صحيفة تركية: وصول الحرب إلى لبنان يشعل منطقة الشرق الأوسط

مع بداية الهجمات الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تصاعدت الاشتباكات على جبهة أخرى جنوبي لبنان بين "إسرائيل" وحزب الله الذي يتمتع بقوة لا يستهان بها.

  • دخان نتيجة غارة إسرائيلة على بلدة علما الشعب جنوب لبنان - 25 نيسان (أ ف ب)
    دخان نتيجة غارة إسرائيلة على بلدة علما الشعب جنوب لبنان - 25 نيسان (أ ف ب)

يكتب إبراهيم وارلي، الكاتب التركي، مقالاً في موقع صحيفة "بيرغون" التركية، يتحدث فيه عن احتمالات نشوب حرب أوسع في الشرق الأوسط، تنطلق من لبنان، وعن مآلات هذه الحرب في حال وقوعها، وعن دور حزب الله في هذه الحرب.

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:

مع بداية الهجمات الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي تصاعدت الاشتباكات على جبهة أخرى جنوبي لبنان بين "إسرائيل" وحزب الله الذي يتمتع بقوة لا يستهان بها.

لبنان جبهة مهمة في الحرب مع الإسرائيلي

يحظى لبنان بحكم موقعه الجغرافي بأهم الموانئ في منطقة شرقي البحر الأبيض المتوسط، ولذلك يعاني هذا البلد منذ أمد بعيد من محاولات السيطرة التي تسعى إليها القوى الدولية والإقليمية. وعلى الرغم من أن مرحلة الرخاء والازدهار في لبنان قد انطوت منذ وقت ليس بالقصير إلا أن لبنان يمتلك موارد هائلة من الغاز الطبيعي شرقي المتوسط، وسيشكل الغاز الطبيعي أحد أهم العوامل التي ستعيد الحسابات في الملفات الاقتصادية والسياسية في الشرق الأوسط.

وبغض النظر عن هذه العوامل التي تزيد من أهمية الموقع الاستراتيجي للبنان فإن هناك سبباً جوهرياً يدعو "إسرائيل" للاهتمام بهذا البلد، وهو أن الشعب الوحيد الذي قاتل القوات الإسرائيلية بعد الشعب الفلسطيني منذ حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973 هو الشعب اللبناني والمقاومة اللبنانية، فعلى الرغم من كل المحاولات التي بذلتها "إسرائيل" لم تتمكن من القضاء على المقاومة اللبنانية، بل على العكس أثبتت المقاومة اللبنانية أنها ازدادت قوةً على مر السنين، وهي اليوم أفضل حالاً من أي وقت مضى.

هل ستصل الحرب إلى داخل لبنان؟

منذ بدء طوفان الأقصى في تشرين الأول/أكتوبر الماضي وجدنا أن "إسرائيل" وحزب الله لم يوسعا دائرة الاشباكات، وبقي الصراع بينهما ضمن المناطق الحدودية. فالجيش الإسرائيلي بطبيعة الحال يفضل الحروب قصيرة الأمد، لأنه يشعر بالقلق إزاء فتح جبهة جديدة في حدوده الشمالية. فلو اشتعلت الحرب في هذه الجبهة فسوف تكون مختلفة تماماً عن الحرب في غزة، فاندلاع حرب بين لبنان و"إسرائيل"، يعني أن الأخيرة ستجد في المقاومة اللبنانية قوة لا تقل عن قوة الجيوش النظامية، وفوق ذلك هي تعلم جيداً أن المقاومة اللبنانية تتمتع بخبرة كبيرة في حرب العصابات.

كما أن "إسرائيل" لا تعرف بالضبط إلى أي مستوى زاد حزب الله من قدراته العسكرية منذ حرب 2006، ولن تتمكن من فرض حصار على لبنان كالذي فرضته على غزة، بالإضافة إلى ذلك كله إذا نشبت مثل هذه الحرب فستقاتل فيها قوات من مختلف الكيانات السياسية ولا سيما حركة أمل، وربما الجيش اللبناني أو وحدات تابعة له على الأقل، إلى جانب حزب الله. وهذا ليس بالأمر الذي تستطيع "إسرائيل" تحمله بسهولة؛ ولذلك ليس في نية "إسرائيل" نقل مجموعات كبيرة من قواتها إلى حدودها الشمالية في ظل انشغالها بحرب غزة المستمرة.

ولكن على صعيد آخر، نرى أن نتنياهو وبعض المتطرفين في حكومته مثل بن غفير يسعون إلى إحداث حروب جديدة تتسبب في هجوم أطراف أخرى على "إسرائيل"، لأن ذلك "الهجوم" ولو كان دفاعاً عن النفس سيشكل بالنسبة لهم مسوغاً لتصوير "إسرائيل" على أنها "ضحية" تتعرض للاعتداء، وبناء عليه يحصلون على تعاطف الرأي العام العالمي، وبعبارة أخرى الحصول على مزيد من الدعم الأميركي، وعلى الرغم من أن إدارة بايدن أعلنت مراراً أنها لا ترغب بنشوب حرب جديدة مع لبنان إلا أنه ما من شك أنها ستقدم الدعم العسكري والسياسي والمالي لإسرائيل في حال اندلاع حرب من هذا القبيل.

في المقابل يمتلك حزب الله من القوة والردع ما لا يملكه الجيش اللبناني نفسه. فحين نفكر في العمليات الماضية، وفي مقدمتها المقاومة التي تطورت في جنوب لبنان منذ منتصف الثمانينات، وحرب تموز 2006، يمكننا القول: "لولا حزب الله لما بقي شيء من لبنان اليوم".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.