الانتخابات البلدية في لبنان بين الاستحقاق الديمقراطي والفرصة الإنمائية
الانتخابات البلدية ليست مجرّد منافسة على مقاعد، بل فرصة نادرة لإنقاذ ما تبقّى من بنية الدولة. المطلوب اليوم هو مجالس بلدية تتحوّل إلى خليّة عمل إنمائي ومجتمعي، تستند إلى الكفاءة.
-
ما هي الصلاحيات القانونية للمجالس البلدية في لبنان؟
مع اقتراب استحقاق الانتخابات البلدية في لبنان، تزداد أهمية الوعي بأدوار وصلاحيات المجالس البلدية، وضرورة تحويل هذا الاستحقاق من مجرّد تنافس محلي إلى فرصة إنمائية حقيقية تعيد الحياة إلى البلدات والقرى، خصوصاً في ظلّ الأزمات البيئية والاقتصادية المتفاقمة التي تعصف بالبلاد.
ما هي المجالس البلدية؟
المجالس البلدية هي *هيئات محلية منتخبة* تمثّل السلطة التنفيذية على صعيد البلدة أو المدينة، ويُناط بها إدارة الشؤون المحلية ضمن الصلاحيات المحدّدة في *قانون البلديات اللبناني الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 118/1977*.
يتكوّن المجلس البلدي من عدد من الأعضاء يُحدّد بحسب عدد سكان كلّ بلدة (بين 9 و24 عضواً)، ويتمّ انتخابهم من قبل الناخبين المسجّلين في لوائح الشطب الخاصة بكلّ بلدية، على أساس النظام النسبي منذ تعديل القانون عام 2017.
كيف يتمّ انتخاب المجلس البلدي؟
تُجرى الانتخابات البلدية كلّ 6 سنوات، ويُنتخب الأعضاء بالاقتراع السرّي المباشر. تُقدّم اللوائح الانتخابية قبل الاستحقاق، وتتنافس في كلّ بلدة بحسب حجمها السكاني، وغالباً ما تتوزّع اللوائح على أساس تحالفات سياسية أو عائلية.
الصلاحيات القانونية للمجالس البلدية
وفقاً لقانون البلديات، يمتلك المجلس البلدي الصلاحيات الآتية:
- إعداد وتنفيذ *المشاريع الإنمائية* والخدمات العامّة.
- تنظيم المرور والنقل المحلي.
- صيانة الطرق والبنى التحتية.
- *إدارة العقارات والممتلكات البلدية*.
- تحفيز النشاطات الثقافية والرياضية.
- الإشراف على *النظافة العامّة والبيئة*.
- فرض رسوم بلدية (مثل رسوم البناء، النفايات، الإعلانات...).
- اقتراح المشاريع على الدولة وطلب المساعدات من الوزارات.
أبرز المهام التي يجب أن ينفّذها المجلس البلدي
في ظلّ التحدّيات الحالية، يقع على عاتق المجلس البلدي:
- *تحسين البنى التحتية* (مياه، صرف صحي، طرق).
- تنظيم *إدارة النفايات* بطريقة علميّة (فرز، تدوير).
- إنشاء *مساحات خضراء* ومراكز شبابية.
- تنظيم الأسواق المحلية ودعم المزارعين والحرفيّين.
- إعداد دراسات تخطيطية لاستيعاب النمو العمراني.
- التعاون مع مؤسسات دولية ومحلية للحصول على التمويل.
- إدارة الكوارث البيئية (حرائق، فيضانات، جفاف...).
مشاريع تنموية، ومواجهة التصحّر والعدوان البيئي
في ظلّ تراجع معدلات المتساقطات بنسبة تجاوزت 50% خلال السنوات الماضية، وارتفاع خطر التصحّر واندلاع الحرائق، بات من الضروري أن تبادر المجالس البلدية إلى:
1. *إطلاق مشاريع تشجير جماعية* بالشراكة مع المجتمع المحلي.
2. إنشاء *خزّانات مياه احتياطية* لاستعمالها في مواسم الجفاف.
3. تركيب *أنظمة ريّ ذكية* تعمل بالطاقة الشمسية.
4. حماية الأحراج المتبقّية من الاعتداءات والحرائق.
5. تنفيذ حملات توعية للسكان حول أهمية الحفاظ على الغطاء النباتي.
التحوّل من الريعية إلى الإنتاج
للخروج من دائرة العجز المالي، يمكن للمجالس البلدية:
- إنشاء مشاريع *بلدية إنتاجية* (معامل تدوير، أسواق شعبية...).
- تأجير ممتلكات بلدية لمؤسسات استثمارية بشروط تنموية.
- طلب منح من الجهات المانحة والمنظمات الدولية.
- تحفيز المغتربين للمساهمة بمشاريع عبر صناديق تنموية شفّافة.
- اعتماد *شراكات بين القطاع العامّ والخاصّ (PPP)*.
تعزيز الاقتصاد المنتج
بهدف معالجة الانهيار الاقتصادي وتخفيض البطالة، يمكن للمجالس البلدية:
- *دعم التعاونيات الزراعية* وتوفير مستلزمات الإنتاج بأسعار مدعومة.
- تنظيم مهرجانات سنوية لتسويق المنتجات المحلية.
- إنشاء معامل غذائية صغيرة تموّلها البلدية أو عبر شراكة.
- دعم الصناعات الريفية (كالصابون، المونة، التطريز...).
الانتخابات البلدية ليست مجرّد منافسة على مقاعد، بل فرصة نادرة لإنقاذ ما تبقّى من بنية الدولة. المطلوب اليوم هو مجالس بلدية تتحوّل إلى خليّة عمل إنمائي ومجتمعي، تستند إلى الكفاءة، وتضع البيئة والاقتصاد المنتج في صلب أولوياتها.