نضال بدارنة... حين تجرّم "إسرائيل" الضحك الفلسطيني وتبيح السخرية من الإبادة الجماعية

تعتقل "إسرائيل" الكوميدي الفلسطيني نضال بدارنة بسبب نكاته، بينما تسمح بسخرية فنانين إسرائيليين من الإبادة الجماعية في غزة. ازدواجية المعايير تتجلى بشكل صارخ في ملاحقة الأصوات الفلسطينية.

  • نضال بدارنة... حين تجرّم
    نضال بدارنة... حين تجرّم "إسرائيل" الضحك الفلسطيني وتبيح السخرية من الإبادة الجماعية

منع الكوميديا الفلسطينية... وسيلة قمع جديدة

لو استطاع قادة الاحتلال الإسرائيلي منع الهواء عن الفلسطينيين، لما ترددوا لحظة. فـ "إسرائيل" تستخدم كل الوسائل، من الإبادة الجماعية والتجويع، إلى التهجير القسري والاعتقال السياسي، والآن منع الكوميديا الفلسطينية.

نضال بدارنة، أحد أشهر الكوميديين الفلسطينيين، وجد نفسه هدفًا لهذه الممارسات. ففي 24 شباط/فبراير، داهمت الشرطة منزله واعتقلته بسبب نكات ألقاها على المسرح.

الشرطة تداهم... والسبب: نكتة!

بحسب الشرطة الإسرائيلية، فإن النكات التي ألقاها نضال بدارنة شكّلت "تهديدًا للنظام العام". لكن خلف هذا الادعاء، تقف حملة تحريض إعلامي ويميني منظّمة، بدأت عندما قام برنامج "هزينور" الإسرائيلي بترجمة مقاطع من عروضه ومشاركتها على "إنستغرام"، ما فجّر موجة من التهديدات والضغط لإلغاء عروضه.

دعم رسمي للتحريض... وزير الثقافة يعلّق

بعد اعتقاله، أشاد وزير "الثقافة" الإسرائيلي ميكي زوهار بالقرار، قائلًا: "كل من يمزح بشأن الرهائن... مكانه السجن أو غزة، لا المسرح".

رغم ذلك، تم الإفراج عن نضال بعد ساعات دون شروط، ما يثبت أن القضية كانت استعراضاً سياسياً أكثر منها قضية أمنية.

أكثر من 200 تهمة تحريض ضد الفلسطينيين

تشير تقارير منظمة "عدالة" الحقوقية، ومقرها حيفا، إلى تسجيل نحو 200 حالة اعتقال بتهمة "التحريض" منذ 7 أكتوبر، طالت فنانين وصحفيين وأدباء فلسطينيين، ضمن توجه واضح لإسكات الصوت الفلسطيني حتى في المجال الثقافي والفني.

اقرأ أيضاً: الفلسطينيون وسؤال الفن بعد 7 أكتوبر.. أين أصبحنا؟

الكوميديا الإسرائيلية: سخرية من الضحايا... بلا حساب

بينما يُعتقل نضال بدارنة بسبب نكاته، يظهر فنانون إسرائيليون مثل جاي هوشمان وآفي نوسباوم وروي إيدان وهم يسخرون علناً من الإبادة الجماعية في غزة، دون أي محاسبة، وهنا نعرض نماذج لما قاله كل من الكوميديين الإسرائيليين في الآونة الأخيرة:

- جاي هوشمان، وهو جندي إسرائيلي وممثّل كوميدي ذو شعبيّة كبيرة في "إسرائيل"، نشر مقطع فيديو لنفسه وهو يخلع ملابسه على شاطئ غزة، ويصرخ: "كلّ شيءٍ لنا!". وفي الشهر نفسه، سخر من قتل الفلسطينيين في مقطع كوميدي ارتجالي مضمونه: "لا نحتاج [لنشر] أسمائهم – ما الذي يهمّني في اسم الإرهابي؟" وقال: "من وجهة نظري، يجب أن يكون محمّد 1، محمّد 2، محمّد 3، حتّى نصل إلى 100,000 وننتهي".

- آفي نوسباوم، وهو ممثّل كوميدي إسرائيلي أيضاً، تضمّن عرضه الكوميدي الارتجالي الأخير جملة: "اليوم، مات خمسة في غزة – انتظر لحظة، لم تعُد هذه هي النكتة بعد".

- روي إيدان، وهو كاتب تلفزيوني إسرائيلي، قال في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في برنامج ساخر معروف على قناة "كان 11" : "إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعيّة في غزة – للأسف".

ازدواجية المعايير... دليل على التواطؤ الرسمي

منع الكوميديا الفلسطينية وملاحقة نضال بدارنة في مقابل تساهل السلطات مع خطابات تحريضية إسرائيلية، يكشف نظاماً عنصرياً ممنهجاً يعتبر الفلسطيني خطراً لمجرد أنه يضحك.

في الختام: الفن سلاح... والرقابة تكشف الجبن

ما يحصل مع نضال بدارنة هو جزء من معركة الوعي، حيث يصبح النكتة أداة مقاومة، ويصبح الضحك "جريمة". لكن هذا القمع لا يُخيف الجمهور الفلسطيني، بل يزيده إصراراً على إيصال صوته بوسائل إبداعية.

اقرأ أيضاً: "مُدُن لا تموت".. سؤال الفنّ الفلسطيني في زمن الإبادة

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.

اخترنا لك