آفاق وأهداف عملية "فيلادلفيا" في رفح الفلسطينية

وتيرة المقاومة الفلسطينية في جبهة حي الزيتون، تعتبر أقوى بكثير من وتيرتها في جبهة رفح، وهذا يظهر بشكل واضح من خلال مقارنة عدد ونوع العمليات العسكرية التي تمّ تنفيذها على مدار اليوم.

  • عملية رفح… ماذا يحدث على الأرض؟
    عملية رفح… ماذا يحدث على الأرض؟

بعد تلويح متكرّر من جانب "إسرائيل" بقرب بدء العمليات العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بدأت وحدات تابعة للفرقة 162 في "الجيش" الإسرائيلي، وهي كتائب اللواء المدرّع 401 ولواء المشاة الميكانيكي 84، في تنفيذ عملية اقتحام لمناطق شرق مدينة رفح، وبحلول فجر السابع من أيار/مايو الجاري، كانت كتائب اللواء المدرّع 401، قد دخلت بالفعل إلى كلّ مرافق الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحدودي، بشكل استعراضي يحمل بين طياته رسائل متعددة المضمون والاتجاه.

من حيث المبدأ، كان واضحاً على مدار الأشهر الماضية، أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية وحكومة الحرب، تفضّلان التفاوض "تحت النار" على الأسرى الإسرائيليين المتبقّين في قطاع غزة، من منطلق أن الضغط الميداني على فصائل المقاومة سوف يحسّن الموقف التفاوضي الإسرائيلي، ويساهم في فرض وجهة نظر "تل أبيب" فيما يتعلق بمعظم بنود اتفاق تبادل الأسرى الذي كان يتم التفاوض عليه خلال الفترة الماضية، وعلى رأسها البنود التي لا تحظر تنفيذ عمليات عسكرية مستقبلية في قطاع غزة.

لكن المعضلة التي تظهر أمام المتابع للتطورات الأخيرة في مدينة رفح، ترتبط بما إذا كانت عملية رفح هي بالفعل وسيلة لتحسين وضع إسرائيلي تفاوضياً، وتحقيق إنجاز ميداني في آن، أم أن "تل أبيب" تريد السيطرة على محور فيلادلفيا، والإمساك بشكل كامل بورقة معبر رفح، وبالتالي إحكام الحصار على قطاع غزة، وحصر الورقة الإغاثية بشكل كامل في يد "الجيش" الإسرائيلي، وإخراج أيّ أدوار إقليمية في هذا الصدد، خارج المعادلة تماماً، ضمن مسار استراتيجي تخطط له "إسرائيل" منذ عقود لتحويل قطاع غزة إلى "ضفة غربية جديدة"، لكن بأسلوب مختلف.

عملية رفح… ماذا يحدث على الأرض؟

تعمل القوات الإسرائيلية في شرق رفح، لتحقيق هدف ميداني أساسي يتعلق بالسيطرة على منطقة إجلاء تم تمديدها، وتشمل كلّ المناطق الواقعة شرق المدينة، خاصة المناطق شرق طريق صلاح الدين مثل الشوكة والبيوك، إلى جانب مخيمَيْ رفح والشابورة، وأحياء الإداري والجنينة وخربة العدس والسلام وتبة زراع شرق ووسط المدينة. 

ولتحقيق هذا الهدف، تتحرّك القوات على محورين، الأول شرق رفح، في اتجاه منطقة البيوك، إلى جانب تحركات فرعية من المحور الثاني في اتجاه محيط مطار ياسر عرفات، بهدف تطهير المناطق الداخلية حوله وقرب معبر رفح.

وقد كانت التحرّكات في الأيام الأولى لبدء العمليات، تستهدف على المستوى العملياتي، خلق ما يشبه "مثلّثاً آمناً"، زواياه تربط بين معبر كرم أبو سالم ومعبر رفح والحواف الشرقية لطريق صلاح الدين.

