"كواد كابتر" الإسرائيلية تؤرّق سكّان القطاع.. ماذا نعرف عن القاتل الصامت!

يملك "جيش" الاحتلال عدة أنواع من طائرات "كواد كابتر"، بحيث يخصّص بعضها للقيام بعمليات التجسّس وجمع المعلومات ومراقبة الميدان، في حين يقوم البعض الآخر بتنفيذ عمليات القتل والاغتيال.

  • في عالم الطائرات المسيّرة، يُعَدّ الكيان الصهيوني من الدول الاكثر تقدّماً على مستوى العالم.
    في عالم الطائرات المسيّرة، يُعَدّ الكيان الصهيوني من الدول الاكثر تقدّماً على مستوى العالم.

خلال الحروب السابقة، التي شنّها العدو الصهيوني على قطاع غزة، وخصوصاً بعد عام 2008، والتي سقط خلالها الآلاف من الشهداء والمصابين، استخدم جيش الاحتلال الطائرات المسيّرة بكثافة عالية، ولاسيّما في أثناء تنفيذه مئات عمليات الاغتيال من الجو، والتي استهدفت في الغالب رجال المقاومة الذين كانوا يتصدّون لعدوانه من خلال الوسائل والإمكانات التي في حوزتهم، والتي لا تكافئ، ولو في الحد الأدنى، ما لدى العدو الصهيوني من وسائل وأدوات عسكرية تُعَدّ من الأحدث والأفضل على مستوى العالم، إلا أن هذا الفارق الهائل في ميزان القوة العسكرية لم يدفع المقاومة الفلسطينية في أي مرحلة من مراحل الصراع إلى التسليم بمشيئة المحتل، أو الانصياع لقراراته، التي اتسمت على الدوام بالظلم والإجحاف.

في تلك المعارك، استخدمت "إسرائيل" طيفاً واسعاً من طائراتها المسيّرة، والتي تملك منها مجموعة حديثة ذات تقنيّات فائقة، وهي تضاهي في جودتها وإمكاناتها أحدث الطائرات الموجودة لدى الدول العظمى في هذا المجال، مثل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وألمانيا، إضافة إلى تركيا وإيران.

كتبنا سابقاً في موقع "الميادين نت" عمّا يمكن تسميته أسطول الطائرات المسيّرة "الإسرائيلية"، وعرضنا بالتفصيل إمكانات تلك الطائرات التسليحية، وقدراتها التقنية، ولاسيّما في مجال جمع المعلومات الاستخبارية، إلى جانب القواعد التي توجد فيها أسراب تلك الطائرات، والطواقم المتخصصة بتشغيلها وتوجيهها.

من باب التذكير فقط، وقبل أن ننتقل إلى موضوع مقالنا الحالي، والمتعلّق بطائرات "كواد كابتر"، دعونا نُشِرْ بإيجاز إلى بعض أنواع تلك الطائرات، ولاسيّما أنها ما زالت تقوم بالأدوار نفسها، التي كانت تقوم بها سابقاً، وترتكب عدداً من المجازر والجرائم التي تستهدف المدنيين والمقاومين الفلسطينيين، على حدٍّ سواء، في قطاع غزة، وهو الأمر الذي يتكرر وإن بنسق أقل في مخيمات الضفة الغربية المحتلة، وخصوصاً الشمالية منها، كما حدث في الأسبوعين الماضيين، إلى جانب تنفيذها عشرات عمليات الاغتيال داخل الأراضي اللبنانية خلال الأشهر الأحد عشر الفائتة.

في عالم الطائرات المسيّرة بمختلف أنواعها، يُعَدّ الكيان الصهيوني من الدول الاكثر تقدّماً على مستوى العالم، وتتركّز معظم عمليات التصنيع والتطوير والتخطيط لهذا النوع من الطائرات في مصنع "ملاط" التابع للصناعات الجوية الإسرائيلية، والواقع في قاعدة "بلماخيم" الجوية قرب ضاحية "ريشون ليتسيون" شرقي مدينة تل أبيب، وفيها أيضاً يقع المركز الرئيس للسيطرة والتحكم والإطلاق، إذ يوجد في القاعدة المذكورة عدة أسراب من الطائرات المسيّرة، وهي السرب 161، والسرب 200، والسرب 166، المعروف في القوات الجوية "الإسرائيلية" بسرب "الشرارة". وسنشير فيما يلي بعض تلك الطائرات باختصار حتى لا نطيل:

 1 - طائرة غولف ستريم - 550ج (Gulfstream- G550/  للاستطلاع:

هي طائرات أميركية الصنع، مأهولة، تحمل اسم "نحشون شافيت"، تختص بأعمال الاستخبار الإشاري التي تشمل الاستطلاع الإلكتروني الراداري، والاستطلاع اللاسلكي، وتعمل كطائرة إنذار مبكر. تملك الطائرة راداراً متطوراً ثلاثي الأبعاد، تستطيع عبره تتبع 100 هدف جوي في وقت واحد، حتى مسافة 370 كلم.

