وزير الزراعة اللبناني يكشف للميادين نت حجم الأضرار نتيجة العدوان .. ويتحدث عن خطة التأهيل
وزير الزراعة اللبناني نزار هاني يؤكد للميادين نت أنّ استمرار الاحتلال في التعدّي على الأراضي اللبنانية واحتفاظه بـ "نقاط استراتيجية" يشكّل عائقاً أمام مشاريع إعادة التأهيل، مذكّراً أنّ الجنوب ليس مجرّد أرضٍ زراعية، بل هو العمود الفقري للإنتاج في لبنان.
-
هاني للميادين نت: سنعمل رغم التحدّيات الكبرى.. الاعتداءات واحتفاظ الاحتلال بنقاط عائق أمام التأهيل (غرافيك: حوراء علي)
ينوء لبنان بوزرٍ ثقيل من الأزمات المتعدّدة، فاقمه العدوان الإسرائيلي الهمجي، خاصة وأن الاحتلال اتبع سياسة الأرض المحروقة و"الأحزمة النارية"، و"غدر" باتفاق وقف إطلاق النار، فتمادى في التدمير الممنهج وقصف القرى حتى وصل به الأمر إلى استهداف المنازل الحديدية الجاهزة واقتلاع الأشجار المعمّرة..
وزير الزراعة اللبناني د. نزار هاني الذي نهل من مدرسة زراعية رائدة، وهي محمية أرز الشوف (تشكّل 5% من مساحة لبنان) التي يديرها منذ العام 2010، وهو كذلك نائب لرئيس اللجنة العالمية للمناطق المحمية التابعة للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة لمنطقة شمال أفريقيا وغرب آسيا والشرق الأوسط.
من هنا، لا يكلّ الرجل منذ استلامه سدّة الوزارة في 8 شباط/فبراير الماضي؛ اجتماعات يومية، زيارات ميدانية، والأهم من كل ذلك مخاطبة المزارعين اليومية وإرشادهم التقني والزراعي والمناخي عبر صفحته الشخصية.
كان هاني أول من زار الجنوب اللبناني المكلوم والمنكوب، معايناً بحرصٍ ودراية الدمار الهائل الذي لحق بالقطاعين الزراعي والحيواني، فعلى سبيل المثال لا الحصر، فقد تبيّن من خلال الزيارة وجود نحو 1000 شجرة زيتون معمّرة اقتلعها الاحتلال من جذورها وتركت في الأراضي، وبعد الكشف عليها من قبل مهندسي الوزارة أفيد بأنه يمكن إعادة زرعها.
وبهذه الرؤية الواضحة، يؤكد التزامه بحماية القطاع الزراعي في لبنان، وإعادة إعمار ما دمّرته الاعتداءات، من خلال تعاون محلي ودولي يهدف إلى تعزيز صمود المزارعين وتحقيق الأمن الغذائي الوطني.. فماذا قال هاني في أول مقابلة خاصة يجريها وزير من الحكومة الجديدة مع الميادين نت؟
المسوحات الميدانية الدقيقة ستبدأ قريباً
- أعلنتم عن مسح شامل للأضرار الزراعية بعد العدوان ، كيف ستكون الآلية، وما الغاية المرجوّة؟
لقد بدأنا في وزارة الزراعة بتقييم الأضرار من خلال خطة متكاملة تعتمد على مرحلتين. في المرحلة الأولى، استندنا إلى التقرير الذي صدر عن البنك الدولي حول المسح الشامل للأضرار الذي أعدّ بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية والمنظمات الدولية المعنية مثل "الفاو" وبرنامج الغذاء العالمي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، حيث استطعنا تحديد أنّ الأضرار تطال نحو 8500 هكتار من الأراضي الزراعية والأحراج.
أما المرحلة الثانية، فستكون مسوحات ميدانية دقيقة سيجريها ابتداء من الأسبوع المقبل فريق من الوزارة بالتعاون مع المجلس الوطني للبحوث العلمية ومنظمة الأغذية والزراعة مع البلديات في 350 بلدة متضررة بالتنسيق مع المحافظين والأجهزة الأمنية المعنية، وذلك بهدف حصر الأضرار بدقة وتقدير حجم الخسائر، تمهيداً لوضع خطة على المدى المباشر والقريب والمتوسط لإعادة تأهيل ودعم المزارعين المتضررين.
