كيف حول الاحتلال موسم الزيتون إلى مأساة متجددة للفلاح الفلسطيني؟

شهد موسم الزيتون في الضفة الغربية بين 2023 و2025 اعتداءات إسرائيلية واسعة، شملت تدمير أكثر من نصف مليون شجرة ومنع المزارعين من أراضيهم وسرقة محاصيلهم.

  • مستوطنون يسرقون محصول الزيتون من أراضي الفلسطينيين في واد سعير شمالي الخليل في الضفة الغربية (تواصل اجتماعي)
    مستوطنون يسرقون محصول الزيتون من أراضي الفلسطينيين في واد سعير شمالي الخليل في الضفة الغربية (تواصل اجتماعي)

يُعتبر موسم قطف الزيتون في الضفة الغربية من أبرز المحطّات الزراعية والاقتصادية في فلسطين، إذ يعتمد عليه آلاف المزارعين كمصدرٍ رئيسيٍّ للرزق. لكنّ هذا الموسم شهد تصعيداً غير مسبوق من قِبل الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه، ما أدّى إلى تدهور الوضع الزراعي والإنساني والاقتصادي في العديد من المناطق.

الاعتداءات على المزارعين (2023–2025)

منذ بداية موسم الزيتون في تشرين الأول/أكتوبر 2023، وثّقت المنظمات الحقوقية أكثر من 38,000 اعتداء بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، بينها 7,154 اعتداء نفّذها المستوطنون، وأسفرت عن استشهاد 33 فلسطينياً، من بينهم مزارعون، وفقاً لمصادر فلسطينية رسمية.

في بلدة مادما جنوب نابلس في الضفة، تعرّض المزارعون لاعتداءات متكررة من قبل مستوطني مستوطنة "يتسهار"، حيث أُجبروا على مغادرة أراضيهم وتعرّضوا للضرب، كما دُمّرت ممتلكاتهم وسُرقت محاصيلهم.

وفي قرية ياسوف شرق سلفيت، هاجم مستوطنون مُسلحون قاطفي الزيتون وأجبروهم على المغادرة، ما أدّى إلى إصابة عددٍ منهم وتخريب نحو 600 شجرة زيتون.

المنع من الوصول إلى الأراضي

وأفادت وزارة الزراعة الفلسطينية بأنّ الاحتلال والمستوطنين منعوا المزارعين من الوصول إلى أكثر من 150,000 دونم من الأراضي المزروعة بالزيتون في مناطق متفرقة من الضفة، ما يشكّل نحو 10% من إجمالي المساحات المزروعة.

وفي مختلف المحافظات — القدس، سلفيت، قلقيلية، جنين، نابلس، طولكرم، رام الله والبيرة، الخليل، بيت لحم، أريحا وطوباس — فرض الاحتلال قيوداً مشددة على حركة المزارعين، وأقام بوابات حديدية وأغلق طرقاً زراعية، ما أعاق وصولهم إلى أراضيهم.

الاعتداءات على الأشجار والمعدات

وشهدت الأعوام الثلاثة (2023–2025) تصاعداً كبيراً في الاعتداءات على مزارعي الزيتون في الضفة الغربية، وفق تقرير وزارة الزراعة الفلسطينية:

-أكثر من 38,000 اعتداء خلال عام 2023، منها 7,154 من قبل المستوطنين.

-تدمير أكثر من 500,000 شجرة زيتون بين عامَي 2023 و2024، سواء بالقطع أو الحرق أو التحطيم.

-9,700 شجرة زيتون دُمّرت حتى منتصف عام 2025.

سرقة ثمار الزيتون

كما تُعد سرقة ثمار الزيتون من أبرز أساليب الاعتداء التي يمارسها المستوطنون بحق المزارعين الفلسطينيين خلال موسم الحصاد، وتشمل قطف المحصول بالقوة أو منعه عن المزارعين.

في بلدة دوما، أقدم المستوطنون على قطف ثمار الزيتون عند مدخل القرية، بينما في وادي الربابة ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، سرقوا المحصول فيما منعت قوات الاحتلال أصحاب الأرض من دخولها واعتدت عليهم.

أما في قرية رنتيس غرب رام الله، فاحتجزت قوات الاحتلال المزارعين ومنعتهم من الوصول إلى أراضيهم إلا بتصاريح خاصة.

  • مستوطنون إسرائيليون يسرقون ثمار الزيتون في الضفة الغربية (تواصل اجتماعي)
    مستوطنون إسرائيليون يسرقون ثمار الزيتون من واد سعير شمالي الخليل في الضفة الغربية (تواصل اجتماعي)

موسم الزيتون عام 2025 في ظل الاعتداء والحصار

كان من المفترض أن يُشكّل موسم الزيتون لعام 2025 فرصة للاحتفاء بصمود المزارعين وتجديد الأمل في الأرض، إلّا أنّ الاعتداءات الإسرائيلية الواسعة قلبت هذه الصورة.

منذ مطلع العام، وثّقت المنظمات الحقوقية اقتلاع وتدمير نحو 9,700 شجرة زيتون في مختلف مناطق الضفة الغربية، إلى جانب اعتداءاتٍ متكررةٍ على الأهالي.

في بيت عور برام الله، مُنع المزارعون من الوصول إلى أراضيهم، وفي دوما قطف المستوطنون الثمار عنوة، وفي وادي الربابة سُرقت المحاصيل، بينما أُجبر مزارعو رنتيس على استخراج تصاريح خاصة للوصول إلى أراضيهم.

وأظهرت التقارير المحلية أنّ محافظات بيت لحم ورام الله ونابلس فقدت حتى منتصف العام نحو 6,144 شجرة زيتون، إضافة إلى اقتلاع 55 شجرة معمّرة في عزون شرق قلقيلية، وتحطيم 50 شجرة في كفر قدوم، وقطع المزيد في أبو فلاح.

  • صورة تُظهر تخريب الأراضي الفلسطينية على يد المستوطنين الإسرائيليين (تواصل اجتماعي)
    صورة تُظهر تخريب الأراضي الفلسطينية على يد المستوطنين الإسرائيليين (تواصل اجتماعي)

وفي حادثةٍ أخرى، أقدمت مجموعات من المستوطنين على تدمير أكثر من 120 شجرة زيتون في سهل مرج سيع بين المغير وأبو فلاح، تعود ملكيتها لأهالي القرية ويقدَّر عمرها بأكثر من ستين عاماً، بعد أن دمّروا في الليلة السابقة أكثر من مئة شتلة.

على الرغم من قساوة الأعوام الثلاثة وما حملته من اعتداءاتٍ متواصلةٍ على الأرض والمزارعين، بقي الفلاح الفلسطيني ثابتاً في وجه آلة الغطرسة الصهيونية، متمسكاً بجذوره على الرغم من محاولات الاقتلاع.

فبينما تُقتلع الأشجار وتُغلق الطرق ويُمنع الوصول إلى الحقول، يبقى المزارع الفلسطيني حارس الأرض وذاكرتها، يعود كل عام إلى حقله حاملاً معوله وإيمانه العميق بأنّ الأرض لا تُترك مهما كان الثمن.

اقرأ أيضاً: التوسع الاستيطاني في الضفة والقدس: إعادة رسم جغرافيا فلسطين

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك