"ولَّعت" ملاعب الجزائر.. أرض الثوّار تصوّب "أهداف" كرة القدم في مرمى فدائيي غزة

ملاعب كرة القدم في الجزائر تحتفي بالمقاومة وتتوشح بالكوفية وعلم فلسطين، وإلى جانب مشجّعي الفرق، تجد لوحات أبي عبيدة وصلاح الدين الأيوبي تعلو المدرّجات، على وقع الهتافات التي تحيي أبطال غزة.

  • "ولَّعت" ملاعب الجزائر.. أرض الثوّار تصوّب "أهداف" كرة القدم في مرمى فدائيي غزة

لا تكاد الراية الفلسطينية تغيب عن ملاعب كرة القدم الجزائرية، فهي حاضرة دائماً سواء في مباريات المنتخب أو فرق الدوري المحلي وحتى في رابطات الهواة، لكن منذ "طوفان الأقصى"، وبدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، تحوّلت المدرّجات إلى فضاء لتوجيه رسائل دعم معنوية للمقاومة، من خلال ما يعرف بـ "التيفو" أي اللوحات الكوريغرافية والشعارات التي يبدع "الألتراس" (رابطات المشجّعين) في رسمها، احتفاء بانتصارات كتائب القسّام وخطابات أبو عبيدة، وإدانةً لمجازر الاحتلال في حقّ الفلسطينيين. 

"صقور" القسّام" و"روح الرّوح".. أحداث غزة بعيون "الألتراس"  

  • شعار
    شعار "المولودية الثورية فداك يا أرض الثوّار" يرفع في ملاعب الجزائر

بوجه ملثّم بالكوفية الفلسطينية، وشعار كتائب الشهيد عز الدين القسّام على الجبين، وبذلة عسكرية، تجسّد أبو عبيدة على مدرجات ملعب الخامس يوليو 1962 بالعاصمة، في "تيفو" مولودية الجزائر أو "نادي الشعب" كما يلقّب، نظراً لقاعدته الجماهيرية الواسعة التي تمتد إلى دول المغرب العربي. 

"التيفو" العملاق الذي رفعه أنصار "المولودية" في مباراة جمعت فريقهم بـ"شبيبة الساورة" وحضرها نحو 60 ألف متفرّج، صوّر ملامح الناطق العسكري باسم كتاب القسام بدقّة مذهلة، تحاكي حضوره على الشاشة ليستعرض بكل ثقة خسائر العدو. 

"تيفو" أبو عبيدة أحاطته لافتات صغيرة ملوّنة بالأحمر والأخضر والأبيض تمثّل علم فلسطين، وأسفله تم رفع راية كبيرة كتب عليها "المولودية الثورية فداك يا أرض الثوّار"، على وقع الهتاف الشهير "فلسطين الشهداء"، وأيضاً "جيش شعب معاك يا غزة".

بحسب أسامة، وهو طالب جامعي منخرط في إحدى رابطات مشجّعي الفريق (تحفّظ على ذكر اسمه الكامل)، فإن الرسالة من وراء هذه اللوحة واضحة، وهي المساندة المطلقة للقضية الفلسطينية من طرف عميد الأندية الجزائرية (1921 – 2023).

أسامة، وفي حديث للميادين نت، أوضح أن رابطات "الألتراس" التي تضمّ "نخبة الجمهور الرياضي" - بحسب تعبيره - تعي جيداً أنّ "كرة القدم وسيلة للمقاومة والتعبير عن المواقف السياسية.. فالمولودية الإسلامية الجزائرية التي تأسست أثناء الاستعمار الفرنسي، وقدّمت العديد من الشهداء خلال حرب التحرير، كانت أهدافها نضالية ثورية مدافعة عن الاستقلال وعن الهوية الوطنية، وبالتالي فإن تيفو أبو عبيدة هو تضامن رمزي تقديراً للحركة المقاومة وللمجاهدين في غزة وفلسطين، يظهر افتخارنا بملحمة طوفان الأقصى، التي تذكّرنا كجزائريين بثورة الفاتح من نوفمبر 1954".

بدورهم، احتفى مشجّعو "شبيبة الساورة" أو "فرسان الجنوب" بـ"طوفان الأقصى"، من خلال "تيفو" ميّزته قبّة الصخرة ومظليون يمثّلون "سرب صقر" الذي استخدمته الكتائب لأول مرة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لعبور السياج الفاصل مع غزّة جواً، واقتحام مواقع عسكرية للاحتلال. 

من جهتهم أنصار "جمعية الشلف" بطل كأس الجمهورية، رفعوا "تيفو" تضمّن عبارة الشيخ الشهيد عز الدين القسّام الشهيرة، والتي يردّدها أبو عبيدة، "إنه لجهاد نصر أو استشهاد"، تعبيراً عن دعمهم للمقاومة.

أما مشجّعو النادي "الرياضي القسنطيني" ففضّلوا التنديد بجرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضدّ أطفال غزة، حيث رسموا على مدرّجات ملعب "الشهيد حملاوي" بقسنطينية صورة الجدّ أبو نضال مع حفيدته الشهيدة، وأرفقوها بعبارة "روح الروح"، إلى جانب لوحة أخرى لطفل رضيع يحلّق بجناحين، كتبت عليها كلمة "الجنة".

وأنصار "وفاق سطيف" رفعوا لافتةً كبيرةً عليها عبارة "صبراً آل غزة فإن موعدكم الجنة"، وأرفقوها بصورة طفل يحتضن شقيقته وسط الأنقاض ودخان القصف، وهما يتوشّحان الراية الفلسطينية. 

