في اليوم العالمي للمرأة.. حكايا بطولية لنساء يواجهن الاحتلال من قطاع غزة إلى لبنان
من قطاع غزة إلى لبنان، نساءٌ أيقونات وبطلات يواجهن الاحتلال الإسرائيلي بقوة وعزم وصمود وثبات. وفي يوم المرأة العالمي، نتعرّف إلى بعض من قصصهنّ الملهمة والعظيمة.
في قطاع غزة، وسط البيوت المُدمّرة، وعند الجثث المخضبة بدمها، وجنب المرضى في أروقة المستشفيات، وفي خيم النازحين، وبين الأطفال والعجزة، ستجدُ امرأةً غزّاويةً حديدية، لا بدّ للعالم أن يتعرّف إليها في يومها العالمي.
هذه المرأة، التي تُقاسي، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر وحتى الآن، حرباً دمويةً طاحنة، وجرّبت كلّ أنواع الفقد والألم، وكل أشكال العنف والتهجير والنزوح، تنفض نفسها من أوجاعها وأحزانها، لتصعد أمام الملأ قائلةً: "كلّه فداءً لفلسطين، وفداءً للقدس".
View this post on Instagram
لعلّ هذه المرأة نموذجٌ من 1.13 مليون أنثى تعيش في غزة، بكل صمود وثبات. فحين نتحدّث عن المرأة هناك ونَصِفُها بالحديدية، لا يعني أنّها لا تبكي أو تنهار أو تتألّم، وهذا جزءٌ من كينونتها، بل نعني بالحديدية أنّها وسط ألمها وفقدها وبكائها، تُحضّر زوجها وأولادها الشبان لقتال ألدّ الأعداء ببسالة، وهي تعلم علم اليقين أنّها قد تقدمهم شهداء.
نعني بالحديدية أيضاً، المرأة التي تظلّ تُكافح تحت القصف وبين الدمار، من أجل من حولها، بدعمها العاطفي والنفسي، وبحمايتها لعائلتها، وبتقديمها الطبابة والدواء، وبطهيها، في حصارٍ خانق، من ترابٍ وطحين، طعاماً مجبولاً بالأمل، والإيمان، بأنّ ما تصنعه وما تقدّمه، يُمكن أن يُطعم أهلها من جوع، ويأمنهم من خوف.
لا نسردُ هنا قصصاً خيالية، بل قصصاً صدّرتها غزة للعالم أجمع، عن نساءٍ تحوّلن إلى أيقونات، ببطولاتهنّ التي تُشبه المُعجزات. ففي جولةٍ ميدانية في قطاع غزة، ستجد المرأة الأمّ التي ركضت لتنتشل جثة ولدها من أمام دبابات الاحتلال، كي لا يدوسوا عليه، وتدفنه بسلام.
View this post on Instagram
وستجد أمّاً ثانية، تتحدى ظروف النزوح القاسية، وتُرتّب خيمةً صغيرةً بأقلّ الإمكانيات، لتُعلّم أطفالها القرآن والشعر، وسط الحرب، لكي تصنع أفضل إنسانٍ منهم.
كما ستجد المرأة الجدّة التي تحوّلت إلى أمّ وأبٍ لأحفادها، لأنّها هي من بقي لهم، وهم من بقوا لها، بعد استشهاد أولادها بقصفٍ إسرائيلي. ستجدها تطمئنهم، بكلّ حنان واحتواء، بأنّ أهلهم في جنات الله الخالدة.
View this post on Instagram
تُكمل جولتك نحو مركز إيواء القدس في رفح جنوبي قطاع غزة، فترى المرأة المُدرّسة، التي تُحاول استبدال أصوات القصف، بأصوات ترتيل القرآن وتلاوته مع الأطفال والنازحين، من أجل المسح على أرواحهم بلمسةٍ إلهية، "تخفّف من همومهم، وتُزيل جروح القلب".
View this post on Instagram
وأيضاً، ستجد المرأة الطبيبة، التي خاطرت بروحها، وانطلقت تحت زخّات رصاص الاحتلال الإسرائيلي، لتُنقذ حياة جريحٍ قرب مجمع ناصر الطبي المحاصر في خان يونس جنوبيي قطاع غزة، في فعلٍ أثبت أنّ قصص الأبطال الخارقين، يُمكن أن تكون حقيقةً في مكانٍ ما، فكانت هي البطلة الخارقة.
View this post on Instagram
كذلك، ستُقابل المرأة الصحافية، التي لا تستسلم عن نقل الحقيقة والواقع، رغم القصف الوحشي، وإدراكها أنّ مهمّتها الصحافية، قد تؤدّي إلى استشهادها، لكنّها ستُخلّد الخبر والصورة.
View this post on Instagram
وستُقابل أيضاً، امرأةً أسيرةً مُحررةً صامدة ثابتة، في عيونها تلمعُ حريةً تطمح إليها، حريّة كل فلسطين.