مع تطوّر العمليات، أصبح المحور القتالي الأساسي في هذه الجبهة، مرتكزاً على طريق صلاح الدين، الذي تعمل القوات الإسرائيلية من الاتجاهين الشرقي والجنوبي، على نحو 3 كيلومترات منه، بداية من معبر رفح، وصولاً إلى المنطقة الفاصلة بين حي الجنينة ومنطقة البيوك، وباتت القوات المتحركة على هذا الطريق تعمل في ثلاثة اتجاهات، الأول في اتجاه شرق رفح، لتأمين المواقع المتبقية في منطقة "البيوك"، والثاني في اتجاه غرب رفح، في المناطق السكنية الواقعة جنوبي حيّي الجنينة والسلام، والثالث نحو الشمال على امتداد طريق صلاح الدين، حيث تحاول القوات الإسرائيلية التقدّم أكثر على هذا الطريق، لكن تجابه بمقاومة عنيفة.

اللافت في عمليات رفح المستمرة حتى الآن، إظهار الصور الجوية الملتقطة، زيادة واضحة في عمليات الهدم وتعبيد الممرات في شرق رفح، في المثلث الرابط بين معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم ومناطق جنوب طريق صلاح الدين، وأصبح من المحتمل بشكل كبير أن يكون الهدف الإسرائيلي المرحلي هو تطهير ضواحي رفح الشرقية بشكل كامل، ومن ثم إنشاء محور عازل على طول الحدود، مماثل لما قام به في محور نتساريم الفاصل بين وسط القطاع وشماله.

وإذا شرعت "إسرائيل" في هذا الاتجاه، فأنها ستكون عملياً تنفذ رؤية "المحاور الخمسة" التي طرحها خلال سبعينيات القرن الماضي، أرييل شارون، والتي تفرض إنشاء خمسة محاور لتقسيم قطاع غزة، محور أول يفصل بين عسقلان وأشدود وبين بيت لاهيا وبيت حانون، ومحور ثانٍ يفصل بين شمال القطاع ووسطه، ومحور ثالث يفصل بين المخيمات الوسطى وخان يونس، ومحور رابع يفصل بين خان يونس ورفح، ومحور خامس يفصل بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية.

عملية رفح وأسئلة حول محور"فيلادلفيا"

عملياً تشمل منطقة الإخلاء الإسرائيلية الحالية في شرق رفح، ما يناهز سبعة كيلومترات من إجمالي 14 كيلومتراً هي خط الحدود بين قطاع غزة ومصر، والمعروف باسم "محور فيلادلفيا"، وهو ما عزّز بشكل أو بآخر المخاوف من إمكانية سيطرة "تل أبيب" بشكل كامل على هذا المحور، وعزل قطاع غزة عن الصلة الجغرافية بمصر، ولهذا كان منطقياً أن تبدأ الأصوات المصرية منذ بداية العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، في التحذير ليس فقط من محاولة التهجير القسري لسكان قطاع غزة، بل أيضاً من أي وجود للقوات الإسرائيلية في هذا المحور.

من حيث المبدأ يمثّل كلّ من (الوجود ـــــ السيطرة) الإسرائيلية على محور فيلادلفيا، انتهاكاً للملحق الأمني في معاهدة السلام بين مصر و"إسرائيل"، والموقّعة في 26 آذار/مارس 1979، وبالتبعية يمثّل انتهاكاً لبروتوكول فيلادلفيا، الموقّع بين الجانبين في أيلول/سبتمبر 2005، لعدة أسباب. فاتفاق "بروتوكول فيلادلفيا"، الذي نظّم شكل الحدود بين قطاع غزة ومصر بعد الانسحاب الإسرائيلي، ينص على أن هذا الاتفاق خاضع بالكامل لأحكام معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية لعام 1979، ولا يشكّل تعديلاً أو مراجعة لها، وأنه منذ توقيعه أصبح جزءاً من البنود الأمنية في اتفاقية كامب ديفيد. وبالتالي يمثّل أيّ انتهاك لمعاهدة السلام انتهاكاً لهذه الاتفاقية وبنودها.

