شركة ألمانية تعمل للتخلّص من "نفايات" الفضاء

ولاية بافاريا الألمانية تطمح في الوصول إلى النجوم، لكن ينبغي أولاً أن يقوم شاب طموح من خلال شركته الناشئة بتمهيد الطريق وتنظيفه من الحطام الفضائي المتراكم بشكل متزايد حول الكوكب. فكيف يمكن "تنظيف" هذا الركام؟ وما خطورته؟

  • شركة  ألمانية تعمل للتخلّص من حطام الفضاء
    صورة من: Christoph Burgstedt/Zoonar/picture alliance

خطر  الحطام في المدار يتجدّد مرة أخرى على روّاد الفضاء، في بداية تشرين الثاني/نوفمبر فقط اضطر أفراد طاقم صيني إلى تمديد إقامتهم في الفضاء بسبب مخاوف من أنّ سفينة عودتهم قد تصطدم بحطام. والخردة في الفضاء هي مجال تخصص أسكيناكيس.

منطقة حطام فوق رؤوسنا!


يقول يان سيمينسكي من فريق الحطام الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأوروبية في دارمشتات: "على ارتفاع 700 إلى 800 كيلومتر لدينا سُحب ضخمة من الحطام تبقى لقرون وتزداد بسبب التصادمات". يكفي سنتيمتر واحد لتدمير قمر صناعي: "عند التصادم يتمّ إطلاق طاقة تعادل قوة قنبلة يدوية".

لذلك تتمّ مراقبة المدار على مدار الساعة. ولكن كلما كانت الأجزاء أصغر زادت صعوبة العثور عليها. ويقول سيمينسكي: "بواسطة أنظمة الرادار الأرضية نرى عادةً أجساماً بحجم كرة التنس أي نحو 10 سنتيمترات. لا نرى أيّ شيء أصغر من ذلك". "هذا يعني أنّ هناك دائماً خطراً ما".

 
"التخلّص من النفايات الفضائية تجارياً"

لم يتخلّص أسكياناكيس من هذا  الخطر منذ أن كان طالباً في الفصل الدراسي الأول في تخصص هندسة الفضاء الجوي في جامعة ميونيخ التقنية. "كيف يمكن أن يبقى الحطام الفضائي في المدار لمدة 200 عام من دون أن يتخذ أحد أيّ إجراء حيال ذلك؟" يتساءل بعد محاضرة.

بحث عن رفاق في الجامعة وفي ورش العمل لكن من دون جدوى في الغالب. "في عام 2021 لم يكن أحد يفهم الصلة بين النفايات  والفضاء"، يتذكّر. حتى جاءته فكرة خلال عطلة الفصل الدراسي في جزيرة كريت تحت سماء وطنه المرصّعة بالنجوم: يجب أن يكون من الممكن التخلّص من النفايات الفضائية تجارياً.

باستخدام قمر اصطناعي مزوّد برادار عالي الحساسية وخوارزميات وأنماط مسح مطوّرة خصيصاً يريد أن يجعل الحطام الذي يتراوح حجمه بين 1 و10 سنتيمترات مرئياً وبذلك يتيح للمرة الأولى مراقبة كاملة للمدار. وفي وقت لاحق ستقوم مسبارات مزوّدة بأذرع آلية بإزالة الأجزاء الأكبر حجماً.

محادثة مع شركة" إيرباص في معرض IAA" شجّعته على ذلك: "كانوا هناك على دراية بالمشكلة وسعدوا بأنّ هناك من يحاول معالجتها".

قانون الفضاء الجديد للاتحاد الأوروبي 

وعندها أدرك في الواقع أنّ عليه أن يؤسس شركة". سيكون اسم الشركة Project-S. وكأنّ الكون كان متعاوناً دخل قانون الفضاء الجديد للاتحاد الأوروبي حيّز التنفيذ بعد وقت قصير من تأسيس الشركة وهو قانون يلزم مشغّلي الأقمار الاصطناعية بإزالة نفاياتهم في الفضاء.

لكنّ تأسيس شركة ناشئة في مجال الفضاء لا يتطلّب بضعة آلاف من اليورو. ومن يمكن أن يكون جريئاً إلى درجة الاستثمار في شركة ناشئة لجمع الحطام الفضائي أسسها شاب يبلغ من العمر 22 عاماً؟

"نحن"، كما يقول وزير الاقتصاد البافاري هوبيرت أيفانغر لـ Deutsche Welle. استثمرت ولاية بافاريا منذ عام 2018 أكثر من 245 مليون يورو في مشاريع الفضاء من مركز مراقبة القمر المخطط إنشاؤه في أوبربافنهوفن إلى شركات ناشئة محفوفة بالمخاطر ولكنها مبتكرة. يقول أيفانغر: "هنا يمكن للشركات ومؤسسات البحث تنفيذ مشاريع لم تكن لترى النور لولا ذلك".

بافاريا العمود الفقري للفضاء الأوروبي!

من المعروف أنّ رئيس الوزراء ماركوس زودر شغوف بالفضاء. لكن أيفانغر أيضاً لديه رؤية لموقع الفضاء: "يجب أن تظل بافاريا العمود الفقري للفضاء الأوروبي". ولهذا الغرض تضخّ الولاية أموالاً طائلة في صندوق الدعم من دون المطالبة بالملكية.

"في كاليفورنيا لا يكادون يصدّقونني"، يضحك أسكياناكيس. "كيف تحصلون على المال بهذه السهولة؟" لتطوير أول مهمة فضائية له المقرّر إطلاقها في عام 2026 يحصل مشروع S على تمويل مشترك بقيمة مليون يورو من حكومة ولاية بافاريا.

وهذا يمنح أسكياناكيس حرية الحركة والاستقلالية. لأنّ العديد من المستثمرين الأميركيين يربطون أموالهم بشرط الانتقال إلى الولايات المتحدة. "لماذا أفعل ذلك إذا وجدت الظروف المثالية في بافاريا الألمانية؟"

طموحات ولاية بافاريا "الفضائية"

يضع النظام البيئي الفضائي البافاري آمالاً كبيرة على الاستثمارات البالغة 35 مليار يورو التي أعلنت عنها الحكومة الفيدرالية في مجال الفضاء والقدرات الدفاعية. ويعتبر أيفانغر أنّ هذه خطوة في الاتجاه الصحيح ولكنها ليست كافية. ولهذا السبب تواصل ولاية بافاريا دفع قطاع الفضاء الخاصّ بها إلى الأمام "لأننا ندرك الإمكانات الكبيرة والمسؤولية الكبيرة على حدّ سواء"، كما يوضح وزير الاقتصاد البافاري.

أقمار اصطناعية من أوبرفافنهوفن وروّاد فضاء من أوبراميرغاو وربما حتى بعثة بافارية إلى القمر، قبل بضع سنوات كان الناس سيضحكون على مثل هذه الأفكار. اليوم لم يعد ازدهار الفضاء في ولاية بافاريا خيالاً علمياً بل سياسة اقتصادية حقيقية.

أكثر من 10000 وظيفة عالية التأهيل و2.9 مليار يورو من عقود وكالة الفضاء الأوروبية ما يقرب من 40% من حجم ESA الألماني منذ عام 2015: بافاريا تسعى إلى النجوم وبكفاءة ملحوظة.

 

 

اخترنا لك