"واشنطن بوست": القومية المسيحية تدعم التدخل الروسي في أوكرانيا

يستحضر البطريرك كيريل رؤية لروسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا كدولة واحدة يوحدها التاريخ التأسيسي المشترك.

  • البطريرك الروسي الأرثوذكسي كيريل أمام كاتدرائية المسيح المخلص في موسكو (جيتي إيماجيس).
    البطريرك الروسي الأرثوذكسي كيريل أمام كاتدرائية المسيح المخلص في موسكو (جيتي إيماجيس).

كتب إيشان ثارور مقالة في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تناول فيها دور الكنيسة الأرثوذكسية في دعم العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

وقال الكاتب إنه في تشرين الأول / أكتوبر 2015، نال التدخل العسكري الروسي الذي كان قد تم إطلاقه حديثاً للدفاع عن الرئيس السوري بشار الأسد مباركة من رجال الدين الروس. فقد أعلن البطريرك كيريل، الزعيم القوي للكنيسة الأرثوذكسية الروسية والحليف القريب للرئيس فلاديمير بوتين، أن العملية "قرار مسؤول باستخدام القوات العسكرية لحماية الشعب السوري من ويلات استبداد الإرهابيين".

وذهب المتحدث الرئيسي لكنيسة كيريل، رئيس قسم الشؤون العامة في الكنيسة، فسيفولود تشابلن إلى أبعد من ذلك قائلاً: "الحرب مع الإرهاب معركة مقدسة واليوم ربما تكون بلادنا هي القوة الأكثر نشاطًا في العالم التي تحاربها".

وأضاف الكاتب أنه بعد سبع سنوات، يلقي كيريل ورجال دينه المخلصون الآن خطباً حول دور بلادهم في معركة مقدسة أخرى صالحة. لا يهم أن العديد من الأوكرانيين الذين يتغلبون على وطأة آلة الحرب الروسية هم من رعايا كيريل حيث هناك حوالى 12000 أبرشية في أوكرانيا تخضع للكنيسة في موسكو. بينما تشرع روسيا في هجوم جديد واسع النطاق في شرق البلاد، أعرب كيريل عن قليل من القلق بشأن حياة الملايين من الأوكرانيين. بدلاً من ذلك، أطلق رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية نفس النوع من الخطاب الأيديولوجي العميق مثل بوتين. لقد وصف المعركة بأنها دراما دينية ووطنية، معركة وجودية بين الخير والشر، صدام بين التقاليد والقيم والوحدة الروسية السلافية والتأثيرات الأجنبية المفسدة المتفاقمة على حدود روسيا.

قال البطريرك في خطبة يوم 6 آذار / مارس: "لقد دخلنا في صراع ليس له مغزى مادي بل ميتافيزيقي". وأضاف، مدعياً ​​"أن الله كان إلى جانب روسيا ووسع نقده لليبرالية الغربية. وتابع: "يوجد اليوم اختبار للولاء لهذا النظام العالمي الجديد، نوع من المرور إلى ذلك العالم "السعيد"، عالم الاستهلاك المفرط، عالم "الحرية" الزائفة. "هل تعرف ما هو هذا الاختبار؟ الاختبار بسيط للغاية وفي نفس الوقت مروع - إنه موكب فخر المثليين".

وقال الكاتب: "قد تتساءل ما علاقة حقوق المثليين بالحرب الدموية في أوكرانيا. لكن كيريل صاغ لفترة طويلة التحديات الجيوسياسية الروسية في هذه المصطلحات، على أنها الصراع بين روسيا المحافظة الفاضلة ثقافياً والغرب الفاسد غير الأخلاقي. لقد عززت رسالته المواقف الأكثر علمانية للكرملين، وساعدت في تشكيل مشروع بوتين القومي لما بعد الاتحاد السوفياتي، وهذه المصطلحات تضيف الآن مزيداً من الشرعية إلى المجهود الحربي الروسي".

وقال سيريل هوفورون، أستاذ الإكليسيولوجيا والعلاقات الدولية والحركة المسكونية في جامعة كوليدج ستوكهولم، لزملائي: "يجب أن يكون لأي حرب أسلحة وأفكار". "في هذه الحرب ، قدم الكرملين الأسلحة، وأعتقد أن الكنيسة تقدم الأفكار".