2 - طائرة هيرمس - /450 (Hermes -450) المسيّرة:

تُعرف باسم "زيك"، وهي من صناعة شركة "إلبيت" الإسرائيلية، وهي عبارة عن طائرة تكتيكية مزودة بصواريخ تعمل عن بعد، وقادرة على التحليق والبقاء في الجو مدة 20 ساعة متواصلة، ويمكن أن تحمل صواريخ متفجرة تزن 150 كيلوغراماً.

3 - طائرة هيرمس- 900/ (900- Hermes) المسيّرة:

من صناعة وتطوير شركة الطيران الإسرائيلية، وتعرف هذه المسيّرة في سلاح الجو بـ "كوخاف" (النجم)، وتستطيع التحليق مدة 40 ساعة متواصلة. ويتم استخدام "هيرمس 900" بكثافة في الحرب الحالية على قطاع غزة، بالإضافة إلى عمليات الاغتيال في الأراضي اللبنانية. وفي إمكان هذه الطائرة أن تحمل 4 صواريخ جو- أرض من طراز "أيه جي أم- 114 هيلفاير"، أو صواريخ جو - جو من طراز "أيه آي أم-92 ستينغر".

4 - طائرة إيتان (Eitan) المسيّرة:

تُعرف أيضاً بأسماء أخرى مثل "هارون تي بي"، أو "ماحتس 2"، وهي من صناعة وتطوير شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية. وهي أكبر طائرة مسيّرة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، وقادرة على البقاء في الهواء والتحليق مدة 36 ساعة متواصلة، ويبلغ طولها 15 متراً، بينما يقدر وزنها بنحو 5 أطنان، وفي مقدورها أن تحمل 1000 كيلوغرام من الصواريخ المتفجرة.

5 - طائرة هيرون ((Heron المسيّرة:

تعمل في مهمّات الاستطلاع والتجسس، وتوجيه المدفعية، وتحديد الأهداف. يبلغ مداها 250 كلم، وتطير حتى ارتفاع 10 آلاف متر، وتستطيع البقاء في الجو مدة 40 ساعة، وتبلغ حمولتها 250 كجم.

6 - طائرة أوربيتر (Orbiter) المسيّرة:

وهي طائرة مسيّرة صغيرة تم إدخالها الخدمة في الأعوام الاخيرة، وتعمل ضمن" السرب 144" الذي يتم الإشراف عليه وتوجيهه من قاعدة "حاتصور" الواقعة قرب ساحل البحر المتوسط بموازاة مدينة القدس المحتلة. وهي تقوم بأداء مهمّات الاستخبارات، ومرافقة القوات، وتوجيه الهجوم، والمساعدة على المناورة بالتعاون مع جميع أفرع وحدات الجيش في الميدان وغرفة العمليات.

بالعودة إلى موضوعنا الأساسي والمتعلّق بطائرات "الكواد كابتر"، فلقد تحوّلت خلال الحرب الحالية على قطاع غزة إلى كابوس يلاحق الغزيّين في كل أماكن وجودهم، ولاسيّما في محيط المناطق التي توجد فيها قوات الاحتلال بصورة مستدامة، سواء قرب الحدود الشمالية والشرقية من القطاع، أو في محيط محوري فيلادلفيا ونتساريم، بالإضافة إلى المناطق التي تتعرّض لتوغلات برية كبيرة أو محدودة. 

تتم صناعة هذه الطائرات في كثير من دول العالم، مثل الصين وفرنسا وغيرهما، وهي في الأساس خُصصت لأعمال المراقبة وجمع المعلومات والتصوير. وفي بعض البلدان الإسكندنافية يتم الاستعانة بها لنقل الغذاء والدواء إلى المتسلقين في أعالي الجبال الثلجية، إلى جانب المساهمة في عمليات الإنقاذ والنجدة، إلا أنها في "إسرائيل"، بعد عمليات التطوير والتحديث التي أُدخلت فيها، تحوّلت إلى وسيلة قتل وإعدام للمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة المحتلة، بالإضافة إلى استخدام بعضها للقيام بعمليات خاصة في دول الجوار، كما حدث في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل عدة أعوام. 

