القوات الأميركية في سوريا تحزم حقائبها.. هل وصل قرار الانسحاب؟

القوات الأميركية بدأت منذ منتصف شهر آذار/مارس الماضي تفكيك بعض قواعدها العسكرية في شرق الفرات. فهل تنسحب؟

  • القوات الأميركية في سوريا تحزم حقائبها.. هل وصل قرار الانسحاب؟
    القوات الأميركية في سوريا تحزم حقائبها.. هل وصل قرار الانسحاب؟

وسط معطيات ترجّح إمكانية الانسحاب قريباً، بدأت القوات الأميركية منذ منتصف شهر آذار/مارس الماضي تفكيك بعض قواعدها العسكرية المنتشرة في مناطق شرق الفرات شمال شرقي سوريا من دون إعلان رسمي عن هذه التحركات.

وبحسب معلومات حصلت عليها الميادين، فإن طائرات شحن أميركية نقلت خلال الأيام الماضية عتاداً عسكرياً متنوّعاً وضباطاً وجنوداً من قواعد شرق الفرات باتجاه شمال العراق، تزامناً مع إنزال المنطاد العسكري المخصص للمراقبة والاستطلاع من سماء قاعدة "تل بيدر" شمال مدينة الحسكة.

وشملت التحركات الأميركية نقل بعض الضباط والجنود من قاعدة "استراحة الوزير" الواقعة في الريف الغربي لمدينة الحسكة، عبر طائرات مروحية إلى الأراضي العراقية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى قاعدة "مساكن حقول الجبسة" بمدينة الشدادي جنوب الحسكة.

وتكثّفت التحركات العسكرية في قواعد مدينة الحسكة، بعدما عمدت القوات الأميركية إلى خفض وجودها العسكري في قواعد ريف دير الزور الشرقي وهي: "كونكو" و"القرية الخضراء" و"حقل العمر"، إذ تم نقل آليات ومعدات عسكرية وجنود إلى قاعدة الشدادي، تمهيداً لنقلهم إلى شمال العراق حيث توجد قواعد أميركية.

وترافقت التحركات الأخيرة مع استنفار عسكري وأمني للقوات الأميركية في عموم مناطق شرق الفرات، حيث شهدت الأيام الماضية تحليقاً مكثّفاً للطيران المروحي والمسيّر في أجواء دير الزور والحسكة والقامشلي، كما رافقت بعض المروحيات عملية انسحاب أرتال عسكرية من الحسكة نحو إقليم كردستان العراق.

اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي: قلق في المؤسستين الأمنية والسياسية بشأن انسحاب أميركي من سوريا

ترامب يريد الانسحاب

وأكدت تقارير إعلامية في شباط/فبراير الماضي أن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" بدأت بإعداد خطط لسحب كامل القوات الأميركية من سوريا.

وبحسب ما نقلته شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية عن مسؤولين دفاعيين، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب والمسؤولين المقربين منه أبدوا رغبتهم في سحب القوات من سوريا، ما دفع "البنتاغون" إلى البحث في إمكانية تنفيذ الانسحاب خلال فترة تتراوح بين 30 و90 يوماً.

وفي تصريحات سابقة، نفى ترامب أيّ نية للولايات المتحدة للتورط في سوريا، مؤكداً أن "هذا البلد لا يحتاج إلى تدخل أميركي".

في المقابل، قالت "قوات سوريا الديمقراطية - قسد" إنها لم تتلقَ أيّ خطط لانسحاب القوات الأميركية من شمال وشرق البلاد.

وصرح المتحدث باسم القوات فرهاد شامي لوكالة "رويترز" بعد التسريبات الأميركية، بأن تنظيم "داعش" والقوى "الخبيثة" الأخرى ينتظرون فرصة الانسحاب الأميركي لإعادة النشاط والوصول إلى حالة 2014.

وكان ترامب أصدر خلال ولايته الأولى عام 2019 أمراً بسحب جميع القوات الأميركية من سوريا، إلا أن وزير الدفاع آنذاك، جيمس ماتيس، اعترض على القرار واستقال اعتراضاً عليه.

ورغم خفض عدد القوات الأميركية داخل القواعد المنتشرة في سوريا في تلك الفترة، فإنّ الولايات المتحدة حافظت على وجودها العسكري ولم يتم تفكيك أيّ قاعدة عسكرية.

