تقدم هاريس أي أجندة مستقبلية لدعم أوكرانيا، أو أي أدلة حول موقفها من المناقشة الجارية حول ما إذا كان يجب السماح لأوكرانيا باستخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى لضرب أهداف في عمق روسيا.

الحرب في غزّة

منذ أن أصبحت مرشحة الحزب الديمقراطي، كانت تصريحات هاريس بشأن الصراع بين "إسرائيل" وحماس محل تدقيق عن كثب من قبل مؤيدي "إسرائيل" ومنتقديها بحثاً عن أي علامات على الاختلاف مع بايدن، وهو مؤيد قوي لـ "إسرائيل" منذ فترة طويلة.

وعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة، فشلت الإدارة في التوسط في اتفاق وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس من شأنه أن يضمن إطلاق سراح الأسرى لدى الحركة في غزّة.

وعندما سألها المنسّقون كيف ستكسر الجمود، قالت هاريس إنها "ستمنح إسرائيل دائماً القدرة على الدفاع عن نفسها"، وأكدت  "حاجة إسرائيل إلى الدفاع عن نفسها من إيران ووكلائها في المنطقة".

وأضافت هاريس أنّ "طبيعة دفاع إسرائيل عن نفسها مهمة أيضاً"، وهي العبارة التي استخدمتها لفترة طويلة قبل أن تصبح مرشحة رئاسية. وقالت خلال المناظرة: "لقد قُتل عدد كبير جداً من الفلسطينيين الأبرياء"، مؤكدةً دعمها لحل الدولتين وحاجة الفلسطينيين إلى الأمن وتقرير المصير. وكان ردها متسقاً مع تصريحاتها السابقة بشأن الصراع، وملتزماً بشكل وثيق بخطابها أمام المؤتمر الوطني الديمقراطي الشهر الماضي.

وعندما سُئل المرشح الجمهوري، لم يقدم ترامب أي تفاصيل حول كيفية التفاوض مع "إسرائيل" وحماس أو كيفية معالجته الوضع الإنساني المتدهور بشكل متزايد في غزة. وبدلاً من ذلك، أصر مراراً وتكراراً على أنّه لو كان رئيساً، لما بدأت الحرب بين "إسرائيل" وحماس أبداً.

كما زعم الرئيس السابق، من دون أساس، أنّ هاريس "تكره إسرائيل والعرب". وقال: "إنّها تكره إسرائيل. إنها لم تلتق حتى مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما ذهب إلى الكونغرس لإلقاء خطاب مهم للغاية". وكانت هاريس لم تحضر خطاب نتنياهو بسبب التزام مقرر مسبقاً، ثم التقته  في اليوم التالي.

وأضاف ترامب: "إذا أصبحت رئيسة، فإنني أعتقد أنّ إسرائيل لن تكون موجودة في غضون عامين من الآن". وتابع قائلاً إنّ "هاريس تكره العرب أيضاً، مدعياً أنّ "المنطقة بأكملها سوف تنفجر".

وإذا تم انتخابه، تعهد بـ "تسوية" الصراعات الجارية قبل أي تنصيب، من دون تقديم أي تفاصيل حول كيفية القيام بذلك.

"انظروا إلى ما يحدث مع الحوثيين واليمن. انظروا إلى ما يحدث في الشرق الأوسط. هذا ما كان ليحدث أبداً. سأعمل على تسوية هذه المسألة بسرعة، وسأنهي الحرب مع أوكرانيا وروسيا. وإذا أصبحت رئيساً منتخباً، فسوف أحقق ذلك قبل أن أصبح رئيساً".

الصين

على الرغم من أنّ ترامب وهاريس لم يُسألا بشكل مباشر عن الصين خلال المناظرة، فإن المرشحيْن اشتبكا بشكل حاد بشأن المنافسة الاقتصادية الأميركية مع بكين.

