في المخيّمات والمنافي.. كيف يستعد السودانيون لعيد الأضحى؟

تغيب ملامح استقبال عيد الأضحى في السودان،الذي يئنّ مواطنوه تحت وطأة حرب ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، فتخلى أهل هذا البلد عن تقاليدهم الخاصة بهذه المناسبة نتيجة الصراع.

  • في المخيمات والمنافي.. كيف يستعد السودانيون لعيد الأضحى؟
    في المخيمات والمنافي.. كيف يستعد السودانيون لعيد الأضحى؟

في مثل هذا اليوم من كل عام، كان السوداني أحمد بابكر يصطحب أبناءه إلى السوق المجاورة لمنزله، شرقي العاصمة الخرطوم، لاختيار خروف الأضحية بأنفسهم، قبل أن يأخذهم إلى المتجر لشراء الملابس الجديدة، في رحلة ممتعة تمثل عيداً في حد ذاتها، لكنه يجد نفسه مجبراً، في الموسم الحالي، على التنازل عن هذه الطقوس السنوية، فهو بالكاد يحصل على طعامه اليومي. 

يعيش بابكر وعائلته، منذ 6 أشهر، في مركز لإيواء النازحين في مدينة كسلا شرقي السودان، في ظل ظروف إنسانية قاسية، تجلّت في نقص الطعام ومياه الشرب والعلاج، فلا يراوده أدنى إحساس بقدوم عيد الأضحى المبارك، فهو لا يملك الأموال، التي تُمكّنه من القيام بعاداته المحبَّبة. لذلك، سيكون العيد المقبل بالنسبة إليه فقط مناسبة دينية يمارس شعائرها من ملجئه، بحسب ما يرويه بحزن للميادين نت.

تغيب ملامح استقبال عيد الأضحى في السودان، الذي يئن مواطنوه تحت وطأة حرب ضارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، فتخلى أهل هذا البلد عن تقاليدهم الخاصة بهذه المناسبة نتيجة الصراع، بينما تحاصر الأزمة الاقتصادية الطاحنة الأشخاص المقيمين بالأقاليم الآمنة نسبياً، وسلبتهم فرحة عيد الفداء كذلك.

غلاء طاحن

وبحسب علي محمد، وهو من سكان بورتسودان، العاصمة الإدارية للبلاد، فإنه لا يوجد أي حراك يوحي بقرب حلول عيد الأضحى، بخلاف ما كان يحدث في الأعوام الماضية، فبدت الحركة في الأسواق المركزية في المدينة أكثر من عادية، بل توجد مظاهر ركود كبير في التجارة، وخصوصاً الملابس، وأيضاً في ساحات بيع الخراف، والتي صارت شبه خالية من الزبائن.

ويشير محمد، خلال حديثه إلى الميادين نت، إلى ارتفاع كبير في أسعار مجمل السلع الغذائية والملابس. أمّا الخراف فتضاعف سعرها أربع مرات عن العام السابق، بحيث تتراوح أسعارها بين 350 ألف جنيه و600 ألف جنيه سوداني (150–250 دولاراً أميركياً)، وهي مبالغ طائلة لا يقدر عليها معظم المواطنين، الذين تأثرت مصادر دخلهم بسبب الحرب.

ويقول: "أشعر بحزن كبير، لأنني لن أستطيع شراء خروف أضحية لعائلتي، فلا يمكنني إسعادهم هذه المرة، ربما نكتفي بشراء بعض التمور والحلوى البسيطة. ومع ذلك، نحمد الله، لأن بعض إخوتنا يقيمون بمخيمات نزوح في ظل وضع إنساني سيئ، ولا يملكون ثمن سلع بسيطة لاستقبال العيد".

وقادت الحرب المستمرة منذ أكثر من عام إلى وضع اقتصادي سيئ في السودان، إذ تدنت قيمة العملة الوطنية، "الجنيه"، إلى مستوى قياسي، فلامس الدولار الأميركي حاجز 2000 جنيه سوداني، في حين تتوقف رواتب معظم موظفي الخدمة العامة، وتشرد عمال القطاع الخاص، وتعطلت المصالح، الأمر الذي وضع 25 مليون سوداني عند حافة الجوع، وفق الأمم المتحدة.

عيد الملاجئ

سيُمضي أكثر من 10 ملايين سوداني، من أصل 40 مليون نسمة، عيد الأضحى الحالي خارج منازلهم بعد أن شرّدتهم الحرب وحولتهم إلى نازحين داخلياً، ولاجئين في دول الجوار، بحسب منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، في حصيلة حديثة أصدرتها مطلع حزيران/يونيو الجاري.

ويعرب المواطن السوداني، أحمد بابكر، الذي يقيم بأحد مخيمات مدينة كسلا شرقي البلاد، عن حزنه الشديد لحلول عيد الأضحى وهو لا يزال بعيداً عن منزله وجيرانه وأصدقاء عمره، والذين لن تكتمل فرحة العيد إلا بالجلوس إلى جانبهم، والاستمتاع معاً بالشواء على الطريقة المحلية، واحتساء "الشربوت"، وهو المشروب السوداني المكمل لمائدة عيد الأضحى.

ويقول بابكر، في حديثه إلى الميادين نت: "نحلم بتوقف الحرب قريباً، كي نعود إلى منزلي، وأعيش في بيتي، ومع أصدقائي مجدداً، ونمضي الأيام المباركة والأعياد معاً، وفق تقاليدنا وعاداتنا. فلن نجد طعماً لعيد الأضحى في ظل الظروف السائدة، وربما نحصل على بعض الصدَقات والذبائح التي وعدت بها مبادرات طوعية، لكنها ستكون بلا طعم".

ولا يتباين الوضع في مدينة أم درمان غربي العاصمة السودانية، فهي الأخرى خلت من مظاهر استقبال عيد الأضحى، بينما تسيطر على سكانها مشاعر الخوف والقلق في إثر تصاعد أعمال القصف المدفعي العشوائي على المناطق الآهلة بالسكان، وفق ما يقوله آدم فتح الرحمن، أحد المواطنين العالقين هناك، للميادين نت.

ويضيف: "نحن مهمومون بكيفية الحصول على وجبة من المطابخ المجانية التي يقيمها الخيّرون في أحيائنا السكنية، فالحصول على خروف للأضحية هو بمنزلة حلم يصعب تحققه، فالجميع هنا ليس لهم أي مصدر دخل، لذلك سيمرّ عيد الحرب بلا فرح قطعاً".