اقرأ أيضاً: "الغارديان": قائد "قسد" يدعو ترامب إلى إبقاء القوات الأميركية في سوريا

من 900 إلى 4200 جندي

بعد سقوط النظام السوري السابق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر الماضي، اتخذت القوات الأميركية في سوريا سلسلة من الإجراءات لتأمين قواعدها العسكرية شرق الفرات، حيث تم نقل قوات عسكرية من العراق إلى تلك القواعد، ليصل عدد القوات الأميركية نهاية العام الماضي إلى 4200 جندي، بعدما كان سابقاً لا يتجاوز 900 جندي.

بالتوازي مع ذلك، اتخذت القوات الأميركية إجراءات أمنية مشددة بمحيط السجون والمخيمات التي تضم عناصر تنظيم داعش وعوائلهم شرق الفرات، مثل: سجن "البلغار" قرب مدينة الشدادي، وسجن "الصناعة" في الحسكة، ومخيمي "الهول" و"روج أورفا".

وكانت القوات الأميركية قد خفّضت وجودها العسكري في قواعدها داخل سوريا منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، عندما أطلقت فصائل المقاومة عملية "طوفان الأقصى" في قطاع غزة.

وتعرّضت القوات الأميركية داخل سوريا منذ بدء "الطوفان" لهجمات شبه يومية بالصواريخ والطائرات المسيّرة من فصائل المقاومة الشعبية في سوريا والعراق، ما أدى إلى إيقاع عشرات الإصابات بصفوف الجنود الأميركيين، إضافةً إلى وقوع أضرار مادية كبيرة داخل القواعد، منها خروج مدرج مطار "خراب الجير" في ريف الحسكة عن الخدمة، وفقاً لما أقرّت به وزارة الدفاع الأميركية في وقت لاحق.

ولمحاولة صدّ الهجمات المستمرة في تلك الفترة، عززت القوات الأميركية قواعدها في سوريا بأنظمة دفاع جوي متطورة ومناطيد ورادارات وكاميرات حرارية تم تركيبها على أبراج عالية بمحيط القواعد، كما تم رفع سواتر ترابية ووضع كتل إسمنتية كبيرة، خوفاً من هجمات برية لقوات المقاومة الشعبية في المنطقة الشرقية.

اقرأ أيضاً: تقرير أميركي: على واشنطن الانسحاب من سوريا وابتلاع ما تلقته هيبتها من ضربات

أين تنتشر القوات الأميركية داخل سوريا؟

بدءاً من تشرين الأول/أكتوبر من العام 2015، انتشرت أول دفعة من الوحدات الخاصّة الأميركية في سوريا، تحت مُسمى التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش. ولاحقاً، تم تشييد قواعد عسكرية عديدة بذريعة دعم "قوات سوريا الديمقراطية" في عملياتها ضد تنظيم "داعش".

تتوزع القواعد العسكرية الأميركية في سوريا ضمن المنطقة الممتدة شرق نهر الفرات وصولاً إلى الحدود العراقية، إضافة إلى قاعدة "التنف" عند المثلث الحدودي السوري – الأردني – العراقي، لكن الانتشار الأكبر يقع في الحسكة ودير الزور، كما أن توزع القواعد الأميركية في شرق الفرات جعلها أشبه بالطوق الذي يُحيط بحقول النفط والغاز تحديداً.

وتنتشر القوات الأميركية في 18 موقعاً ضمن مناطق سيطرة "قسد" شرق الفرات، وتنقسم هذه المواقع إلى: مكاتب استخباراتية، وقواعد عسكرية، ونقاط مراقبة.

ويوجد 10 مواقع عسكرية أميركية في محافظة الحسكة، و6 في ريف دير الزور، وموقعين في محافظة الرقة.

في محافظة الحكسة، توجد قواعد "أوباما الصغرى" و"خراب الجير" و"تل بيدر" و"استراحة الوزير" و"مساكن حقول الجبسة"، وهي أكبر القواعد الأميركية في مناطق سيطرة "قسد"، ويوجد داخلها أماكن إقامة ومنامة للجنود الأميركيين، كما يوجد في الحسكة مكتب استخباراتي أميركي لجمع المعلومات.

أما أهم القواعد في ريف دير الزور، فهي: قاعدة معمل "كونيكو" للغاز وقاعدة "القرية الخضراء" وقاعدة "حقل العمر".

إضافة إلى قواعد شرق الفرات، تمتلك القوات الأميركية قاعدة "التنف" التي تحتضن أكبر معسكر تدريبي، إضافة إلى وجود فصائل سورية مسلّحة تحت مُسمى "جيش سوريا الحرّة" الذي يحظى بدعم وتسليح كامل من القوات الأميركية.

اقرأ أيضاً: البنتاغون يضع خططاً لسحب القوات الأميركية من سوريا

اخترنا لك