كذلك تشير الخرائط الأساسية المتوفرة، بشكل واضح، وكذلك نص بنود معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، إلى أن حدود المنطقة "د"، وهي رابع منطقة تشملها هذه المعاهدة، تشمل كامل طول الحدود المصرية الإسرائيلية، من ساحل المتوسط شمالاً إلى "إيلات" جنوباً، بعمق 4 كيلو مترات، وهذا يشمل منطقة معبر رفح ومحور فيلادلفيا بالكامل.

وقد نصّ الملحق الأمني للمعاهدة بوضوح، على ألّا يتمركز في هذه المنطقة أكثر من أربع كتائب مشاة بمجموعة قوات لا يزيد عن 4 آلاف جندي، مسلحين تسليحاً خفيفاً ومزوّدين بـ 180 مركبة مدرّعة خفيفة، وصواريخ محمولة على الكتف مضادة للطائرات، من دون وجود أي دبابات أو مدافع ميدان أو مدافع ذاتية الحركة، أو تمركز دائم لطائرات مقاتلة أو مروحيات على الأرض.

بالتالي بالنظر إلى نوعية القوات الإسرائيلية التي توجد في هذا النطاق حالياً، والتي تشمل لواء مشاة ولواءً مدرّعاً، يمكن القول إن هذه القوات تنتهك في عديدها وعدّتها ما نصّ عليه الملحق الأمني. يضاف إلى ذلك أن هذا الانتهاك يشمل أيضاً عمليات الحشد التي تمت خلال الفترات الماضية في نطاق منطقة كرم أبو سالم، والتي تم خلالها حشد وتدريب نحو ستة ألوية، وهو ما يخالف في العدد والعدة أيضاً البند المذكور سابقاً.

كذلك تؤكد المادة الأولى من اتفاقية كامب ديفيد، احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، والتي انتهكتها "إسرائيل" بشكل واضح. كما تؤكد المادة الثانية من الاتفاقية، حظر اللجوء إلى التهديد أو استخدام القوة ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي للطرفين، وبالتالي تمثّل العمليات العسكرية الإسرائيلية حالياً في مدينة رفح، تعديّاً على سيادة الأراضي الفلسطينية، وتهديداً محتملاً للأمن القومي المصري، وهنا لا بدّ من التنويه بأنّ طبيعة ردّ الفعل المصري على هذه الخطوة، ستكون عاملاً حاسماً في تحديد ما إذا كانت المخططات الإسرائيلية في رفح ستنجح أم لا.

هل ما زال باب التهجير مفتوحاً

إضافة إلى المخاطر المتعلقة بوجود "الجيش" الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، تظهر حالياً معضلة أساسية فيما يتعلّق بمناطق الإخلاء والإجلاء، فعملياً توسيع منطقة المواصي لم يوفّر مساحة كبيرة لوجود اللاجئين، بالنظر إلى أن التوسيع شمل الأجزاء الشمالية "المدمّرة بالكامل" من خان يونس، إلى جانب مناطق من غرب دير البلح.

وقد ظهرت صور لمستشفى ميداني تمّ إنشاؤه حديثاً في دير البلح، ويعمل بداخله 150 عنصراً أجنبياً، وهي خطوة تعني أن دير البلح هي الوجهة الوحيدة المتبقيّة للاجئين، وأن منطقة المواصى أصبحت عملياً غير مناسبة لوجود مزيد من اللاجئين في ظل العمليات في رفح، والتي تشمل قصفاً على المناطق الغربية القريبة من المنطقة الإنسانية في المواصي.

اللافت في هذا الصدد، تزامن التحرّكات الإسرائيلية الأخيرة في رفح، مع إعلان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي عن خطة "غزة 2035"، والتي ترتبط بشكل أساسي بمخططات محتملة لما سيكون عليه قطاع غزة بعد نحو 11 عاماً.