عايّنا حجم الدمار والمساحات المتضررة تتجاوز 4000 هكتار
-كيف وجدتم الوضع عن كثب بعد زيارتكم للجنوب، لجهة الأضرار وحجمها؟
الوضع في الجنوب مأساوي، والأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي كبيرة. خلال جولتنا، رأينا بأعيننا حجم الدمار الذي لحق بالمحاصيل الزراعية والبنى التحتية. تشير التقديرات الأولية إلى أنّ المساحات المتضررة تتجاوز 4000 هكتار. وقد تبيّن من خلال الزيارة وجود نحو 1000 شجرة زيتون معمّرة كانت قد اقتلعت من جذورها خلال العدوان وتركت في الأراضي والتي تبيّن بعد الكشف عليها من قبل مهندسي الوزارة بأنه يمكن إعادة زرعها، وفي هذا الإطار حصلنا على دعم من برنامج الأغذية والزراعة وبرنامج الغذاء العالمي لإعادة زرعها.
أما على صعيد التمويل للخطة الكاملة للنهوض بالقطاع الزراعي، فإننا نعمل على تأمين الدعم اللازم عبر مختلف الجهات المانحة والقطاع الخاصّ، هذا وقد تلقّى رئيس الحكومة وعوداً من دول عربية وصديقة لدعم إعادة الإعمار، بما يشمل القطاع الزراعي، وسنسعى إلى تحويل هذه الوعود إلى مشاريع ملموسة في أقرب وقت ممكن.
الجنوب هو العمود الفقري للإنتاج الزراعي
- كيف تقيّمون الأطماع الإسرائيلية الدائمة المتربّصة بأرضه؟
الجنوب ليس مجرّد أرضٍ زراعية، بل هو العمود الفقري للإنتاج الزراعي في لبنان، ويشكّل عنصراً أساسياً في تأمين الأمن الغذائي الوطني. هذه الأرض الطيبة التي تنتج خير لبنان، كانت ولا تزال في مرمى الأطماع الإسرائيلية، التي تسعى دائماً إلى تدمير مقوّمات صمودها. لكننا، بالتعاون مع المزارعين والجهات الداعمة، سنعيد إحياء هذا القطاع ليبقى الجنوب كما كان دائماً، منبع الخير للبنان.
- تحدّثتم عن "الأهمية الاستراتيجية للجنوب اللبناني في تحقيق الأمن الغذائي الوطني"، ما الذي يجعله بهذه الأهمية؟
الجنوب اللبناني يمثّل إحدى أهم المناطق الزراعية في البلاد، حيث تعتمد آلاف العائلات على الزراعة كمصدر رئيسي للدخل، كما أنّ محاصيله الزراعية تغذّي الأسواق اللبنانية وتشكّل جزءاً كبيراً من صادراتنا الزراعية.
من هنا، فإنّ أيّ ضرر يلحق بهذه المنطقة يهدّد الأمن الغذائي الوطني ويؤثّر على الاقتصاد الزراعي ككلّ، لذلك فإن حمايته وإعادة تأهيله أمر يعتبر أولوية لوزارة الزراعة وكلّ المعنيين بالأمن الغذائي.
-
المساحات الخضراء المتضررة في الجنوب تتجاوز 4000 هكتار
ملتزمون بالوقوف إلى جانب المزارعين المتضررين
-كيف تنصف وزارة الزراعة المزارعين المتضررين، في الجنوب والبقاع وغيرهما؟
نحن ملتزمون بالوقوف إلى جانب المزارعين المتضررين بكلّ الوسائل الممكنة. بدأنا بإجراء مسح شامل للأضرار بالتعاون مع الجهات المعنية، وسنعمل على تأمين الدعم المناسب لهم سواء من خلال المساعدات العاجلة أو عبر مشاريع إعادة التأهيل على المدى القريب والمتوسط. كما أننا نبحث مع شركائنا الدوليين إمكانية تقديم تعويضات أو مساعدات فنية للمزارعين لإعادة إطلاق عجلة الإنتاج في أسرع وقت ممكن.