يعود الفضل في نشر كيريل للعقيدة المعروفة باسم "روسكي مير" أو "العالم الروسي". إنه يستحضر رؤية روسيا وبيلاروسيا وأوكرانيا كدولة واحدة يوحدها التاريخ التأسيسي المشترك للاستيطان من قبل الفايكنغ فولغا وتحول القرن العاشر إلى المسيحية الأرثوذكسية. لقد حدث الكثير من هذا التاريخ المقدس في مواقع موجودة في أوكرانيا.

وأوضحت الكاتبة في "واشنطن بوس" جين والين ذلك بقولها: "قد تبدو هذه العقيدة سلمية للبعض، لكن النقاد يقولون إن روسيا تستخدمها لإعادة تأكيد هيمنتها على الأراضي التي كانت تسيطر عليها خلال الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفياتي". لقد اعتنق بوتين العقيدة في خطاباته الأخيرة، مدعياً أن أوكرانيا لم تكن موجودة في الواقع كدولة منفصلة وهي تنتمي تاريخياً إلى أراضٍ بقيادة روسيا. يقول المؤرخون "إن هذا خطأ كلياً".

حض البطريرك كيريل الروس صراحة على دعم حكومتهم. ودعا إلى دعم شعبي للكرملين حتى يتمكن من "صد أعدائه، في الخارج والداخل". وزعمت تقارير بالفعل عن فقدان قساوسة روس لوظائفهم بعد إلقاء خطب تدعو إلى إنهاء الحرب ومعاناة الأوكرانيين.

وقال الكاتب إن باليساريين "المناهضين للإمبريالية" في الغرب غالباً ما يقدّر روسيا بقيادة بوتين كثقل موازن لمخططات واشنطن كقوة مهيمنة عالمية. لكن التديّن غير الليبرالي الكامن وراء الحكم الشمولي للرجل القوي جعل من بوتين شخصية مشهورة إلى حد ما بين الإنجيليين الأميركيين واليمين الديني.

فالمئات من الكهنة الأرثوذكس في أوكرانيا وأماكن أخرى هم أقل إعجاباً به. فقد وقع أكثر من 320 شخصاً على رسالة الأسبوع الماضي يتهمون فيه كيريل بـ"البدعة" لدعمه للحرب ويطالبون بتقديمه أمام محكمة كنسية لإقالته.

وكتبوا يقولون: "ارتكب كيريل جرائم أخلاقية بمباركته الحرب ضد أوكرانيا ودعمه الكامل للأعمال العدوانية للقوات الروسية على الأراضي الأوكرانية. من المستحيل بالنسبة لنا أن نبقى في أي شكل من أشكال الخضوع الكنسي لبطريرك موسكو".

وقد أدت التوترات السياسية بين روسيا وأوكرانيا بالفعل إلى انقسام داخل المجتمع الأرثوذكسي الأخير، حيث لم تعد بعض التجمعات الدينية تربط نفسها ببطريركة موسكو. 

كما أن النظراء في أماكن أخرى جعلوا كيريل مدركاً لقلقهم. في مكالمة فيديو الشهر الماضي مع كيريل، حذر بابا الفاتيكان فرانسيس من استخدام الصليب المسيحي لتبرير الغزو والحرب. وكان كيريل قد قدم أخيراً أيقونة لقائد روسي مسؤول عن عدد من الفرق التي تقاتل في أوكرانيا.

وورد أن البابا أخبر كيريل الشهر الماضي قائلاً: "ذات مرة كان هناك حديث أيضاً في كنائسنا عن الحرب المقدسة أو الحرب العادلة. اليوم لا يمكننا التحدث بهذه الطريقة".

نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت

 

حلف الناتو يحاول التمدد باتجاه الشرق قرب حدود روسيا، عن طريق ضم أوكرانيا، وروسيا الاتحادية ترفض ذلك وتطالب بضمانات أمنية، فتعترف بجمهوريتي لوغانسك ودونيتسك، وتطلق عملية عسكرية في إقليم دونباس، بسبب قصف القوات الأوكرانية المتكرر على الإقليم.