مليون سجينة حول العالم.. تحذيرات من "أزمة عالمية" وتفاقم الانتهاكات

تصاعد عالمي خطير في عدد النساء السجينات وسط انتهاكات واسعة للعنف الجنسي والعمل القسري، وتهميش ممنهج لاحتياجاتهن الأساسية.

0:00
  • مليون سجينة حول العالم.. تحذيرات من
    مليون سجينة حول العالم.. تحذيرات من "أزمة عالمية" وتفاقم الانتهاكات

يشهد العالم ارتفاعاً غير مسبوق في عدد النساء المسجونات، بمعدل يقارب ثلاثة أضعاف الرجال، في وقت تتعرض فيه السجينات للعنف الجنسي والعمل القسري ضمن بيئات تُهمل احتياجاتهن الأساسية وتُبقي معاناتهن خارج دائرة الاهتمام الدولي. ويقدَّر أن ما يصل إلى مليون امرأة حول العالم يواجهن هذه الانتهاكات داخل السجون، في ما تصفه منظمات حقوقية بأزمة عالمية متنامية.

وبرغم أن النساء يشكّلن في الغالب ما بين 2% و9% فقط من مجموع نزلاء السجون على مستوى الدول، فإنّ أعدادهن ارتفعت منذ عام 2000 بنسبة 57%، مقارنةً بزيادة لا تتجاوز 22% لدى الرجال. وتشير المديرة التنفيذية للمنظمة الدولية للإصلاح الجنائي، أوليفيا روب، إلى أننا أمام "أزمة عالمية حقيقية"، مؤكدةً أن النساء غالباً ما يُعاملن كفكرة ثانوية داخل منظومة عقابية بُنيت للرجال، وأن احتياجاتهن لا تُلبّى في معظم الحالات.

وكشفت شهادات سجينات ومحاميات وناشطات في دول عدة، من السلفادور وكينيا إلى الولايات المتحدة والأرجنتين، عن حالات واسعة من الضرب والاعتداء الجنسي والاستغلال القسري، غالباً أثناء تنفيذ أحكام على جرائم بسيطة. وعلى الرغم من اعتماد الأمم المتحدة قبل 15 عاماً "قواعد بانكوك" المخصّصة لمعاملة السجينات، فإنّ تطبيقها لا يزال محدوداً، ويصعب ضمان المساءلة في معظم البلدان، وفق روب.

ويرتبط الارتفاع الكبير في سجن النساء عالمياً بعوامل متشابكة، أبرزها الفقر وسوء المعاملة والقوانين التمييزية. وتُسجن النساء بشكل غير متناسب بسبب جرائم بسيطة مثل سرقة الطعام للأطفال، أو التسوّل، أو العمل في الاقتصاد غير الرسمي، إضافة إلى الحملات المرتبطة بـ"الحرب على المخدرات".

وتُظهر أحدث البيانات أن عدد النساء والفتيات في السجون يتجاوز 733,000 حول العالم، وهو تقدير يُرجّح أنه أقل من العدد الحقيقي بسبب نقص البيانات. وتتصدر الولايات المتحدة القائمة بـ 174,607 سجينة، تليها الصين بـ 145,000 امرأة. أما في أوروبا، فيوجد 94,472 سجينة، وفي أستراليا 3,743 امرأة يشكّلن 8% من مجموع السجناء، فيما تضم إنجلترا وويلز 3,566 سجينة، 72% منهن محكومات بجرائم غير عنيفة.

وتواجه النساء داخل السجون تحديات مضاعفة، إذ إن النظام العقابي مصمَّم أساساً للرجال. وتعاني نسبة كبيرة منهن اضطرابات نفسية وسجلّات من العنف الأسري، بينما تُظهر بيانات منظمة الصحة العالمية أنّ معدلات انتحار السجينات في أوروبا تزيد تسعة أضعاف عن معدلاتها في المجتمع. وتُضاعف إجراءات مثل التفتيش العاري، والاكتظاظ، وقلة ضوء النهار، وضيق المرافق الصحية، شعورَ النساء بالصدمة والحصار.

وترى المحامية سابرينا ماهتاني، من منظمة "نساء وراء الجدران"، أنّ السجن ليس حلاً لمعظم النساء، مؤكدةً أن التجربة العالمية تُظهر أنه نظام غير فعّال بل ضار، وأن غالبية السجينات لا يشكّلن أي خطر على المجتمع ويحتجن إلى بدائل أكثر عدالة وإنسانية.

ولا يتوقف تأثير سجن النساء عند حدود السجون، بل يمتد إلى الأسر والمجتمعات. فالكثير من السجينات هنّ المعيلات الأساسيات لأطفالهن، ويُقدّر أن 1.45 مليون طفل حول العالم لديهم أمهات خلف القضبان. وتشير روب إلى أن دخول الأم السجن يؤدي غالباً إلى تفكّك الأسرة، واضطرار الأطفال للجوء إلى الرعاية الاجتماعية أو العائلية، ما يجعل تأثير سجن المرأة أعمق بكثير من تأثير سجن الرجل. 

اخترنا لك