مصريون عن محور "فيلادلفيا": لن نقبل بـ"إسرائيل" على حدودنا وبيننا وبينها السلاح

توترات زادت حدّتها مؤخراً في علاقات مصر و"إسرائيل" حول محور فيلادلفيا، على خلفية حرب غزة، بعد إبلاغ كيان الاحتلال القاهرة نيته دخول منطقة رفح والمحور.

  • مصريون عن محور
    مصريون عن محور" فيلادلفيا": لن نقبل بـ"إسرائيل" على حدودنا وبيننا وبينها السلاح

ادعاءات رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو الكاذبة والمتواترة عن محور فيلادلفيا مع مصر، وحاجة كيان الاحتلال إلى السيطرة عليه للبحث عن الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس ومنع تسلل المقاومة والسلاح، وفق ادعاءاته، دفعت الشاب الأربعيني أحمد الصاوي، فور سماعها إلى تصفح هاتفه النقال عبر محرك البحث غوغل؛ لمعرفة معلومات عن المحور الحدودي الذي يثير توترات مؤخراً بين "تل أبيب" والقاهرة.

لن نقبل بوجود "إسرائيل" على حدودنا

الصاوي، الذي استشهد عمه الأكبر في حرب أكتوبر 1973، وما زالت الذكريات عن شجاعته وبسالته في حرب الاستنزاف تملأ أرجاء منزل العائلة الكائن في منطقة عين شمس، وسط القاهرة، تساءل في حديثه لـلميادين نت عن أهداف "إسرائيل" من وراء هذا المطلب، مضيفاً: "محور فيلادلفيا أرض مصرية وجزء من سيناء الحبيبة التي ندافع عنها بأرواحنا ودمائنا".

توترات زادت حدّتها مؤخراً في علاقات مصر و"إسرائيل" حول محور فيلادلفيا، على خلفية حرب غزة، بعد إبلاغ كيان الاحتلال القاهرة نيته دخول منطقة رفح والمحور، ومع رفض الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تلقي اتصال هاتفي من نتنياهو، لمناقشة الأمر، وفق تقارير إعلامية، تصاعد الحديث عن أزمة المحور الواقع جنوبي غزة.

"محور صلاح الدين" المعروف باسم "محور فيلادلفيا"، الممتد من داخل قطاع غزة من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً بطول الحدود المصرية، وتبلغ مساحته نحو 14 كيلومتراً،  يصف الصاوي حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو عنه بـ"المستفز، وكلام المهزوم الذي يعلق شماعة فشله في الحرب على الغير بادعاءات لا صحة لها ولا مبرر، بل يريد القفز إلى الأمام بعد الانتكاسة العسكرية والهرب من مصيره المحتوم بالسجن، بعد هزيمة الكيان الإسرائيلي تحت رئاسته".

مئات الأمتار لا يتجاوزها عرض المحور الذي انسحبت منه "إسرائيل" بشكل أحادي عام 2005، ولم يحظ، وهو يعدّ جزءاً من منطقة عازلة بموجب اتفاقية "كامب ديفيد" الموقعة مع مصر عام 1979، منذ ذلك التاريخ، باهتمام الجانبين، ولم تُسلط الأضواء بشأن مصيره.

"أتوقع أن تتحرك مصر، لأن هذا يعني إنهاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، الدبابات الإسرائيلية ستكون أمام مرمى أعين المصريين، ولن نقبل كشعب ولا جيش بوجود إسرائيلي قرب حدودنا"، يقول الصاوي، وهو مهندس مدني وأب لثلاثة أطفال، ويستطرد :"هذا يعني حرباً جديدة مع إسرائيل".

سأعود إلى الجبهة بالسلاح

  • "محور صلاح الدين" المعروف باسم "محور فيلادلفيا"، الممتد من داخل قطاع غزة من البحر المتوسط شمالاً حتى معبر كرم أبو سالم جنوباً بطول الحدود المصرية

على مقهى "علاء الدين" في حي المنيرة، وسط القاهرة، جلس الرجل الثمانيني أحمد النجار، يقلب صفحات إحدى الجرائد المصرية، دقق في التصريحات المنشورة لرئيس هيئة الاستعلامات المصري ضياء رشوان في ردّه على طلب الاحتلال الإسرائيلي بشأن محور فيلادلفيا، ورفض القاهرة القاطع للأمر.

سؤال حول رد فعله  في حال سيطرت  "إسرائيل" بالقوة على محور فيلادلفيا، كان كافياً ليكسو الاحمرار والضيق ، وجه النجار، الذي قاطع، مجيباً: "سأعود إلى الجبهة مثلما كنت شاباً، وسأحمل السلاح، لا شيء غير ذلك يمكن أن يفعله مصري غيور على أرضه"، وفق تعبيره لـلميادين نت.

بنظرة عميقة تحت أنفاس النرجيلة (الشيشة) التي ملأت أرجاء المكان دخاناً كثيفاً، أخذ يسترجع ذكرياته عن مشاركته في حرب أكتوبر وقبلها حرب 67، وكيف أعادت مصر أراضيها وهزمت "إسرائيل"، مستنكراً "بعد كل تلك الدماء التي سالت على الرمال كيف يجرؤ نتنياهو على دعوتنا إلى التفريط في شبر واحد من أراضينا".

