كيف تشكل سيارات اليوم تهديداً خطيراً على خصوصيتك وأمانك؟

شركات السيارات الحديثة تنتهك خصوصية أصحاب وسائقي سياراتها بشكلٍ خطير، مما يضع على عاتقهم مسؤولية الحذر الكبير والتعامل بناءً على مستوىً عالٍ مِن إتّباع وسائل الأمان.

  • كيف تشكل سيارات اليوم تهديداً خطيراً على خصوصيتك وأمانك!
    كيف تشكل سيارات اليوم تهديداً خطيراً على خصوصيتك وأمانك!

منذ فترةٍ طويلة، تعتزّ شركات صناعة السيارات بأنّ سياراتها أصبحت عبارة عن "أنظمة حاسوبية متنقلة"، وذلك في إطار الترويج لتقنياتها المتطورة. ومع ذلك، لم تشهد المحادثات والمناقشات العامة نفس الاهتمام بمفهوم الخصوصية لمستخدمي هذه السيارات.

وبينما كنّا قلقين من انتهاك خصوصيتنا عبر كاميرات الإنترنت في منازلنا، والأجهزة والساعات الذكية المتصلة بشبكة الإنترنت، دخلت شركات صناعة السيارات بصمتٍ إلى عالم جمع البيانات، وذلك من خلال تحويل سياراتها إلى أجهزةٍ قوية لجمع وتحليل البيانات، حيث تمتلك هذه الآلات، بفضل مزاياها المتعدّدة، القدرة الفائقة على المراقبة والاستماع وجمع المعلومات حول كل ما قد تفعله في سيارتك المتنقلة!

السيارات أسوأ فئات المنتجات من حيث الخصوصية

قد تكون السيارات الحديثة هي الفئة الأسوأ من المنتجات التي تمّت مراجعتها من قِبل الشركات الأمنية، والخبراء، لناحية خصوصية المستخدمين، فالسيارة لديها العديد من فرص جمع البيانات من خلال تفاعلك معها، والخدمات المتصلة التي تستخدمها، والتطبيقات التي تحملها.

يجدر الانتباه أنّ اللافت في الموضوع هو أنّ الطرق التي تجمع بها شركات السيارات البيانات وتشاركها، معقّدة للغاية، حيث يمكنها جمع معلوماتٍ شخصية شاملة، بدءاً من المعلومات الطبية، والمعلومات الجينية، وحتى تفاصيل الحياة الخاصة، وصولاً إلى مستوى سرعة القيادة، وأماكن توجّه السيارة، ونوع الموسيقى التي يتم الاستماع إليها، وذلك ليتم استخدامها بهدف إنتاج المزيد من البيانات عن المستخدم، واستنتاج أمور جديدة مثل مستوى الذكاء، والقدرات، والاهتمامات.

بدايةً نستعرض خلاصة الدراسة التي أجرتها شركة "Mozilla" الأميركية الشهيرة، والتي شملت 25 شركة منتجة للسيارات، هي رينو، داسيا، بي إم دبليو، سوبارو، فيات، جيب، كرايسلر، دودج، فولكس، تويوتا، لكزس، فورد، لينكولن، أودي، مرسيدس، هوندا، أكورا، كيا، شيفروليه، بويك، جي إم سي، كاديلاك، هيونداي، نيسان، وتيسلا).

وقد تم ترتيب الشركات من السيء إلى الأسوأ، وذلك بحسب الآداء الفعلي للسيارت بالنسبة لمعايير الخصوصية والأمان، والتي تبين فيها أنّ جميع هذه الشركات لديها مخالفات لناحية "جمع واستخدام البيانات" و"الأمان"، كما حصل معظمها على مخالفاتٍ بسبب ضعف التحكم في البيانات وانتهاك خصوصية المستخدمين، وأيضاً تبين أنّ هناك شركة واحدة فقط تعتمد على الذكاء الاصطناعي، وبالتالي يمكن القول أنّ الخصوصية غير مضمونة بشكلٍ دقيق.

أهم عناوين الخصوصية والأمان:

خلصت دراسة أجرتها شركة "Mozilla"، إلى أبرز عناوين الأمان والخصوصية التي تستهدف شركات صناعة السيارات تحصيلها، وهي كالتالي: 

1. جمع البيانات الشخصية: جميع الشركات المشمولة بالدراسة التي أعدّتها "Mozilla" تجمع البيانات الشخصية الهامة والضرورية وتستخدمها لأغراض مختلفة تتجاوز مجرد تقديم خدمة معينة أو إدارة المركبة أو غيرها.

2. مشاركة وبيع البيانات: يُقدر بأنّ نسبة 84% من شركات السيارات التجارية تقوم بمشاركة أو بيع البيانات الشخصية مع مزودي الخدمات ووسطاء البيانات والشركات الأخرى، وصولاً إلى حد مشاركتها مع الحكومات أيضاً، وذلك عبر طلبات تُصنّف بأنّها "غير رسمية".

3. عدم السيطرة على البيانات: ما يصل إلى 92% من شركات السيارات لا تمنح المستخدمين السيطرة الكاملة على بياناتهم الشخصية.

