"الانقلاب الصامت".. كيف هزمت الرأسمالية عملية إنهاء الاستعمار؟

كتاب "الانقلاب الصامت" يرسم كيف أطاحت الشركات بالديمقراطية والطريقة التي تم بها تنظيم انقلاب الشركات، ويدرس استخدام النظام القانوني الدولي للسيطرة على الموارد ونهبها في العالم النامي.

  • "الانقلاب الصامت": كيف هزمت الرأسمالية عملية إنهاء الاستعمار

تحدث موقع "scheer post" الأميركي عن نظام حكم الشركات الدولية الذي يعيشه العالم اليوم، مجيباً على تساؤل ألا وهو كيف هزمت الرأسمالية عملية إنهاء الاستعمار؟

فيما يلي النص منقولاً إلى العربية:

شهد القرن الـ20 انتفاضة عالمية كبرى ضد الإمبريالية الأوروبية، حيث تخلصت الدول المستعمَرة من أغلالها ونهضت من أجل الاستقلال، وبعد أكثر من نصف قرن، أصبحت فجوة التفاوت العالمية أكثر حدة من أي وقت مضى. 

وكي نفهم المأزق الحالي الذي تعيشه الغالبية العظمى من شعوب العالم، يتعين علينا أن نفهم العقود التي مرت.

شهدت الولايات المتحدة، مثل العديد من البلدان الصناعية، انقلاباً مؤسسياً بحركة بطيئة، الأمر الذي أدى إلى ترسيخ نظام سيطرة، واستولت بموجبه الشركات على جميع أدوات السلطة لتحقيق أرباح متزايدة وسيطرة سياسية. 

ويرسم كتاب "الانقلاب الصامت" كيف أطاحت الشركات بالديمقراطية، والطريقة التي تم بها تنظيم انقلاب الشركات، ويدرس استخدام النظام القانوني الدولي للسيطرة على الموارد ونهبها في العالم النامي، بما في ذلك الإطاحة بالحكومات التي تتحدى هيمنة الشركات.

وما يعنيه هذا النظام: هو نظام ظل قانوني يعمل في جميع أنحاء العالم ويؤثر تقريباً على كل دولة، وما يفعله هو تكريس نظام تستطيع بموجبه الشركات المتعددة الجنسيات مقاضاة الدول بسبب سن سياسات لا تعجبها، والتي تقول إنها تنتهك "حقوق المستثمرين" الخاصة بها.

وتم إنشاء هذا النظام في خضم حركة إنهاء الاستعمار ونهاية الإمبراطورية الرسمية، أي الهيئة الرئيسية التي يتم فيها الاستماع إلى هذه القضايا، وهي في الواقع ذراع للبنك الدولي ويطلق عليها المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار.

وتم إنشاء المركز في عام 1966 من قبل البنك الدولي، ومن الواضح أن فترة الستينيات كانت الوقت الذي حصلت فيه العديد من البلدان في أفريقيا وأماكن أخرى على الاستقلال، وأصبح الكثير من الأشخاص الذين كانوا يقاتلون القوى الإمبريالية على الأرض رؤساء ورؤساء وزراء. 

وفي هذا السيناريو، كان أصحاب العالم التقليديون مذعورين وتساءلوا، كيف سنحافظ على سيطرتنا؟، لذلك توصلوا إلى هذا النظام، وفي الواقع، كان من بنات أفكار مصرفي ألماني يُدعى هيرمان أبس كان يعمل في دويتشه بنك.

وبعد الحرب العالمية الثانية، رأى المصرفي الألماني أن العالم يحتاج إلى نظام أطلق عليه "الماجنا كارتا الرأسمالية"، وألقى هذا الخطاب في سان فرانسيسكو عام 1957 أمام مجموعة من رجال الصناعة من جميع أنحاء العالم وكان جميع كبار الشخصيات في أميركا هناك.

وسبق ذلك بأربع سنوات، في عام 1953، قضاء الاستخبارات البريطانية والأميركية على رئيس وزراء إيران المنتخب ديمقراطياً، محمد مصدق، لأنه قام بتأميم شركة النفط.

وفي العام التالي، تخلصت وكالة المخابرات المركزية من رئيس غواتيمالا المنتخب ديمقراطياً، جاكوبو أربينز، لأنه كان لديه الجرأة لإعادة توزيع جزء من الأراضي البور على الفلاحين الذين لا يملكون أرضاً. 

وبعد ذلك، في عام 1956، كانت هناك أزمة السويس حيث قام الرئيس عبد الناصر بتأميم قناة السويس. 

وفي خطابه يقول المصرفي الألماني، "سنستمر في مواجهة هذه المشكلة، نحن بحاجة إلى نظام قانوني، وبنية تحتية تمكننا من ممارسة السلطة فوق رؤوس هؤلاء الناس، لذلك حتى لو كان ناصر، أو أربينز، أو محمد مصدق، في السلطة فلن يتمكنوا من التحرك".

لذا كانت فكرته هي، إننا بحاجة إلى نظام قانوني يعمل فوق الدول، إنها مؤسسة فوق وطنية حيث يمكن إنفاذ حقوق المستثمرين، ثم انضم إلى لورد بريطاني يُدعى اللورد شوكروس، وقاموا بكتابة هذه الوثيقة التي تسمى مسودة  اتفاقية آب-شوكروس، وكانت في الأساس نموذجاً لهذا النظام. 

ولم يحدث شيء حتى تم تبنيه من قبل البنك الدولي في الستينيات، تحت اسم المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار في عام 1966.

وكان الأمر يتعلق بتكريس سلطة الشركات في جميع أنحاء العالم، وكان أداة جيوسياسية خلال الحرب الباردة لأنها كانت وسيلة لفرض حكم الشركات في البلدان التي قد تكون معرضة لخطر التحول إلى الشيوعية. 

ولكن لم ينطلق كنظام حتى نهاية الحرب الباردة، حيث انفجر بعد نهايتها، وقد تم رفع الكثير من القضايا ضد دول أوروبا الشرقية، لأنه نظام رئيسي يتم فرضه على الدول التي يتم إعادة دمجها في النظام الاقتصادي المدعوم من الغرب.

وكان نظام تسوية المنازعات بين المستثمرين والدولة جزءاً كبيراً من قائمة السياسات التي يتم دفعها على الحكومات التي يتم إعادة دمجها في النظام. لأن الدول الغربية، والشركات الغربية تعرف، أنها أداة حيوية بالنسبة لهم للتأكد من أن الدول الجديدة لا تستطيع التحرك ولا يمكنها أن تتعارض مع قوة الشركات في جميع أنحاء العالم.