نساء يروين تجارب الإجهاض المؤلمة نتيجة تدني الرعاية الصحية في مراكز إيواء غزة

يشهد قطاع غزة كل عشر دقائق حالة ولادة، وآلاف النساء الحوامل الموجودات في مراكز الإيواء وخيام النازحين يواجهن خطر الإصابة بالأمراض، في ظل قلة الرعاية الصحية.

  • نساء يروين تجارب الإجهاض المؤلمة نتيجة تدني الرعاية الصحية في مراكز إيواء غزة
    نساء يروين تجارب الإجهاض المؤلمة نتيجة تدني الرعاية الصحية في مراكز إيواء غزة

تجربة قاسية مرت بها عائلة هدى أبو سليم، في أحد مراكز الإيواء في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، بعد تعرض هدى لنزيف حاد، أفقدها جنينها الذي انتظرته لست سنوات متتالية، وبعد أربعة أشهر من الحمل الذي كاد أن يكتمل.

الحرب الإسرائيلية على غزة أضاعت حلم هدى بالأمومة، وتسببت بحزن عميق لدى العائلة، التي اضطرت إلى النزوح من مدينة غزة إلى أقصى جنوب قطاع غزة، أملاً في الاحتفال بالمولود الذي طال انتظاره في مناطق صنفها "جيش" الاحتلال بـ"الآمنة".

ودفعت الحرب نحو 2 مليون فلسطيني من مختلف مناطق القطاع إلى النزوح من مناطق سكنهم إلى وسط  القطاع وجنوبه، ويتركز معظمهم في مدينة رفح جنوباً، وهو الأمر الذي تسبب بانتشار الأمراض والأوبئة، خاصة لدى النساء.

وتفيد هدى، لـلميادين نت، أنها "وعائلتها أصروا على البقاء في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في منزلهم؛ بيد أن شدة القصف دفعتهم إلى اتخاذ قرار بإخلاء المنزل والنزوح إلى رفح جنوباً في ظروف صعبة للغاية".

واضطرّت هدى وعائلتها، إلى السير على الأقدام لمسافات طويلة، كما أدى الوضع الصحي المتردّي داخل مركز الإيواء الذي لجأوا إليه، إلى تردي حالتها الصحية وإصابتها بعدد من الأمراض، ما تسبب لها بنزيف حاد ومن ثم إجهاض.

بكت هدى بحرقة، وهي تصف اللحظات التي فقدت فيها أحد أحلام حياتها، بسبب الحرب الوحشية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة، وتقول إنّ "صمت العالم وتجاهل معاناة سكان غزة، وتعمّد وضعهم في ظروف صعبة كان السبب وراء ذلك".

شهيرة الفيراني، سيدة اضطرت أيضاً إلى إجهاض مولودها في شهره السادس، عقب نزيف حاد أصيبت به بسبب تدني مستويات الصحة العامة في مراكز الإيواء ومخيمات النازحين، واصفة تجربتها بـ"القاسية".

وتفيد الفيراني، لـلميادين نت، بأنها عانت من التهابات شديدة للغاية بسبب الأوضاع الصحية غير الملائمة التي تعرضت لها منذ بداية الحرب على غزة، مبينة أن ذلك تسبب لها بإجهاض جنينها في شهره السادس وبعملية قيصرية.

وتسبب ذلك للفيراني، بأزمة نفسية حادة، خاصة وأنها عانت الأمرين هي وعائلتها بسبب الحرب، واضطرت للتنقل إلى أكثر من مكان والنزوح من منطقة إلى أخرى بين الحين والآخر، وهو السبب الرئيسي في فقدان جنينها.

وهذه التجربة لم تكن الأصعب، كما تقول الفيراني، لأنها كانت شاهدة على وفاة طفل بعد ساعات من ولادته وإصابة والدته بالتسمم، بعد أن اضطرت لولادته داخل أحد مراكز الإيواء وبوساطة وسائل بدائية للغاية، حيث قطع الحبل السري بسكين مطبخ.

وتقول الفيراني: "كانت في المركز سيدة لديها خبرة في الولادة، وبسبب انقطاع الاتصالات، اضطرت إلى القيام بإجراءات الولادة داخل مركز الإيواء، وهذا الأمر تسبب بوفاة الجنين بعد ساعات من ولادته، وتردي الحالة الصحية لأمه".

الإحصاءات الرسمية الفلسطينية والدولية، تؤكد أن غزة تشهد كل عشر دقائق حالة ولادة، وأن آلاف النساء الحوامل الموجودات في مراكز الإيواء وخيام النازحين يواجهن خطر الإصابة بالأمراض، في ظل قلة الرعاية الصحية.

الحوامل في مراكز الإيواء يواجهن خطراً كبيراً على حياتهن، كما أن هناك خطراً مماثلاً على حياة المواليد الجدد، وأن معدلات فقدان حياة المولود أو والدته مرتفعة جداً في ظل الأوضاع الصحية الصعبة، وفق ما تؤكد الاختصاصية في صحة المرأة والطفل، سهى أبو هاني.

وتفيد أبو هاني الميادين نت، بأن "النساء الحوامل في مراكز الإيواء يواجهن العديد من المخاطر، أبرزها التلوث وانتشار الأمراض المعدية وتدني الرعاية الصحية لأدنى المستويات، ما يعرضهن لخطر الوفاة أو وفاة الأجنة".

"بعض الحوامل بحاجة إلى علاجات ورعاية خاصة بعد الولادة، وهذا أمر غير متاح في مراكز الإيواء، كما أنهن بحاجة إلى الغذاء الجيد، وفقدان كل ذلك يمثل خطراً آخر يهدد حياة وصحة الأم والطفل في قطاع غزة"، تقول أبو هاني.

وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، أكدت في تصريح صحفي، أن "الوضع الصحي في قطاع غزة كارثي، وأن القطاع يسجل حالات الولادة في ظروف بالغة الصعوبة، خاصة من الناحيتين النفسية والجسدية.

المدير الطبي في مستشفى تل السلطات للولادة بمدينة رفح، وليد أبو حطب، أكد لـلميادين نت، أن "20% من النساء الحوامل في القطاع أجهضن بسبب الحرب الإسرائيلية، وأن الحرب تسببت بارتفاع معدلات الإجهاض بشكل ملحوظ".

الارتفاع الملحوظ في معدلات الإجهاض، وفق أبو حطب، يعود إلى عوامل عدة أبرزها التلوث وسوء أوضاع النازحين بفي مراكز الإيواء، مضيفاً: "حالات النزيف لدى النساء والولادات المبكرة والقيصرية تزداد بشكل غير مسبوق".

"للأسف، لا يوجد توثيق للعدد الفعلي لحالات الإجهاض بسبب ظروف الحرب، ومع بداية الحرب، كان في غزة نحو 50 ألف حامل، ولا يُعرف في الوقت الحالي عدد النساء الحوامل في مراكز الإيواء ومناطق النزوح"، وفق أبو حطب.

وحسب مؤسسات حقوقية فلسطينية، فإن "النساء في غزة يُحرمن بسبب الحرب من الحصول والوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية  بما في ذلك الخدمات النفسية أو الإنجابية، ويتعرضن للقتل المباشر.