"بإرث صلاح الدين متسلّحين سنستردّ أولى القبلتين"

  • شعار "بإرث صلاح الدين متسلّحين سنستردّ أولى القبلتين" يرفع في ملاعب الجزائر

أنصار بطل الدوري "شباب بلوزداد" أبدعوا أيضاً في صناعة "تيفو" شدّ إليه الأنظار أثناء مواجهة فريق "يانغ أفريكانز" التانزاني، في دوري مجموعات رابطة أبطال أفريقيا، بملعب الخامس من يوليو في الجزائر.

الـ"FANATIC REDS" كما يسمّون أنفسهم، رسموا على يمين الصورة مجاهداً يرتدي بذلة عسكرية، يضع على وجهه لثاماً أسود، وعلى جبينه وشاح الرأس الأخضر الذي يميّز عناصر كتائب القسّام.

وعلى اليسار، رسموا الفاتح صلاح الدين الأيوبي كما تصوّره كتب التراث، مرتدياً خوذة رأس وواقي صدر حديديّين، بينما يتوسّط الشخصيتين الحرم القدسي بأسواره وحرمه القبلي وقبة الصخرة.

وأسفل هذه اللوحة رفع المشجّعون لافتةً كتبوا عليها: "بإرث صلاح الدين متسلّحين.. نستردّ أولى القبلتين".

ياسين، وهو أحد مشجّعي "بلوزداد"، رأى أن هذه اللوحة لا تعبّر عن فكرة وحسب، بل عن قضية. وفي حديث للميادين نت، أكد ياسين "أننا حاولنا تجسيد نظرتنا لقضيتنا الأزلية من خلال كوريغرافيا تضمّنت شخصية صلاح الدين الأيوبي، فاتح المقدس الشريف ومحرّر الأقصى، وجامع المسلمين تحت راية واحدة.. إنه الإرث والمسار الواجب علينا اتّباعه".

وأضاف: "كما جسّدنا من حرّر هذه الأرض المقدّسة بالأمس، نجسّد من يدافع عنها اليوم في صورة المقاومة الفلسطينية الصّامدة في غزة".

أما عن المغزى من هذا "التيفو"، فيوضح ياسين: "أردنا أن يكون شعارنا هادفاً لا يكتفي بالتعاطف فقط، بل يسعى لإعادة  بناء الفكر السليم الصحيح لدى الجيل الحالي، من خلال تذكيره بأن القدس قضية كل الأمة ولا تخصّ الفلسطينيين وحدهم، وأن الدفاع عنها واجب ديني قبل أن يكون إنسانياً أو أخلاقياً، ولهذا اخترنا رسالة بإرث صلاح الدين متّحدين نستردّ أولى القبلتين". 

أنصار "اتحاد الجزائر"، بطل النسخة الأخيرة من كأس الكونفدرالية الأفريقية، وخلال مواجهة فريقهم لـ"الهلال الليبي" في الجولة الافتتاحية من المنافسة، أبدوا تضامنهم مع القضية الفلسطينية عبر "تيفو" ضخم تضمّن كوريغرافيا "قلباً ودماً" بالألوان الحمراء والبيضاء والسوداء والخضراء، مرفقة بشعار "من المحروسة بالله إلى المحرّرة بإذن الله".

وكُتب هذا الشعار على خلفية ميّزتها قبّة الصخرة، ويد مقبوضة ترمز للمقاومة، وقلعة تمثّل مدينة الجزائر قديماً، "مزغنّة" التي كانت حصناً منيعاً في وجه الأساطيل الأوروبية، إضافةً إلى علمي فلسطين والجزائر".

مباراة "الفدائي" الودية "ولّعت" ملعب عنّابة

  • شعار
    شعار "من المحروسة بالله إلى المحررة بإذن الله" يرفع في ملاعب الجزائر

"ولّعت".. بكلمة واحدة احتفى أنصار "اتحاد عنابة" بالانتصارات الميدانية للمقاومة في غزة، خلال مباراة ودّية جمعت الفريق مع المنتخب الفلسطيني الذي أجرى تربّصه التحضيري في الجزائر من 12 إلى 22 كانون الأول/ديسمبر، استعداداً لنهائيات كأس أمم آسيا، المقرّرة بقطر.

الأنصار الذين ساندوا "الفدائي" رفعوا في الدقيقة السابعة من المباراة (نسبة للسابع من تشرين الأول/أكتوبر) "تيفو" بألوان علم فلسطين وكلمة "ولّعت"، ووضعوا بدل نقطتي التاء علامتي المثلّث الأحمر الشهير في المقاطع المصوّرة التي تنشرها حركة حماس، وتؤشّر بها على خسائر الاحتلال الإسرائيلي في ساحة المعركة. والكلمة هذه اشتهرت على لسان أحد مجاهدي سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، أثناء عملية استهداف ناجحة لدبابة إسرائيلية في مدينة غزة.

وتعدّ ملاعب "الساحرة المستديرة" في الجزائر من أبرز وسائل إيصال صوت الشعب، ومثلما أظهر "الألتراس" سخطهم مما يحدث في غزة من جرائم ضدّ الإنسانية، أبدى اللاعبون تضامنهم من خلال ارتداء الكوفية ورفع علم فلسطين والوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء. 

لاعب المولودية والمنتخب الوطني يوسف بلايلي ظهر في إحدى المباريات مؤدّياً رقصة تشبه الدبكة الشامية، مقلّداً الشاب الفلسطيني الذي تحوّل مؤخّراً إلى "ترند" بعد انتشار مقطع مصوّر يعود لعام 2015، يبيّن شاباً ملثّماً يحمل في يده "المقلاع" أو "الشدّادة" ويرقص غير آبه بالنيران والدخان من حوله، أثناء مواجهات مع الاحتلال.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.