المجالس البلدية الجديدة جنوبي لبنان: إعادة الإعمار أولوية لعودة النازحين
تواجه المجالس البلدية في جنوب لبنان تحديات كبيرة جراء الاعتداءات الإسرائيلية والدمار الواسع، حيث تعمل على إعادة إعمار القرى الحدودية وتوفير الخدمات الأساسية للسكان العائدين.
-
المجالس البلدية الجديدة جنوبي لبنان: إعادة الإعمار أولوية لعودة النازحين
تتسلّم المجالس البلدية الجديدة جنوبي لبنان مهامها على وقع تحديات ومسؤوليات كبيرة، من جراء تواصل الاعتداءات الإسرائيلية والدمار الكبير الذي خلّفه العدوان الأخير. وتتحمّل البلديات في القرى الحدودية الحجم الأكبر من هذه الأعباء. والتي شكّلت أولوية عمليّة بالنسبة للمجالس البلدية الجديدة، التي وضعت نصب أعينها إعادة الحياة للقرى وإعادة إعمارها.
"الإنماء يعني التشبث بالأرض"
لم يتوانَ أهل بلدة عيترون الجنوبية عن العودة إليها فور انسحاب الاحتلال منها، ولم تقتصر التحديات الراهنة، وفقًا لرئيس المجلس البلدي سليم مراد، على عمليات الانماء وإعمار المنازل وإعادة الدورة الاقتصادية للبلدة فحسب، بل إن التهديدات الأمنية المحيطة بها تشكّل أيضًا تحديًا أساسيًا لأبنائها.
يُعرف أبناء البلدة الجنوبية باعتمادهم على المواسم الزراعية في تأمين معيشتهم، لا سيما زراعة التبغ، لكن وبسبب الدخول المتأخر إلى البلدة، لم يتمكن الأهالي من تأهيل الأرض وزراعة الشتول، ويرافق ذلك التهديد الأمني الذي يشكله الاحتلال نتيجة احتلاله لإحدى النقاط المشرفة على سهلي "المحافر والشقة"، حيث يقام الجزء الأكبر من النشاط الزراعي.
العدوان الذي تسبّب بتدمير حوالى 39 مزرعة للأبقار والمواشي في بلدة عيترون، و10 مزارع للدواجن وأخرى للنحل، فضلًا عن معمل للأجبان والألبان يتبع للبلدية تدمر أيضًا بشكل كامل، ومعمل آخر خاص تضرر ولم يعد للعمل، مما دفع أبناء البلدة للاعتماد على التجارة الداخلية كالمواد الغذائية ومواد البناء، وكذلك العمل في مختلف مهن الإعمار، من أجل تأمين دخل مقبول للسكان الذين يتحضرون لإعادة الدخول في المواسم الزراعية المقبلة.
وعلى صعيد إعادة إنماء البلدة، أفاد مراد بأن دور البلدية في هذا السياق بدأ فعليًا منذ اليوم الأول لعودة الأهالي، "لأن الإنماء يعني التشبث بالأرض"، حيث أمّن المجلس البلدي بالتعاون مع المجتمع الأهلي العديد من المرافق الحياتية، كاشتراكات كهرباء بكلفة فاقت الـ 120.000$، ومستوصفات على هيئة بيوت جاهزة، ومعدات وآليات لرفع الأنقاض وجرّافات وجرارات زراعية وإنارة للشوارع، وحالياً تقوم البلدية بتأهيل القاعة الخاصة بالمناسبات العامة فضلاً عن السعي إلى إعادة تأهيل المدارس الرسمية والثانوية بالتعاون مع مجلس الجنوب.
إعادة الإعمار وعودة النازحين
تسبب العدوان الإسرائيلي على مدينة الخيام الحدودية بتضرر البنى التحتية فيها بكل أنواعها، وتهدّم حوالى 33% من منازلها، بالإضافة إلى معظم المرافق الخدماتية فيها من مدارس ومهنيّات ومستوصفات وغيرها، بحسب عضو المجلس البلدي المهندس باسم خريس.
ولفت خريس إلى أن الدور الأبرز حاليًا هو لوزارات الطاقة والمياه والأشغال العامة والصحّة، منوهًا ببدء وزارة الطاقة والمياه بترميم شبكات المياه والكهرباء بإشراف البلدية ومتابعتها، مشددًا على أن المجلس البلدي الجديد سوف يعمل بكل طاقاته لمواجهة هذه التحديات وتأمين عودة الأهالي إلى البلدة.
تتشارك بلدة طيرحرفا مع مدينة الخيام في الخطط الإنمائية، إذ يؤكد رئيس البلدية ياسر عطايا للميادين نت، أن أولوية المجلس البلدي اليوم هي تأمين عودة الأهالي قدر الإمكان برغم الدمار الكبير الحاصل في البلدة، وذلك عبر تأمين البنى التحتية من شبكات المياه والطاقة الشمسية والبيوت الجاهزة للسكن.
الجدير بالذكر أن الدمار في البلدة طال ما يقارب الـ400 وحدة سكنية، ولم يبق منها سوى 12 وحدة تحتاج إلى الترميم، بعد تفجيرها من قبل الاحتلال وجرف الطرقات وكروم الزيتون، ويتابع المجلس البلدي أوضاع الأهالي النازحين بمعظمهم إلى قضاء صور.
دمار شبه كامل في عيتا الشعب
يختلف الوضع في بلدة عيتا الشعب الحدودية، التي تعرضت لدمار شبه كلّي، مما يجعل مهام المجلس البلدي فيها تختلف عن أي مجلس بلدي سابق نظرًا لضخامة المشاريع المنوطة إليهم.
ويفيد رئيس المجلس البلدي أحمد سرور للميادين نت بأنّ إجمالي الوحدات السكنية المتضررة بلغ 3240 وحدة (460 تحتاج ترميمًا، و2780 دُمرت بالكامل). والبلدة الحيوية التي يقطنها 12000 نسمة على مدار السنة، تستدعي إعادة بناء كل مرافقها من بنى تحتية وخدماتية، وكذلك المرافق العامة مثل المدارس، المراكز الاجتماعية، والدينية، إلى جانب الأندية الرياضية والمساحات الخضراء لاستعادة النسيج الاجتماعي.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يشير سرور إلى أن البلدة اعتمدت تاريخيًا على الزراعة (كالتبغ، القمح، والخضروات)، كما شهدت في السنوات الأخيرة نموًا في التجارة والصناعة، "لكن الوضع الأمني المتدهور على الحدود مع فلسطين المحتلة، إضافة إلى الحاجة للتمويل لإعادة الإعمار، يعيقان انتعاش الاقتصاد". إجتماعيًا، أظهر أهالي قرى الجنوب تضامنًا نبيلًا باستضافتهم للنازحين، لكن تبقى الآثار النفسية والمادية للنزوح إذ بلغ عدد العائلات النازحة 2000 عائلة.
وعن خطط العمل المقترحة لمواجهة التحديات القائمة، يركّز عمل المجلس البلدي في عيتا الشعب على متابعة أوضاع النازحين وتسهيل عودتهم، وتوثيق الأضرار والمطالبة بالتعويضات، وإعادة تأهيل البنى التحتية (طاقة، مياه، طرق) بالتعاون مع الجهات المعنية، واستثمار الطاقات المحلية ووضع مخططات برؤية معمارية حديثة، فضلًا عن دعم المبادرات الزراعية والرياضية والشبابية وفق الإمكانيات المتاحة.