وقد تحدّث مكتب نتنياهو في هذه الخطة عن ثلاث خطوات، الأولى تسمّى "المساعدات الإنسانية"، وتستمر لمدة عام كامل، يقوم "الجيش" الإسرائيلي خلالها بإنشاء مناطق آمنة داخل القطاع، مع إشراف دول عربية على عمليات تسليم المساعدات. من ثم تستمر المرحلة الثانية للسنوات الخمس إلى العشر المقبلة، ويتولى فيها "الجيش" الإسرائيلي المسؤولية الأمنية داخل القطاع، مع إنشاء الدول العربية هيئة متعدّدة الأطراف تسمّى هيئة إعادة تأهيل غزة، للإشراف على جهود إعادة الإعمار وإدارة الشؤون المالية للقطاع.

أما المرحلة الثالثة والأخيرة، والتي تسمّى "الحكم الذاتي"، فهي تعطي الحق "للجيش" الإسرائيلي، بالتدخّل في أي وقت ضدّ أيّ تهديد أمني صادر من قطاع غزة، إلى جانب نقل السلطة ببطء إما إلى حكومة محلية في غزة أو إلى حكومة فلسطينية موحّدة.

والحقيقة أن هذه الخطة تربط بشكل واضح بين التطبيع بين "إسرائيل" والدول العربية، وبين مستقبل الوضع في قطاع غزة، وهو ربط دأبت "إسرائيل" على التلويح به خلال مناسبات عديدة، لكن تفترض هذه الخطة عدة أمور تبدو غير واقعية في المدى المنظور، أولها هو "الإنهاء التام للتهديدات التي تمثّلها الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة". 

كذلك تشير هذه الخطة في مرحلتها الأولى، إلى قيام "الجيش" الإسرائيلي بإتمام إنشاء مناطق آمنة خالية من سيطرة حركة حماس، وهو أمر لم يحدث حتى الآن في أي منطقة من مناطق القطاع، بما في ذلك منطقة "المواصي" الإنسانية.

المحوران الثاني والثالث من هذه الخطة يبدو "خيالياً" وغير متوافقاً مع الواقع، ففلسطيني غزة لن يقبلوا بأي هيئة "عربية" لإدارة شؤون القطاع، ناهيك عن أن مدة المرحلة الثانية قد تصل إلى عشر سنوات، ولم توضح الخطة بشكل كامل من هم "الفلسطينيون" الذين سيكونون في واجهة إدارة قطاع غزة خلال هذه المرحلة، وهنا يوجد أيضاً افتراض بأنّ وجود الفصائل الفلسطينية المسلحة سوف يتم استئصاله بشكل كامل. 

كذلك الأمر فيما يتعلق بالمحور الثالث للخطة، والذي يضع تصوّراً عاماً تكون فيه كلّ دول منطقة الخليج ـــــ عدا اليمن ـــــ إلى جانب مصر، ضمن دائرة تعاون اقتصادي كاملة مع "تل أبيب"، وهو تصوّر ربما يرتبط بالتطلّعات التاريخية لـ "إسرائيل"، أكثر من ارتباطه بالواقع الحالي أو التوقّعات الممكنة في المدى المنظور، لكن هذا التصوّر يؤكد أن الأولوية الحالية بالنسبة لـ "إسرائيل" تبقى الحفاظ على فرص عمليات التطبيع الحالية والمستقبلية مع الدول العربية.

آفاق عملية رفح

على الرغم من قرار حكومة الحرب الإسرائيلية توسيع العمليات العسكرية في مدينة رفح، إلا أن وتيرة العمليات في هذه الجبهة حتى الآن لم تخرج عن نطاق الهدف الأساسي لهذه العمليات، وهو السيطرة على كامل منطقة الإخلاء المعلنة، وبالتالي تسير عمليات التقدّم نحو غرب رفح ونحو شمال طريق صلاح الدين، في هذا الإطار نفسه.

يضاف إلى ذلك انخراط وحدات عسكرية إسرائيلية حالياً في عمليات بمناطق أخرى في قطاع غزة، حيث أعلن "الجيش" الإسرائيلي أنه أطلق عملية عسكرية محدودة في حي الزيتون بمدينة غزة، تنفّذها الوحدات العسكرية التابعة للفرقة 99، المتمركزة منذ الثامن والعشرين من الشهر الماضي في محور نتساريم، وهي اللواء 679 مدرّع "يفتاح"، ولواء المشاة الثاني "كرملي"، في الهجوم على الحي، مدعومة بوحدات لواء المشاة 933 "ناحال"، التي تمّ نقلها من مواقع تحشدها الأساسية في موقع كرم أبو سالم العسكري، للمشاركة في هذه العملية.

