موت بطيء عند المعبر.. الاحتلال يحاصر فرصة النجاة الوحيدة في رفح

إغلاق الاحتلال معبر رفح والسيطرة الإسرائيلية عليه يهدّد حياة عشرات الآلاف من المصابين والمرضى، فيما تشير التقديرات الرسمية إلى إمكانية ارتفاع أعداد الوفيات والشهداء في غزة خلال الأيام المقبلة.

  • موت بطيء عند المعبر.. الاحتلال يحاصر فرصة النجاة الوحيدة في رفح
    موت بطيء عند المعبر.. الاحتلال يحاصر فرصة النجاة الوحيدة في رفح

لأسابيع طويلة ظلّ اسم محمد أبو مراحيل على قوائم الانتظار للسفر خارج قطاع غزة عبر معبر رفح البري، عقب إصابته بجراح خطيرة من جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي لأحد الأحياء السكنية في مخيم النصيرات وسط القطاع.

أبو مراحيل الذي لم يحصل على موافقة من الاحتلال الإسرائيلي لتلقّي العلاج خارج القطاع، زادت مخاوفه من فقدان حياته عقب اقتحام "جيش" الاحتلال لمعبر رفح البري والسيطرة العسكرية عليه، خاصة وأنه بحاجة إلى عمليات جراحية طارئة لا يمكن إجراؤها في مستشفيات غزة. إذ تتطلّب حالته الصحية إجراء عمليات جراحية بالأمعاء والقدمين، خاصة وأن إصابته تسبّبت له بأضرار كبيرة في أمعائه، وتُهدّد بإمكانية بتر قدميه في حال لم يتلقّ العلاج اللازم.

ويوضح أنّ الأطباء في غزة أكدوا استحالة تلقّيه العلاج داخل مستشفيات القطاع، وأن حالته الصحية تستدعي نقله إلى الخارج.

ويتعمّد الاحتلال الإسرائيلي، وفق أبو مراحيل، قتل الجرحى والمرضى في غزة، كما أن سيطرته العسكرية على المعبر تهدف إلى منع تقديم العلاج اللازم للجرحى، والحيلولة دون وصول المساعدات الطبية لهم، مؤكداً أنه وآلاف المصابين والمرضى مهدّدون بالموت في أي لحظة حال استمر إغلاق معبر رفح وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي عليه.

وبحسب الإحصاءات الرسمية الفلسطينية، فإن 11 ألف مصاب من جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بحاجة إلى السفر إلى خارج القطاع من أجل تلقّي العلاج اللازم، وأن عدم سفرهم يعرّض أرواحهم للخطر، خاصة وأن إصاباتهم ما بين الخطيرة وبالغة الخطورة.

فصول من المعاناة

وللمعاناة فصول ممتدة بين جرحى القطاع، يروي تفاصيلها المصاب بمرض السرطان، والنازح من غزة إلى وسط القطاع، خالد دياب، والذي يعاني منذ بداية الحرب من عدم توفّر العلاج اللازم لهذه الفئة من المرضى، ما أدى إلى تدهور كبير في حالته الصحية.

ويفيد دياب الميادين نت أنه حصل منذ شهرين على تحويلة طبية للسفر خارج القطاع لتلقّي العلاج، وأنه كان قبل الاجتياح الإسرائيلي لمعبر رفح يراجع يومياً كشوفات السفر الخاصة بالجرحى؛ إلا أن سيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح وإغلاقه بدّدت آماله بالسفر، متهماً "جيش" الاحتلال بتعمّد إعاقة سفر المرضى والمصابين، من أجل موتهم البطيء في غزة.

وحال دياب كحال المئات من مرضى السرطان والآلاف من المصابين الذين لا يجدون الحدّ الأدنى من العلاج في غزة، قائلاً: "نعيش منذ أشهر على المسكّنات الطبية، والتي لا تتوفّر إلا بكميات قليلة جداً، ولم نحصل على العلاج الخاص بنا منذ السابع من أكتوبر، الاحتلال يريد إبادتنا جميعاً ويستخدم طرقاً مختلفة من أجل ذلك".

ويؤكد مكتب الإعلام الحكومي في غزة، أن 10 آلاف مريض بالسرطان في القطاع يواجهون الموت، وأنهم بحاجة للعلاج الفوري قبل فقدانهم أرواحهم، الأمر الذي سيزيد من معاناة هؤلاء في ظل عدم وجود أي منفذ لسفرهم إلى الخارج.

حكم بالإعدام على الجرحى 

ويفيد مدير الإعلام والعلاقات العامة في وزارة الصحة في غزة، محمد الحاج، أن إغلاق معبر رفح والسيطرة الإسرائيلية عليه يهدّد حياة عشرات الآلاف من المصابين والمرضى، لافتاً إلى أن التقديرات تشير إلى إمكانية ارتفاع أعداد الوفيات والشهداء في غزة خلال الأيام المقبلة.

ويمكن اعتبار اقتحام معبر رفح من قبل "جيش" الاحتلال وإغلاقه بمثابة حكم بالإعدام بحق مئات الآلاف من المرضى والمصابين، كما أنه سيؤدي إلى كارثة صحية كبيرة بسبب عدم دخول المساعدات الطبية اللازم للمستشفيات، يقول الحاج لـلميادين نت.

ويضيف: "لن تتمكّن مستشفيات القطاع التي ظلت قيد العمل من تقديم الخدمات الطبية للمرضى والمصابين، وسيؤدي الأمر إلى استشهاد ووفاة الآلاف منهم، وسيواجه القطاع كارثة غير مسبوقة، هي الأشد عنفاً منذ بداية الحرب الإسرائيلية".

بدوره، أكد الناطق باسم هيئة المعابر والحدود الفلسطينية، هشام عدوان، أن معبر رفح وقبل اقتحامه من قبل "جيش" الاحتلال كان يعمل وفق أدنى الإمكانيات، وفي إطار شروط يفرضها الاحتلال الإسرائيلي تعيق سفر أعداد كبيرة من المرضى والمصابين.

ويفيد عدوان الميادين نت بأن "أعداداً قليلة جداً لا تتجاوز المئات هي التي تمكّنت من السفر إلى خارج القطاع خلال الأشهر الماضية، وأن الاحتلال كان يرفض قوائم كاملة من الجرحى والمرضى من دون إبداء أي أسباب لذلك".

ويضيف: "كنّا نبذل جهوداً مع السلطات المصرية لتسهيل سفر الفئات الأكثر حاجة للعلاج في الخارج، كما كنّا نأمل أن تتحسّن آلية العمل في معبر رفح؛ إلا أن اقتحامه من قبل قوات الاحتلال يمثّل كارثة كبرى ويهدّد حياة مئات الآلاف".

وشدّد المسؤول الفلسطيني على ضرورة أن يعمل المجتمع الدولي والمنظمات الأممية للضغط على سلطات الاحتلال من أجل الانسحاب من معبر رفح وعودته للعمل، مؤكداً أنّ أيّ مقترحات بديلة لعمله لن تكون مقبولة.