خلال رئاستي ترامب وبايدن، كانت الصين هي القضية الوحيدة في السياسة الخارجية. اتبع ترامب سياسة متشددة تجاه بكين، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتجارة، وفرض مجموعة من التعريفات الجمركية على الواردات الصينية التي أشعلت حرباً تجارية؛ احتفظ بايدن إلى حد كبير بهذه التعريفات الجمركية وذهب إلى أبعد من ذلك بمجموعته الخاصة من القيود التجارية التي تستهدف أشباه الموصلات والمركبات الكهربائية. في حين أن سجل هاريس الخاص بشأن الصين محدود نسبياً، كما ذكرت ليلي بايك من "فورين بوليسي"، فمن المتوقع أن يتماشى نهجها إلى حد كبير مع نهج بايدن.

ومع ذلك، تشاجرت هاريس وترامب حول تعهدات الأخير بزيادة التعريفات الجمركية بشكل كبير على جميع المجالات، وهي الخطة التي قد تجعل جميع الواردات الأميركية تواجه تعريفة جمركية بنسبة 10% على الأقل بينما تخضع البضائع القادمة من الصين لتعريفة جمركية بنسبة 50% على الأقل. وأعلن ترامب أنّ "الصين وجميع الدول التي كانت تستغلنا لسنوات" ستواجه أسعاراً أعلى. هاجمت هاريس مقترحات ترامب بشأن التعريفات الجمركية، محذرةً من أنها ستؤدي إلى ارتفاع التضخم، كما قال 16 اقتصادياً حائزاً على جائزة نوبل علناً، و"ستؤدي إلى الركود". وردّ ترامب بالإشارة إلى أنّ إدارة بايدن أبقت في الغالب على التعريفات الجمركية التي فُرضت في عهد ترامب.

وقال ترامب "إذا لم تكن (إدارة بايدن) موافقة على التعريفات الجمركية، فقد كان عليها وقفها، أو خفضها، لكنها بقيت لمدة 3 سنوات ونصف تحت إدارتهم".

وردّت هاريس بانتقاد سجله الاقتصادي. وقالت: "دعونا نكون واضحين أنّ إدارة ترامب أسفرت عن عجز تجاري، وهو أحد أعلى عجز  شهدناه في تاريخ أميركا على الإطلاق"، مضيفةً أنّه "دعا إلى حروب تجارية".

كما اتهمت ترامب ببيع رقائق أشباه الموصلات إلى الصين، وقالت: "لقد انتهى به الأمر إلى بيع رقائق أميركية إلى الصين لمساعدتهم على تحسين وتحديث جيشهم". فرد ترامب بالقول إنّ الصين اشترت رقائقها من تايوان، وليس الولايات المتحدة.

أفغانستان

جاءت المناظرة في ظل الذكرى الثالثة للانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان، والذي تعد المسؤولية عنه موضوع نقاش كبير في واشنطن.

وعندما سألها المشرفون على المناظرة عما إذا كانت تتحمل أي مسؤولية عن كيفية تطور الانسحاب، تجنّبت هاريس الإجابة عن السؤال بشكل مباشر، وبدلاً من ذلك، كررت دعمها قرار بايدن بالانسحاب. وقالت: "قال أربعة رؤساء إنّهم سيفعلون ذلك، وفعل جو بايدن ذلك"، قبل أن تتحوّل إلى مهاجمة سجل ترامب في التفاوض على اتفاق الانسحاب الأوّلي مع حركة طالبان، متجاوزاً الحكومة الأفغانية المدعومة من واشنطن.

ودافع ترامب عن سجلّه، مدعياً أنّه سعى إلى الانسحاب لحماية أرواح القوات الأميركية، وأضاف زوراً أنّ طالبان ورثت 85 مليار دولار من المعدات العسكرية الأميركية التي خلّفها الانسحاب المتسرّع. وقد تم تحديد الرقم الفعلي بنحو 7 مليارات دولار، وفقاً لتقرير قدمه المفتش العام لوزارة الدفاع إلى الكونغرس.

نقلته إلى العربية: بتول دياب