تملك طائرات "كواد كابتر" مجموعة من المراوح التي تمكّنها من التحليق في السماء، إذ يملك بعضها أربع مراوح، بينما لدى أخرى منها ست مراوح، ونوع آخر، تم تطويره مؤخراً في مصانع السلاح "الإسرائيلية "، يملك ثماني مراوح. وهي طائرة صغيرة الحجم لا يتجاوز قطرها في الغالب 1.6 متر، وتزن نحو 50 كجم، وتستطيع التحليق في الجو حتى ارتفاع 400 متر، بسرعة /72كلم في الساعة تقريباً.

تستطيع "كواد كابتر" رفع حمولة قد تصل في بعض الأحيان إلى 150 كجم، تتكوّن غالباً من كاميرات عالية الجودة، وأدوات تنصت دقيقة للغاية، وأجهزة إضاءة متنوعة بألوان متعددة، إلى جانب مكبّر صوت مزعج، بالإضافة إلى إمكان تزويدها بأسلحة آلية لإطلاق النار على الأهداف الأرضية، بحيث تطلق رصاصاً من أعيرة متعددة، تبدأ بعيار 9 ملم، وتنتهي بعيار 250 ملم، شبيه بالذي يُطلق من الأسلحة النارية المتوسطة. وفي بعض الأحيان يتم تركيب قواذف قنابل صغيرة في أسفلها، تشبه القنابل اليدوية، بحيث تلقيها على رؤوس المواطنين، أو في اتجاه المنازل والشوارع. 

يتم التحكّم في الطائرات من خلال جهاز لوحي صغير بواسطة جندي واحد في معظم الأحيان، من دون الحاجة إلى قواعد إطلاق أو هبوط ثابتة. ولا تحتاج إلى جهد كبير في أثناء رحلات الإقلاع وفي أثناء تنفيذ المهمّات، إذ يمكنها القيام بكل ذلك من دون تدخّل بشري بعد أن يتم تزويدها بتفاصيل المهمات المطلوبة، بالإضافة إلى تحديد خط الطيران المخصص لها.

يملك "جيش" الاحتلال عدة أنواع من طائرات "كواد كابتر"، بحيث يخصّص بعضها للقيام بعمليات التجسّس وجمع المعلومات ومراقبة الميدان، في حين يقوم البعض الآخر بتنفيذ عمليات القتل والاغتيال المحددة، سواء بإطلاق النار، أو إلقاء القنابل، أو كما حدث أكثر من مرة، خلال الأعوام الخمسة الماضية في غزة والضفة، من خلال مهمات انتحارية تنفذها الطائرة، التي تحوي على شحنة ناسفة صغيرة نسبياً، لكنها قاتلة.

وسنشير فيما يلي إلى بعض تلك المسيّرات، وخصوصاً التي تُستخدم خلال الشهور الأخيرة في العدوان على قطاع غزة، أو في تنفيذ مهمّات استخبارية وعملانية في الضفة المحتلة ولبنان.

1 - مسيّرة مافيك برو -2 / (Mavic Bro-2):

يستخدم جيش الاحتلال هذه المسيّرة للمراقبة وجمع المعلومات الاستخبارية، ليلاً ونهاراً، وهي تُعَدّ واحدة من أفضل المسيّرات على مستوى العالم، كونها تملك مواصفات مثيرة للإعجاب، إلى جانب تصميمها المرن والذي يسمح بطيّها ووضعها في حقيبة سفر صغيرة، بالإضافة إلى امتلاكها بطاريات تعمل فترة طويلة.

من أهم ميزات هذه المسيّرة امتلاكها عينين مثبتتين على الواجهة الأمامية للطائرة، وهو ما يجعلها قادرة على الرؤية الثنائية، بالإضافة إلى المستشعرات الحديثة، والتي تحميها من الاصطدام، ولاسيّما في المناطق الوعرة، أو في داخل الأبنية والمرافق المتعددة. 

تملك "مافيك برو2" تقنية تصوير عالية الدقة، تمنح مشغلّيها صورة واضحة للغاية، وهو ما يساعد على التعرّف إلى وجوه الشخصيات المستهدفة، وتحديد هويتها من خلال خاصيّة الذكاء الاصطناعي.

2 - مسيّرة ماترس -600 /: (Matrice- 600)

تُعَدّ مسيّرة "ماترس-" 600صينية الصنع من الطائرات من دون طيّار متعددة الاستخدام، وفي إمكانها تنفيذ مجموعة واسعة من المهمّات العلمية والعسكرية، وهي مفضّلة كثيراً لدى القوات الخاصة في الجيوش النظامية، بالإضافة إلى المنظّمات والمجموعات العسكرية.

