الحرب تُغرق مدينة الدبة السودانية بالعتمة وتعطّل الزراعة والخدمات
ضربات مسيّرات استهدفت محطات الكهرباء شمال السودان أغرقت مدينة الدبة ومحيطها في ظلام تام، وعطّلت قطاعات حيوية أبرزها الزراعة والصحة والتعليم. وسط غياب الكهرباء وارتفاع الأسعار، لجأ المواطنون إلى الطاقة الشمسية، لكن الخسائر تتوسع.
-
الحرب تُغرق الدبة السودانية بالعتمة وتعطّل الزراعة والخدمات
شهدت مدينة الدبة في الولاية الشمالية بالسودان سلسلة غارات ليلية بطائرات مسيّرة انتحارية استهدفت محطات الكهرباء والسدود، ما تسبب بانقطاع شامل للتيار الكهربائي عن مدن واسعة أبرزها مروي والدبة، إلى جانب خسائر بشرية ومادية، أبرزها مقتل عائلة كاملة من جراء سقوط طائرة مسيرة على منزلها.
استهداف مباشر للبنية التحتية
أدى الهجوم إلى تدمير محولات الكهرباء في مدينة الدبة وسد مروي على مرحلتين، وأعقب ذلك تدمير المحول الاحتياطي، ما أطاح فرص إعادة التيار الكهربائي إلى المنطقة. وقد تبنّت التهديدات العلنية لقوات الدعم السريع مسؤولية استهداف الولاية الشمالية في إطار ما وصفته بـ"الحرب الاقتصادية" على الجيش السوداني.
مدينة استراتيجية تتحول إلى هدف
تقع الدبة على نهر النيل شمال السودان، وتُعد نقطة وصل استراتيجية تربط دارفور وكردفان بالخرطوم وبورتسودان ومصر. وأصبحت خلال الحرب محطة رئيسية لتجميع المحاصيل وتأمين خطوط التجارة، ما جعلها وجهة رئيسية للنازحين والتجار، وأكسبها أهمية جعلتها هدفاً عسكرياً بارزاً.
آثار الانقطاع: رعب، ونزوح، وانهيار خدمي
خلّف انقطاع الكهرباء حالة من الذعر في أوساط السكان، وأدى إلى "هجرة عكسية" للنازحين، وتراجع النشاط التجاري وارتفاع أسعار المياه والثلج بشكل قياسي. وأكد المدير التنفيذي لوحدة الدبة، دفع الله محمد صديق، أن 80% من محطات المياه أعيد تشغيلها بالطاقة الشمسية بجهود أهلية، بعد توقفها بالكامل.
الزراعة في قلب الأزمة
صادف الانقطاع ذروة موسم زراعة القمح، المحصول الاستراتيجي الأهم في السودان، ما ألحق أضراراً جسيمة بـ70% من المساحات المزروعة، وفق ما أكده مدير الزراعة بالدبة، بابكر رابة. في المقابل، لجأ بعض المزارعين إلى استخدام الطاقة الشمسية أو محركات ديزل مرتفعة التكلفة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المحاصيل.
وبحسب الإحصاءات الرسمية، تمت زراعة أكثر من 183 ألف فدان بالقمح، لكن العطش والإهمال أخرجا أكثر من 18 ألف فدان من الإنتاج، إلى جانب تهديدات الجراد وغياب الدعم الحكومي.
تضرر التعليم والصحة
امتد تأثير الأزمة إلى أكثر من 100 مدرسة و40 مركزًا صحيًا. وأفاد مدير التعليم الابتدائي، حامد حسن، بأن الخوف والموجة الحارة ونقص المياه تسببت في غياب الطلاب وتقليص الدوام المدرسي. كما تعطل تشغيل الحواسيب والمرافق التعليمية، وأُلغيت بعض الوجبات بسبب عدم توفر الكهرباء.
في القطاع الصحي، أكدت الطبيبة علا جمال، أن انقطاع الكهرباء يهدد حياة حديثي الولادة ويمنع إجراء العمليات وتشغيل أجهزة المختبرات، مشيرة إلى أن الطاقة الشمسية أنقذت بعض المراكز الصحية من التوقف التام.
خطط بديلة ومخاوف متجددة
أكد نائب مدير شركة الكهرباء، محمد أبو الراجل، أن الحرب عطّلت البنية التحتية لشبكات الكهرباء، لكن الدولة وضعت خطة للطاقة المتجددة تشمل الشمس والرياح والمياه. ورغم بعض المبادرات الناجحة محليًا في اعتماد الطاقة البديلة، يبقى الأمل بعودة التيار الكهربائي الكاملة معلقًا.
ضربات الطائرات المسيّرة التي استهدفت الولاية الشمالية لم تكن مجرد عمل عسكري، بل أصابت شرايين الحياة في التعليم والزراعة والصحة والتجارة. ومع استمرار انقطاع الكهرباء، يتساءل المواطنون: متى تعود الحياة إلى طبيعتها؟