الجد لنحو 14 حفيداً والأب لخمسة أبناء، لم يكن يهتم كثيراً بأمور السياسة قبل معركة "طوفان الأقصى"، إذ أعادته انتصارات حركة حماس على الكيان الصهيوني مجدداً إلى شاشة التلفاز، حيث يقضي معظم وقته حين يعود إلى المنزل، يتصفح القنوات الإخبارية للاطلاع على آخر أخبار معارك غزة، رغم خلافه الأيديولوجي مع حركة حماس: "يعجبني كثيراً تدمير الدبابات الإسرائيلية من المسافة صفر، وشجاعة المقاومة الفلسطينية، وهي تخوض معركة شرف وكرامة تفوق كل المعارك العربية مع إسرائيل".

وعقب عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر الماضي، وارتكاب الاحتلال أفظع الجرائم من القتل والتشريد والتهجير والاغتيالات، أصبح "محور فيلادلفيا" إحدى أهم المناطق الاستراتيجية المستهدفة بالخطة الإسرائيلية لعزل القطاع وبناء منطقة عازلة لتأمين عودة المستوطنين إلى غلاف غزة بعد إجلائهم بالآلاف.

الكيان الصهيوني، الذي واجهت القاهرة طلبه بمعارضة شديدة، يخطط، وفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، لتنفيذ عملية عسكرية على طول الحدود مع مصر تشمل تمركز قوات إسرائيلية على امتداد الزاوية الجنوبية الشرقية لغزة مع سيناء.

"غزة بلا أهلها" والرهائن خدعة إسرائيلية

  • المصري أحمد النجار: في حال سيطرت  "إسرائيل" بالقوة على محور فيلادلفيا سأعود إلى الجبهة مثلما كنت شاباً، وسأحمل السلاح

وساءت العلاقات للمرة الثانية، حين رفضت القاهرة بشكل حاسم، مقترحاً إسرائيلياً بنقل الفلسطينيين مؤقتاً إلى صحراء سيناء، إذ عدّ الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، هذا الإجراء "خطاً أحمر" للأمن القومي المصري والهدف منه تصفية القضية الفلسطينية.

محمود عمار، الطبيب في أحد المستشفيات الخاصة في الجيزة، الملاصقة للقاهرة، يسرد بلغة هادئة، تاريخ محور فيلادلفيا، قائلاً: "بموجب اتفاقية السلام معها، انسحبت إسرائيل  إلى هذا المحور، وفي عام 2005 انسحبت من قطاع غزة، وتم منح السلطة الفلسطينية سلطة الإشراف على المناطق الحدودية والمعابر، وبالتزامن مع ذلك، وقّعت مع مصر اتفاق فيلادلفيا، وهو يعدّ ملحقاً أمنياً لمعاهدة السلام ويخضع لمبادئها".

ويضيف الشاب الثلاثيني، الذي قضى مدة تجنيده في إحدى الوحدات العسكرية في سيناء، ويتابع حرب غزة باهتمام بالغ: "هذا الاتفاق تضمن نشر قوات مصرية على الحدود الفاصلة مع قطاع غزة، وتُقدر تلك القوات بنحو 750 جندياً من حرس الحدود المصري، ومهمتهم تتمحور في مكافحة الإرهاب والتسلل عبر الحدود والتهريب والكشف عن الأنفاق، إثارة إسرائيل لتلك القضية هي نوع من التحرش بمصر وتصدير الأزمة إليها، وتحميلها جرائم الإبادة التي ترتكبها في قطاع غزة من قتل وتهجير وتجويع لأهلنا الفلسطينيين".

ادعاء "إسرائيل" بأن الهدف البحث عن الرهائن، كما يقول عمار "حديث كاذب وخدعة، فمنذ البداية قالت إن الأسرى في خان يونس، ولما فشلت عسكرياً ادّعت أنهم في رفح، هدف إسرائيل من حربها تدمير قطاع غزة نهائياً وجعله غير صالح للعيش، هي تريد غزة بلا أهلها، لكن وفي ظل الهزيمة الاستراتيجية الماثلة، وتصدع صورة إسرائيل عسكرياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، أوشك نجمها على الأفول".

سلوك عدواني وجرائم حرب

وتقول مؤسسة "سيناء لحقوق الإنسان" إن خيام النازحين من أهالي غزة اقتربت من السياج الفاصل بين مصر وقطاع غزة إلى المسافة صفر داخل محور ‎فيلادلفيا، كما تشهد المنطقة نزوحاً متواصلاً لسكان القطاع بعد مرور 118 يوماً على حرب غزة.

الناشط الحقوقي، والعضو في "منظمة العفو الدولية" سامي عبد المنعم، يقول خلال اتصال مع الميادين نت إن هناك آلاف الأدلة على ارتكاب الكيان الصهيوني جرائم حرب وإبادة في غزة من قصف مدنيين في المدارس والمستشفيات بشكل مباشر من دون سابق إنذار، وتهجير قسري وتشريد للسكان، لكن مقاضاتها أمام المحكمة الجنائية الدولية ربما تكون صعبة لعدم توقيعها على الاتفاقية المنظمة للمحكمة.

إقدام الاحتلال على إنشاء منطقة عازلة على طول الأراضي الفلسطينية بمزاعم منع هجمات المقاومة والسيطرة على محور فيلادلفيا، "هو سلوك عدواني يمثل جرائم حرب مثل كل إجراءات الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين التي تخالف القوانين الدولية"، يضيف عبد المنعم.

تاريخ الكيان في الحروب، كما يصف العضو في "منظمة العفو الدولية"، يشهد بأنه "لم يحترم أبداً قواعد الاشتباك أو قواعد القانون الدولي، باستهدافه أماكن العبادة أو المدارس أو المستشفيات أو الأماكن التي يلجأ إليها المدنيون للحفاظ على حياتهم، ويمارس التدمير وقتل الأطفال والنساء، لإدخال الرعب إلى قلوب السكان وحثهم على الانتقال والرحيل".

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.