تم تصميم المسيّرة بصورة أساسية للمراقبة الجوية، وتصوير القصص الإخبارية، إلا أن كثيراً من الجيوش أدخل فيها تعديلات لتصبح مسيّرة قاتلة، ولاسيّما أنها تحلق بسرعة تصل إلى 65 كلم في الساعة، وفي إمكانها التحليق على ارتفاع يزيد على 2 كلم، وهو ما يمكّنها من مطاردة الأهداف الأرضية لمسافات بعيدة، وخصوصا أنها تملك بطارية طاقة تستمر أكثر من 40 دقيقة.

قام جيش الاحتلال، خلال العامين الأخيرين، بتزويد المسيّرة بمجموعة من الأنظمة القتالية، إذ أصبح في إمكانها مطاردة المطلوبين واستهدافهم، بالرصاص أو من خلال القنابل الملقاة من الجو، بحيث تتعرّف إليهم بواسطة صورهم المخزّنة في ذاكرتها وتتعقبهم حتى داخل البيوت والأزقة الضيقة.  

3 - مسيّرة ماعوز (Maoz):

مسيّرة "ماعوز" إسرائيلية الصنع هي أحدث الطائرات من هذا النوع، والتي دخلت الخدمة في جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، بحيث أصبح في إمكان الوحدات المقاتلة استخدامها ابتداءً من أيلول/سبتمبر من العام الماضي. وهي تُستخدم في كثير من الحالات، منها إلقاء القنابل من الجو على أهداف منتقاة، وفي أحيان أخرى تتحوّل إلى طائرة انتحارية، إذ إنها تحمل رأساً متفجراً، يصل وزنه إلى 400 غرام، وتتمتع بمميزات متعددة، تساعد على عمليات الاغتيال، والكشف عن مواقع المطلوبين، وتستطيع التحليق في مختلف الظروف المناخية.

بحسب مصادر "إسرائيلية"، تم استخدام مسيّرة "ماعوز" في أثناء العدوان الواسع على مدينة جنين في أيلول/سبتمبر من العام الفائت، إذ تم استخدامها طائرة انتحارية لتنفيذ الاغتيالات، في حين تمت زيادة مشاركاتها العملانية في الحرب على غزة إلى درجة غير مسبوقة، وهي مسؤولة عن معظم عمليات القتل، التي تستهدف المدنيين، الذين يحاولون العودة إلى بيوتهم ومناطق سكنهم، كما تقوم بدوريات حراسة على مدار الساعة في محيط الأماكن التي توجد فيها قوات الاحتلال.

4 - طائرة روتم الانتحارية (Rotem):

يُطلَق عليها في "الجيش" الإسرائيلي اسم "بابتيسي روتم 1200"، وهي طائرة مسيّرة صغيرة الحجم، ويتم التحكّم فيها من خلال شخص واحد عبر جهاز لوحي.

يمكن لها الإقلاع عمودياً كسائر الطائرات المسيّرة، والتي تُستخدم من الهواة، بحيث تقوم برصد الأهداف "المعادية" والانقضاض عليها بصورة مباشرة، وتستطيع الدخول من النوافذ والأبواب للانقضاض على الهدف. يبلغ وزن الطائرة 4.5 كجم فقط، وتحلّق في الجو مدة 45 دقيقة، وتحمل أجهزة استشعار تمكّنها من تنفيذ مهمّاتها ليلاً ونهاراً، إلى جانب كاميرات تصوير حديثة لاستطلاع الهدف وتحديد مكانه بدقة فائقة. وعلى مستوى التسليح، تحمل الطائرة قنبلتين يبلغ وزن الواحدة منهما 2 كجم تقريبا، إضافة إلى رأس حربي يزن نصف كجم.

في كل حال، وحتى لا نغوص كثيراً في مجال ما يملكه العدو من إمكانات دعونا نُشِرْ إلى بعض النصائح للتعامل مع تلك الطائرات القاتلة، مع أن إجراءات الحماية المضادة لتلك المسيّرات محدودة، ولاسيّما في ظل افتقاد المقاومة الفلسطينية أو المدنيين الفلسطينيين الأدوات الحديثة التي تساعد نسبياً على التصدّي لها، أو على أقل تقدير النجاة من خطرها.

