في ذكرى جمّول.. ما أبرز عملياتها؟ وكيف أثّرت في تحرير لبنان؟
عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، تشكّلت "جمّول" في بيروت. تعرّف إلى ظروف تأسيسها، وأبرز شخصياتها وأحزابها، وعملياتها ضد الاحتلال.
-
"جمّول" ذات خلفية يسارية قومية، وتوجّه تحرّري مناهض للاستعمار والصهيونية
في بيروت، خريف عام 1982 وعقب الاجتياح الإسرائيلي، تشكّلت جبهة لبنانية مقاومة، حملت اسم "جمّول"، اختصاراً لـ"جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية".
ضمّت "جمّول" أحزاباً وقوى يسارية وقومية وعلمانية، ونفّذت عمليات استشهادية وفدائية ضدّ الاحتلال الإسرائيلي و"جيش لبنان الجنوبي"، في بيروت وجبل لبنان والجنوب، منذ عام 1982 وحتى أواخر التسعينيات.
تُوصَف هويتها بأنّها وطنية عابرة للطوائف، ذات خلفية يسارية قومية، وتوجّه تحرّري مناهض للاستعمار والصهيونية، وامتداد عربي.
ظروف تأسيس "جمّول"
أُعلنت "جمّول" رسمياً في الـ16 من أيلول/سبتمبر 1982، يوم دخول "جيش" الاحتلال الإسرائيلي إلى ما عُرف حينها بـ"بيروت الغربية".
تمّ الإعلان عبر بيانٍ مشترك دعا إلى المقاومة المسلحة ضدّ الاحتلال، ووقّعه الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، جورج حاوي، والأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي، محسن إبراهيم، وانضمّت إليه قوى قومية ويسارية أخرى.
وجاء الإعلان مباشرةً بعد الاجتياح الإسرائيلي وحصار بيروت ومجزرة صبرا وشاتيلا، وفي ذروة الفراغ الأمني والسياسي الذي شهدته البلاد.
الخلفيّة الفكرية لـ"جمّول"
قامت "جمّول" على مزيج من القومية العربية واليسار (ماركسية–لينينية، اشتراكية عربية)، والعلمنة، ومبدأ المقاومة الوطنية ضدّ الاحتلال الأجنبي. كانت جبهةً عابرةً للطوائف، تركّز خطابها على التحرير والسيادة ومناهضة الإمبريالية.
أبرز الشخصيات
من بين قيادات "جمّول" ومؤسسيها جورج حاوي، محسن إبراهيم، حسين مروة (المفكّر الماركسي البارز وأحد أبرز منظّري الحزب الشيوعي اللبناني الذين أسهموا في تكوين الرؤية الفكرية والسياسية للمقاومة الوطنية) وإلياس عطا الله (قائد عمليات في مرحلة الاحتلال، وفق صحف لبنانية).
وبرزت إلى جانب هؤلاء أسماء فكرية وسياسية يسارية في مشهد جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية.
الأحزاب والقوى المنضوية ضمن "جمّول"
تنوّعت مكوّنات "جمّول"، وأبرزها:
- الحزب الشيوعي اللبناني، وقواته "الحرس الشعبي".
- منظمة العمل الشيوعي في لبنان.
- الحزب السوري القومي الاجتماعي.
- الحزب التقدمي الاشتراكي، وجناحه العسكري "جيش التحرير الشعبي".
- حزب البعث العربي الاشتراكي – لبنان.
- منظمة العمل العربي الاشتراكي – لبنان.
- التنظيم الشعبي الناصري.
- الحزب العربي الديمقراطي.
- الفصائل المسلحة الثورية اللبنانية.
كما حظيت "جمّول" بإسناد من فصائل فلسطينية يسارية، كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.
أبرز عمليات "جمّول"
الموجة الأولى (1982–1984)
وثّقت دراسة لـ"MERIP" أنّ "جمّول" نفّذت أكثر من ألف عملية خلال العامين الأولين للاجتياح، وتحديداً خلال الفترة الممتدة بين تاريخ التأسيس، في الـ16 من أيلول/سبتمبر 1982، حتى الـ27 من أيار/مايو 1984.
وبحسب ما وثّقته وسائل إعلام لبنانية، بلغ عدد عمليات "جمّول"، التي شملت عمليات استشهادية للحزب الشيوعي والحزب السوري القومي الاجتماعي، 1382 خلال عامين.
ووفقاً لدراسة "MERIP"، سجّل شهر آب/أغسطس 1984 وحده تنفيذ 74 عملية.
