عثمان ديمبيلي من ظلال الإصابات إلى الكرة الذهبية 2025: قصة العودة الكبرى

بعد سنوات من الإصابات والتراجع، ديمبيلي يتوّج بالكرة الذهبية 2025 إثر موسم استثنائي مع باريس سان جيرمان.

0:00
  • عثمان ديمبيلي من ظلال الإصابات إلى الكرة الذهبية 2025: قصة العودة الكبرى
    توِّج ديمبيلي بجائزة الكرة الذهبية 2025 (أ ف ب)

في ليلةٍ ستبقى محفورة في ذاكرة كرة القدم، تُوِّج مساء أمس الاثنين النجم الفرنسي عثمان ديمبيلي بجائزة الكرة الذهبية لعام 2025، بعد موسم استثنائي مع باريس سان جيرمان، أعاد فيه تعريف الإبداع الهجومي، وأغلق أبواب الشك التي لاحقته لسنوات.

لكن خلف هذا التتويج، تختبئ قصة طويلة من الألم، الصبر، والعودة المذهلة من ظلال الإصابات إلى وهج البطولات.

مع انتقال كيليان مبابي إلى ريال مدريد في صيف 2024، بدا أن باريس سان جيرمان فقد أحد أعمدته الهجومية، لكن ديمبيلي تحوّل بسرعة إلى الحل القيادي الجديد.

لم يكن مجرد بديل، بل أصبح حجر الأساس في مشروع النادي الباريسي، مستفيداً من ثقة المدرب لويس إنريكي الذي أعاد توظيفه تكتيكياً، ومنحه الحرية والمسؤولية.

تجربة برشلونة: إصابات وانتقادات

  • عثمان ديمبيلي من ظلال الإصابات إلى الكرة الذهبية 2025: قصة العودة الكبرى
    غاب ديمبيلي عن 102 مباراة رسمية مع برشلونة بسبب الإصابات المختلفة (ويب)

انتقل ديمبيلي إلى برشلونة عام 2017 مقابل 145 مليون يورو (ثاني أغلى صفقة في تاريخ النادي آنذاك)، كـ"بديل لنيمار". الجماهير الكتالونية رأت فيه الأمل الجديد بعد رحيل البرازيلي إلى باريس سان جيرمان في صفقة قياسية في عالم كرة القدم، لكن الكارثة بدأت مبكراً، فالتوقعات كانت هائلة.

الأمور لم تسر كما هو متوقع. بدأت المشاكل مع أول إصابة خطيرة تعرض لها ديمبيلي في وتر العضلة أبعدته عن الملاعب أربعة أشهر.

وعلى مدى 6 مواسم، تحول ديمبيلي إلى ضيف دائم في غرفة العلاج ما دفع بعض جماهير برشلونة إلى القول إن الفريق الكتالوني تعاقد مع ديمبيلي لـ"المستشفى" وليس للعب كرة القدم، حيث غاب عن 102 مباراة رسمية بسبب الإصابات المختلفة.

كانت هناك عدة عوامل وراء عدم نجاح ديمبيلي في برشلونة. الضغط النفسي الهائل لكونه البديل المكلف لنيمار، وسياسات التعافي المثيرة للجدل التي اتبعها النادي الكتالوني، إضافة إلى النظام التكتيكي الذي لم يكن في مصلحته. كل هذه العوامل أسهمت في تحويل واحدة من أكثر الصفقات إثارة إلى واحدة من أكثرها إحباطاً.

ورغم بعض اللمحات الفنية، لم يستطع ديمبيلي أن يثبت نفسه كنجم أول في كامب نو، وظل محاصراً بين التوقعات العالية والغيابات المتكررة.

لكن ديمبيلي لم يستسلم. ظل يعمل بصمت، بعيداً عن الأضواء، منتظراً لحظة الانفجار.

الانفجار الكبير

  • عثمان ديمبيلي من ظلال الإصابات إلى الكرة الذهبية 2025: قصة العودة الكبرى
    توج ديمبيلي بلقب دوري الأبطال مع باريس سان جيرمان (ويب)

مع انتقاله إلى باريس سان جيرمان، تغيّر كل شيء. وجد ديمبيلي بيئة أكثر مرونة، دعماً فنياً مختلفاً، ومساحة حرّة للتعبير عن موهبته. في موسم 2024–2025، شارك في 53 مباراة، سجل خلالها 35 هدفاً، وقدّم 16 تمريرة حاسمة، بمجموع 51 مساهمة تهديفية.

لكن الأرقام لم تكن وحدها كافية. ديمبيلي قاد باريس لتحقيق دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخ النادي، إلى جانب الفوز بـ: الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، كأس السوبر الفرنسي، كأس السوبر الأوروبي.

كما تُوِّج بجائزة أفضل لاعب في الدوري الفرنسي، ليؤكد تفوقه الفني والذهني على مدار الموسم.

في حفل الكرة الذهبية، وقف ديمبيلي أمام العالم، مبتسماً، متأملاً، وكأنه يسترجع كل لحظة ألم عاشها في برشلونة. الجائزة لم تكن فقط تتويجاً لموسم ناجح، بل كانت اعترافاً عالمياً بموهبة صبرت، نضجت، وانفجرت في الوقت المناسب.

وقال ديمبيلي بتأثر: "هذه الجائزة ليست لي وحدي... إنها لكل من آمن بي حين كنت في الظل، ولكل من دعمني في لحظات الانكسار".

ما وراء التألق

بحسب التقاير الصحافية، فإن ديمبيلي خفّف من نمط لعبه المندفع، وبدأ يعتمد على التمرير الذكي والتمركز، مما قلّل من تعرضه للإصابات. كما أن النظام الغذائي الجديد، والانضباط في التدريبات، ساعداه على الحفاظ على جاهزيته البدنية.

المدرب لويس إنريكي أعاد توظيفه كجناح حر، يمنحه مساحة للارتداد والاختراق، دون تحميله أعباء دفاعية زائدة، مما ساهم في تفجّر قدراته الهجومية.

من دورتموند إلى العالمية قبل برشلونة

  • عثمان ديمبيلي من ظلال الإصابات إلى الكرة الذهبية 2025: قصة العودة الكبرى
    توج ديمبيلي بلقب كأس ألمانيا مع دورتموند (رويترز)

قبل برشلونة، كان ديمبيلي أحد أبرز المواهب في بوروسيا دورتموند، حيث قدّم موسماً لافتاً جذب أنظار كبار أوروبا. سرعته، مهاراته، وقدرته على صناعة الفارق جعلته هدفًا للعديد من الأندية، لكن الإصابات أبطأت انطلاقته.

اليوم، وبعد سنوات من التحدي، يعود ليُثبت أن الموهبة لا تموت، بل تنتظر اللحظة المناسبة لتُشرق.

ديمبيلي لم يعد مجرد جناح سريع أو لاعب مهاري، بل أصبح رمزاً للعودة من التراجع الكبير إلى التألق، للثقة، وللإيمان بأن الطريق الطويل قد ينتهي في القمة. قصته تلهم كل لاعب شاب، وكل مشجع فقد الأمل، بأن كرة القدم لا تعترف بالنهايات السريعة، بل تحتفي بمن يصمد حتى النهاية.

اخترنا لك