نضالٌ موصول إلى نساء لبنان
"لو بتروح بيوتنا كلها، مننصب خيم ومنقعد بالشوارع، ما منترك أرضنا لو بدها تقتلنا "إسرائيل".
- امرأةٌ من جنوبي لبنان
نضال النساء في قطاع غزة وصمودهنّ، موصول إلى نساء لبنان، اللواتي سطّرن أيضاً بطولات في تقديم التضحيات وفلذات الأكباد، على طريق القدس وتحرير فلسطين.
للنساء في جنوب لبنان دور بارز خلال الحرب.. فمن رفضت ترك منزلها قررت أن يكون لبقائها دور في نصرالمقاومين.. فكيف كان ذلك؟
— الميادين لبنان (@mayadeenlebanon) November 11, 2023
تقرير: فاطمة فتوني #لبنان#الميادين_لبنان@ftounifatima pic.twitter.com/r8sToW8g6N
هنّ نساء الأرض، اللواتي يُقاومن بطريقتهنّ. فمنهنّ من بقي في البيوت عند الحدود، لتقديم يد العون للمقاومين الذين يواجهون الاحتلال، بمشاركة المنازل والطعام والمحاصيل الزراعية، وكل ما يملكنه مع المقاومين، مُرفقين كل ذلك بدعواتهنّ، التي تصل إلى الله من دون حواجز.
"فدا السيد حسن والشباب"
— الميادين لبنان (@mayadeenlebanon) March 6, 2024
سيدة في بلدة كفرا الجنوبية بعد الاعتداء الإسرائيلي الذي طال منزلها أمس.#لبنان #الميادين_لبنان pic.twitter.com/DLORVLptMH
لهؤلاء النسوة تجربةٌ في حرب تموز العام 2006، وقبلها سنوات طويلة من الحروب ضد الاحتلال الإسرائيلي، فهنّ تربّين وربّين أجيالاً من المقاومين، والشهداء، على طريق ذات الشوكة هذا. لهؤلاء، عزمٌ وصبر وبصيرة وإيمانٌ، بأنّ التجارة مع الله، والمقاومة في سبيله، ستُزهر نصراً لكل لبنان.
وهؤلاء كنّ مصدر قوة وإلهام للكثير من النسوة والفتيات اللبنانيات، مثل زميلتنا في الميادين، فرح عمر، التي أبت إلاّ أن تنقل الحقيقة من على أرض الجنوب، وأن تكون قريبةً من الناس هناك في الميدان، حتى نالت الشهادة على تراب الجنوب.
الزميلة فرح عمر شهيدة الميادين على طريق القدس💔
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) November 21, 2023
تقرير: بيان خنافر #الميادين #فلسطين #لبنان pic.twitter.com/Z9gyNnmYis
الشهيدة "فرح عمر" عم تتعلّم تخبز عالصاج.
— مصطفى جحا (@mostafa_juha) November 21, 2023
الحَجِّة: شوفها يا سيّد عم تجاااهد معنا
رحمك الله. pic.twitter.com/pdspTAY4yY
المرأة خلف الرجال الأبطال
خلف المقاومين العظماء، الذين يواجهون الاحتلال ويسطّرون بطولاتٍ ملحمية في الميدان، نساء عظيمات استطعن أن يُشكلن النموذج المُناهض للنموذج الغربي عن المرأة، الذي يسعى إلى تسليعها وتجريدها من كينونتها وفطرتها.
هؤلاء النساء استطعن عبر وعيهنّ وثقافتهنّ وإلمامهنّ في الدين والسياسة، واحتضانهن لفكرة المقاومة وتحرير الأرض بأي ثمن، وتأديتهنّ دورهنّ في هذا الإطار، صناعتة الرجال المقاومين، والوقوف سنداً ثابتاً خلفهم.
هؤلاء نسائنا الأيقونات، منهنّ من عرفنا قصصهنّ، ومنهنّ من لم نعرف عن بطولاتهنّ شيئاً، لكننا سنكتشفها مع الأيام، وبعد النصر، لنُخلّد حكاياتاهم في عالم يدّعي أنّه يُناصر حقوق المرأة، لكنّه يرى كل ما تضحّي به نسائنا وأمّهاتنا وأخواتنا وجدّاتنا، وكل العنف والإرهاب والذي يتعرضن له، من دون أن يُحرّك ساكناً، بينما لا يفوّت فرصةً للكلام عن افتراءات وأضاليل مثل كذبة "اغتصاب إسرائيليات"، من دون أي دليل.
إنْ كان العالم هذا، الذي تطغى عليه ازدواجية المعايير، لا يسمع أصوات نسائنا، فنحن نسمع، ونحن سنتحدّث عن هذه النماذج الفريدة من النساء وسط حربٍ تاريخية، لأولادنا وأحفادنا. فنحنُ نُدرك أنّ نسائنا، مثل كل النساء، لا يستحققن تجربة كل تلك المآسي، بل يستحققن مستقبلاً يحترمهنّ، ولأجل ذلك، يُقاومن، ويضحين، ويستشهدن.