فيما يخص المدنيين، والذين هم الهدف السهل والمفضّل للمسيّرات الإسرائيلية القاتلة، تبدو قائمة الخيارات محدودة للغاية، باستثناء أمرين اثنين: الأول أن يراقب أي شخص يرغب في التوجه إلى منطقة خطرة، أو قريبة من وجود قوات الاحتلال، الأجواء جيدا قبل الاقتراب إلى المكان المقصود، إذ يمكن له أن يرى المسيّرة في الأجواء، ولاسيما أنها تحلّق عادة على ارتفاع لا يزيد على 300 متر، وينتظر اللحظة الملائمة للتحرّك في حال مغادرتها. اما في حال بقائها فيُفضّل عدم الذهاب.

الأمر الثاني هو الإنصات جيداً في حال وصل الشخص إلى منطقة خطرة، إذ إن في الإمكان سماع صوت مراوح المسيّرة، وخصوصاً عندما تهبط إلى ما دون ارتفاع مئتي متر، وهو عادة الارتفاع الذي تُلقى من خلاله القنابل أو تُطلق الرصاص. إذا سمع صوت المراوح فعليه أن يختبئ في أي مكان مغلق حتى لو كان بناية مهدَّمة، أو خيمة، او كوخ من الصفيح، وألا يحاول الركض في مناطق مفتوحة لأنها ستطارده وتقتله مهما كانت السرعة التي يركض فيها، وعليه أن ينتظر مدة تتراوح بين نصف ساعة وساعة كاملة لأنها حتماً ستنصرف بسبب نفاد البطارية التي تزوّدها بالطاقة.

إذا شاهد الشخص المسيّرة وهي تُسقط قنابلها في اتجاهه أو تطلق النار عليه، ولم يجد مكاناً يأوي إليه، فعليه استخدام آخر الخيارات الممكنة، وهي الركض في أقصى سرعة والابتعاد عن المكان، أو حتى يصل إلى مكان آمن كما أشرنا سابقاً.

 في حال كان الأمر يتعلّق بالمقاومين، وخصوصاً المطلوبين لقوات الاحتلال، فالأمر مغاير، إذ إنه يتوجّب عليهم المكوث في أماكن محصّنة نوعاً ما، وعدم السكن في أماكن مرتفعة، بل اختيار الطبقات الأرضية، بالإضافة إلى ضرورة وجود مراقبين للأجواء على مدار الساعة، سواء بالعين المجرّدة نهاراً، أو من خلال مناظير الرؤية الليلة ليلاً، ولاسيّما أن هذه المسيّرات تقوم بإطفاء أنوارها لحظة تحليقها على ارتفاع منخفض.

كما يجب على المقاومين، في حال اضطروا إلى التحرّك، تغيير ملامحهم الخارجية، من خلال لبس النظارات وارتداء غطاء رأس يُفضَّل أن يكون من النوع الشعبي، حتى لا يلفت الأنظار، إلى جانب التحرّك في الأماكن المزدحمة كالأسواق وغيرها، حتى لا يتم تحديد هوية الشخص المقصود.  

إذا شعر الشخص المطلوب بأن المسيّرة اكتشفت هويته، أو أنها تقوم بتتبعه فعليه الاختباء في مكان مُغلق فترة وجيزة للغاية، لأنه، على خلاف المدنيين، يمكن لجيش الاحتلال أن يقوم باستهداف المكان من خلال الطائرات الحربية. أما إذا كان في مكان مفتوح فلا يبقى أمامه إلا محاولة استهداف المسيّرة بالأسلحة النارية في حال توافرها، مع الانتباه لانتظار هبوطها في مسافة يستطيع من خلالها إصابتها، مع الإشارة إلى أن نجاح هذا الخيار ضعيف للغاية، إلا انه يبقى وارداً وينجح في بعض الأحيان.

ختاماً، نقول إن امتلاك "جيش" الاحتلال هذا الكم الهائل من الإمكانات العسكرية، والتي تنص القوانين الدولية على عدم السماح باستخدامها ضد المدنيين العزّل، كما يحدث في حرب الإبادة ضد قطاع غزة، فإن في إمكان هذا الشعب العزيز والصامد أن يحقق الانتصار على هذه "الدولة" المارقة، على رغم فارق الإمكانات والقدرات. فقط، نحن في حاجة إلى مزيد من الصبر والصمود، والترابط والتعاضد، على الرغم من فداحة الخسائر، وارتفاع التكلفة، إلا أن لحظة النصر لهذا الشعب ومقاومته ومناصريه آتية لا محالة، ويقولون متى هو، قل عسى أن يكون قريباً. 

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.