هذه هي نتائج فحوصات "الفوسفور"
- اللبنانيون بحاجة إلى طمأنة منكم حول تأثير القصف الفوسفوري على القطاع الزراعي؟
الفحوصات المخبرية الأولية التي أجرتها وزارتا الزراعة والبيئة أكدت عدم تأثّر المحاصيل، خصوصاً الزيتون، بالفوسفور، ما يجعل استهلاكها آمناً. الفوسفور الأبيض يسبّب حرائق تؤثّر على الأراضي الزراعية، لكن ترسّباته تعود للدورة البيو - جيو - كيميائية الطبيعية.
أما تأثيره المحتمل على الإنتاجية، فقد يستدعي متابعةً وإرشاداً زراعياً لتعافي التربة. ومن هنا، نؤكد التزامنا بحماية البيئة وصحة المواطنين وضمان جودة المنتجات الزراعية.
-
الميادين نت يسأل حول نتائج الفحوصات بشأن استخدام الفوسفور
احتفاظ الاحتلال بنقاط استراتيجية يشكّل عائقاً أمام عملنا
- إلى أيّ مدى يؤثّر احتفاظ الاحتلال بما يسمّيه "نقاطاً استراتيجية على مشروعكم للتأهيل الزراعي هناك؟ وما الذي تطلبونه في هذا الإطار؟
استمرار الاحتلال في التعدّي على الأراضي اللبنانية واحتفاظه بنقاط استراتيجية يشكّل عائقاً أمام مشاريع إعادة التأهيل الزراعي. نحن نواجه تحدّيات كبيرة، لكننا لن نتوقّف عن العمل لإعادة الحياة إلى هذه المناطق. ونطالب المجتمع الدولي بالتدخّل للضغط على الاحتلال لوقف هذه الانتهاكات، كما ندعو الجهات المانحة إلى دعم جهود إعادة الإعمار رغم هذه التحدّيات.
- ما هي أولوياتكم في الوزارة اليوم، هل يمكنكم تلخيصها لنا؟
بالطبع، الأولوية الأولى هي إعادة إعمار وتأهيل الأراضي الزراعية المتضررة، ولا سيما في الجنوب والبقاع وبعلبك الهرمل.
الثانية: تعزيز الأمن الغذائي الوطني عبر الإرشاد الزراعي الذي يتناول الثروة الزراعية الحيوانية والأسماك والغابات، ودعم الإنتاج المحلي وتشجيع مشاريع الزراعة المستدامة.
الثالثة: تحسين البنية التحتية الزراعية وتطوير شبكات الري مع برامج لترشيد استهلاك المياه في ظلّ الشحّ في هذا المورد بسبب تغيّر المناخ.
الرابعة: دعم تصدير المنتجات الزراعية اللبنانية وفتح أسواق جديدة.
والخامسة، تعزيز البحث العلمي الزراعي والاستثمارات في القطاع الزراعي من خلال شراكات مع القطاع الخاص والجهات الدولية.
-
من جولات هاني الميدانية: احتفاظ الاحتلال بنقاط استراتيجية يشكل عائقاً أمام التأهيل الزراعي
مصمّمون على تحقيق تقدّم ملموس
-ماذا عن تأثير الوضع في سوريا على تصريف المنتجات اللبنانية للعالم العربي برّاً؟
سوريا تشكّل معبراً أساسياً لتصدير المنتجات اللبنانية إلى العالم العربي، وأي اضطراب فيها ينعكس سلباً على قطاع التصدير. نحن نتابع هذا الملف ونسعى إلى تعزيز التعاون مع الجانب السوري لضمان استمرارية حركة التصدير بسلاسة، كما أننا نعمل على استكشاف بدائل أخرى لتصدير منتجاتنا الزراعية.
-ما هي العراقيل الأساسية، وهل تتوقّعون تحقيق ذلك خلال عمر الحكومة الحالي؟
أبرز العراقيل هي نقص التمويل وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق بسبب الأوضاع الأمنية. رغم ذلك، نحن مصمّمون على تحقيق تقدّم ملموس في هذا الملف، حتى ضمن عمر الحكومة الحالي، وسنعمل على وضع أسس متينة لضمان استدامة هذه المشاريع على المدى الطويل.