ومن بين عمليات هذين العامين:
عملية بسترس
تُعدُّ عملية بسترس فاتحة العمل المنظَّم لـ"جمّول". نفّذها ثلاثة فدائيين من الحزب الشيوعي، يوم تأسيس الجبهة، في الـ16 من أيلول/سبتمبر 1982، عند صيدلية بسترس في بيروت.
أدّت العملية إلى وقوع قتلى ومصابين في صفوف الاحتلال، وتشير شهادات صحافية لبنانية إلى تدمير ناقلات جنود.
عملية الويمبي
-
الصفحة الأولى من جريدة السفير يوم السبت، الـ25 من أيلول/سبتمبر 2025، وعليها (إلى جهة اليسار) صورة تظهر جنوداً إسرائيليين أمام مقهى "الويمبي"، عقب العملية التي نفّذها خالد علوان
نفّذ خالد علوان، من الحزب السوري القومي الاجتماعي، ورفاق له عملية في مقهى الويمبي، الواقع في شارع الحمرا في بيروت، يوم الـ24 من أيلول/سبتمبر 1982.
قتل في العملية ضابط إسرائيلي، وأُصيب جنديان، كانوا جالسين إلى إحدى طاولات المقهى.
عملية وجدي الصايغ
في الـ13 من آذار/مارس 1985، قام الاستشهادي الأول في الحزب السوري القومي الاجتماعي، وجدي الصايغ، بتفجير نفسه برتل تابع لـ"جيش" الاحتلال الإسرائيلي على طريق جزين–كفرحونة، في جنوبي لبنان.
أسفر ذلك عن تدمير جيب للاحتلال، ومقتل من فيه (ضابط وجنديين)، إلى جانب تضرّر آليات أخرى. وقُدِّر سقوط نحو 30 بين قتيل وجريح في صفوف الاحتلال.
عملية سناء محيدلي
متأثّرةً بوجدي الصايغ، نفّذت سناء محيدلي (17 عاماً)، المعروفة بـ"عروس الجنوب"، عمليةً استشهاديةً عند معبر "باتر" في جزين، في الـ9 من نيسان/أبريل 1985.
فجّرت محيدلي نفسها وسط التجمّع الذي كان ينظّم المرحلة الثانية من الانسحاب من القطاع الشرقي في جنوبي لبنان، فكانت الحصيلة مقتل وإصابة عدد من الضباط والجنود، بحسب ما أقرّ به الاحتلال الإسرائيلي.
تدمير "إذاعة لحد"
في الـ17 من تشرين الأول/أكتوبر 1985، نفّذ 4 فدائيين من الحزب الشيوعي اللبناني، عمليةً معقّدةً استهدفت محطة البثّ التابعة لـ"جيش لبنان الجنوبي" المتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي.
تمّ تدمير مبنى الإذاعة في العملية، ومقتل عناصر من الحرس، البالغ عددهم 15.
عملية جبل الشيخ
استهدفت "جمّول" في الـ16 من أيلول/سبتمبر 1987 مواقع تابعة للاحتلال الإسرائيلي في محيط جبل الشيخ، في عملية نوعية أسفرت عن مقتل ضابطين وجنديين، وجرح خمسة جنود آخرين.
أُسر في العملية مقاومون، بينهم المنفّذ، أنور ياسين.
محاولة اغتيال أنطوان لحد
نفّذت المناضلة سهى بشارة، من الحزب الشيوعي اللبناني، محاولةً لاغتيال قائد "جيش لبنان الجنوبي"، أنطوان لحد، في الـ17 من تشرين الثاني/نوفمبر 1988، في مرجعيون.
أُسرت بشارة في إثر العملية، ثم نُقلت إلى معتقل الخيام، حيث بقيت 10 أعوام.
كمائن واستهداف قوات الاحتلال وجيش لبنان الجنوبي
إلى جانب ذلك، شملت عمليات "جمّول" تنفيذ كمائن، تفجير طرقاتٍ عسكرية واستهداف دوريات وثكنات للاحتلال الإسرائيلي وجيشه المُوالي جنوباً وفي محيط بيروت، على مدى أعوام الاحتلال.
أثر عمليات "جمّول" في مسار التحرير
أسهمت عمليات "جمّول" في فرض كلفة عالية على الاحتلال الإسرائيلي في حال بقائه في لبنان، الأمر الذي عجّل في انسحاب "الجيش" من بيروت وجبل لبنان وتراجعه شمالي نهر الأوّلي (1982–1985)، قبل انكفائه إلى "المنطقة الأمنية" جنوباً، ووصولاً إلى الانسحاب التامّ وتحرير الجنوب عام 2000.