كما بدأت عمليات نقل الكتائب الأربع التابعة للواء المظليين 35، إلى جانب اللواء المدرّع السابع، إلى حدود غلاف غزة مع شمال القطاع، تمهيداً لبدء عمليات في مخيم جباليا ومحيطه، وبالتالي يكون قد تمّ الدفع حتى الآن داخل قطاع غزة، بـ أربعة ألوية من أصل ستة تم حشدها في جنوب رفح، بواقع لواءين في رفح، ولواءين في اتجاه جباليا، إلى جانب اللواءين الموجودين في محور نتساريم وحي الزيتون، وتعاونهما كتيبتان من لواء ناحال. مصير اللواءين المتبقيّين في كرم أبو سالم سيحدّد النطاق المستقبلي لعملية رفح، وما إذا كان سيتمّ الاكتفاء باللواءين العاملين حالياً في المدينة، أم سيتمّ تعزيزهما من أجل تسريع وتيرة العمليات هناك.

وعلى الرغم من أن العملية العسكرية الإسرائيلية في حي الزيتون، لا تمثّل في حد ذاتها تعديلاً في التكتيكات العسكرية الإسرائيلية المتبعة في قطاع غزة ـــــ بالنظر إلى عمليات تطهير مشابهة شملت مخيم النصيرات وبيت لاهيا وبيت حانون وغيرها من المناطق شمال ووسط القطاع ـــــ إلا أن استمرار رصد الوجود العسكري للفصائل الفلسطينية في شمال قطاع غزة، هو أمر لافت، ويشير إلى استمرار وجود إمكانية لتنقّل المقاتلين من وإلى شمال القطاع، لكن على الرغم من هذا لا يمكن اعتبار أن هذا العامل سيكون معطّلاً للعمليات العسكرية في شرق رفح، بسبب أن التكتيك الإسرائيلي المتّبع خلال الأشهر الماضية، يتركّز على امتلاك القدرة على تنفيذ عمليات خاطفة في أي مكان في القطاع بشكل سريع وآنيّ.

كتقييم عام، يمكن القول إن وتيرة المقاومة الفلسطينية في جبهة حي الزيتون، تعتبر أقوى بكثير من وتيرتها في جبهة رفح، وهذا يظهر بشكل واضح من خلال مقارنة عدد ونوع العمليات العسكرية التي تمّ تنفيذها على مدار اليوم، وهو ربما ما يبرّر تنفيذ "إسرائيل" هذه العملية في شمال قطاع غزة، حيث بات من المؤكّد أن الفصائل الفلسطينية قد استعادت قدرتها على السيطرة والتحرّك، وباتت تضع الجبهة الشمالية كأولوية، نظراً لوجود المواقع الإسرائيلية الدائمة في محور نتساريم، واحتمالية وجود قوات أجنبية على ساحل هذا المحور، ضمن المجهود العسكري الخاص بالميناء العائم.

الواضح أيضاً أن العناصر الفلسطينية الموجودة في رفح، تحاول الاقتصاد في استخدامها للقدرات الصاروخية والقتالية المتوفرة، استعداداً للمعارك في المناطق السكنية غرب طريق صلاح الدين، لكن اللافت هو عملية إطلاق الصواريخ من مدينة رفح في اتجاه غلاف غزة ومدينة بئر السبع، حيث لم تتمكّن "إسرائيل" حتى الآن وعلى الرغم من عمليات القصف الجوي المركّزة لوسط مدينة رفح، من وقف هذه العمليات، بالتالي لهذه العمليات رمزية مهمة، للدلالة على أن قدرات الفصائل الفلسطينية لم تنخفض أو تتأثّر بشكل كبير بطول مدة العمليات.