4. انتهاك معايير الأمن الرقمي: لا يوجد جزم بأنّ أيّاً من السيارات تقوم بتشفير كل المعلومات الشخصية الموجودة على السيارة وهذا هو الحد الأدنى الذي يجب أن يتم تحقيقه.

حقائق أظهرتها الدراسة

دراسة شركة "Mozilla" الأميركية  لفتت إلى أنّ شركة "تيسلا" الأميركية لصناعة السيارات الكهربائية، هي الشركة الوحيدة التي حصلت على كلّ "النقاط السلبية" للخصوصية، وأنّ أهمّ ما برز لديهم هو الاعتماد على الذكاء الاصطناعي غير الموثوق به، كما يُشتبه أنّ نظام القيادة الآلية قد قام بالفعل بالتسبب بـ 17 حالة وفاة و736 حادثاً، حيث يخضع حالياً للتحقيق من قِبل الجهات الرسمية في العديد من الحوادث.

مِن جهتها، حصلت شركة "نيسان" اليابانية على المركز قبل الأخير في دراسة الشركة، وذلك لجمعها بعض فئات البيانات التي قد يصنفها الناس بـ "الأكثر رعباً"، والتي تشمل "النشاطات الخاصة والعائلية والحميمية" وغيرها.

كما كشفت الدراسة أنّ شركة "كِيا" الكورية الجنوبية لصناعة السيارات، يمكنها جمع معلومات حول "النشاطات الحميمية" في سياسة الخصوصية الخاصة بها، بالإضافة إلى أنّها تصرّح أصلاً بأنّها "يمكنها مشاركة البيانات التي تجمعها عنك مع وسطاء بيانات، ومع الشركات التابعة لها، وغيرهم".

وحصلت شركتي "Renault" و "Dacia" الفرنسيتين، على نقطةٍ إيجابية واحدة، والتي تخبر المستخدم بوضوح أنّ لديه الحق في حذف بياناته.

ونصّت سياسة الخصوصية الخاصة بشركة "هيونداي" الكورية الجنوبية، على أنّها ستمتثل للطلبات القانونية الخاصة بمعلومات المستخدمين، سواء كانت رسمية أو غير رسمية.

وتجدر الاشارة الى أنّ هذه القائمة تعتبر تقييماً عاماً بِناءً على المعايير الخاصة بالخصوصية والأمان، وقد تكون هناك عوامل أخرى لها تأثيرها على قرار المستخدم عند شرائه للسيارة.

أهم خطوات حماية الخصوصية

يُشار إلى أنّ المستخدِم يمكن أنّ يتّبع عدّة خطواتٍ لضمان مستوىً مِن حماية خصوصيته وأمان معلوماته وتنقلاته، تُلخّص أبرزها في النقاط التالية:

1. قراءة سياسة الخصوصية: حيث يجب، قبل شراء سيارة جديدة، قراءة سياسة الخصوصية الخاصّة بالشركة المصنّعة للسيارة، بهدف فهم كيفية جمعها واستخدامها للبيانات المستخدم الشخصية.

2. تعطيل المزايا غير الضرورية: في حال القلق بشأن الخصوصية، قد يرغب المستخدم في تعطيل بعض المزايا التي تقوم بجمع بياناتٍ غير ضرورية، أو تعطيل خدمات الاتصال بالإنترنت، خصوصاً إذا لم يكن بحاجةٍ إليها.

3. تحديث البرامج والأمان: حيث يجب التأكّد من تحديث برامج السيارة، وأنظمة الأمان بانتظامٍ للحفاظ على أمان البيانات.

4. التواصل مع الشركة المصنعة: في حال ما إذا كانت لدى المُستخدم أيّ مخاوف خاصة بشأن خصوصيته في سيارته الخاصة، يجب ألّا يتردّد في الاتصال بالشركة المصنعة للسيارة للحصول على توضيحاتٍ ومساعدةٍ إضافية.

5. استشارة المختصين: يمكن في حال القلق بشأن الخصوصية بشكلٍ خاص، قد يرغب صاحب السيارة أو مستخدمها في استشارة مختصين في مجال الخصوصية أو أمان التكنولوجيا، وذلك للحصول على نصائح إضافية حول كيفية حماية البيانات.

إذا قمت باتخاذ هذه الإجراءات، يمكنك زيادة فرص الحفاظ على خصوصيتك في سيارتك. ومع ذلك، يجب أن تكون على علم بأنه في بعض الأحيان قد يكون من الصعب تجنب جميع جوانب جمع البيانات في بيئة تكنولوجيا السيارات الحديثة.

في النهاية، عند شراء سيارةٍ جديدة، يُعتبر الحفاظ على الخصوصية وأمان البياناتك الشخصية أمراً مهماً بالنسبة لزبون شركات السيارات، لذلك يجدر عليه أن يكون حذراً وواعياً. لذلك يجب عليه جعل الأمان والخصوصية، أولويتين في قائمة اهتماماته أثناء اختيار العلامة التجارية والطراز المناسبين لسيارةٍ جديدة.