ليبيا مثلث الصراع تحت المبضع الأميركي

بات قبح السياسة الأميركية جلياً، وصارت أهدافها واضحة، بعدما ساهمت بشكل كبير في تدمير ليبيا وتأجيج الصراع فيها ومحاولة تقسيمها، إضافة إلى استغلال ملفها لتأجيج الصراع الدولي حولها. 

  • ليبيا مثلث الصراع تحت المبضع الأميركي
    لم تخفِ واشنطن تورطها في الاضطرابات في ليبيا ووقوفها وراءها

لم تكتفِ الولايات المتحدة الأميركية بتدمير ليبيا وتقسيمها وسرقة ثرواتها، فما زالت تصرّ على عدم منحها فرصة الاستقرار والتقدّم وإنجاح التسوية السياسية للوصول إلى الانتخابات، وتعمد إلى استغلال تدهور الأوضاع المعيشية لدفع الحراك الشعبي مجدداً، لتتحول الاحتجاجات إلى فوضى وأعمال تخريب وحرق ونهب متعمد، ويقتحم مئات المحتجين مبنى البرلمان في مدينة طبرق، ويشعلوا النيران ويحرقوا الوثائق الرسمية والمكاتب وقاعات الاستقبال، مطالبين بحل البرلمان ونقل جميع السلطات الانتخابية إلى المجلس الأعلى للدولة، بحسب وكالة الأنباء الليبية.

وعلى غرار فشل العام الماضي، فشلت ليبيا في تنظيم الانتخابات هذا العام أيضاً برعاية الأمم المتحدة، والتي كان من المفترض أن توحّد كل المناطق الليبية، ما ساهم في زيادة عمق الأزمة السياسية، وتفاقم الصراع المرير على السلطة بين حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقراً لها غربي البلاد بقيادة عبد الحميد دبيبة، وحكومة فتحي باشاغا ومقرها سرت في شرقها، ودخول طرفٍ ثالث على خط الصراع، مع إعلان أنصار سيف الإسلام، نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، تشكيل حكومة مستقلة جنوب البلاد، الأمر الذي يفرض مثلثاً جديداً للصراع والنزاع على السلطة تحت المبضع الأميركي.

منذ إعلان سيف الإسلام طموحاته السياسية في ليبيا عام 2021، وترشّحه إلى الانتخابات الرئاسية، كان يُنظر إليه على أنّه خليفة والده الراحل، وتزايد الالتفاف والدعم الشعبي حوله والتفاؤل بفوزه في الانتخابات الرئاسية، في الوقت الذي لا يلقى ترحيب مخطّطي "الربيع العربي" في الغرب، الذين ساهموا بفعالية في تسليط سيف "عدالة" المحكمة الدولية في لاهاي، وإصدار مذكرات باعتقاله بتهم الاضطهاد والقتل.

وبحسب وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الليبية، يؤمن الليبيون بوجود مخطط أميركي، وبتمويل كبير، يغذي التظاهرات الجديدة التي تشهدها ليبيا، وأن واشنطن عازمة على إثارة ثورة جديدة وزعزعة استقرار الوضع السياسي الحالي الهش في ليبيا، بهدف إيصال موالين لها إلى سدة السلطة، للحفاظ على استمرار تدفق المكاسب وعائدات النفط الليبية نحو الجيوب الأميركية. 

لم تخفِ واشنطن تورطها في الاضطرابات في ليبيا ووقوفها وراءها. بدا ذلك جلياً من خلال حديث السفير الأميركي ريتشارد نورلاند عن "احتمال أن تُجرى الانتخابات المقبلة ما بين حكومتين"، وتأكيد ستيفاني ويليامز، المستشارة الأميركية للأمين العام للأمم المتحدة، "ضرورة حماية التظاهرات السلمية".

وكانت المستشارة أكدت سابقاً عجز المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، وعدم قدرتها على إدارة عائدات بيع المنتجات النفطية، واقتراحها إنشاء آلية "مؤقتة" تسمح للهيئة الدولية بالسيطرة الكاملة على قطاع الطاقة في البلاد، الأمر الذي يؤكّد نيات المستشارة وأهدافها في الاستمرار بسرقة عائدات النفط الليبية بصورة رسمية. 

بات قبح السياسة الأميركية جلياً، وصارت أهدافها واضحة، بعدما ساهمت بشكل كبير في تدمير ليبيا وتأجيج الصراع فيها ومحاولة تقسيمها، إضافة إلى استغلال ملفها لتأجيج الصراع الدولي حولها. 

هذه الأمور بمجملها كانت نتيجة مخططها الخبيث بخلق "الربيع" الأسود والمزور، ودفع البلاد نحو صراعاتٍ سيطول أمدها، وهذا بدوره لا بدّ من أن يدفع الليبيين إلى التمسك بوحدة البلاد، ودعم الانتخابات الرئاسية والعملية السياسية برمتها، وانتخاب من يحرصون على إنهاء الألم، وإعادة الأمن والاستقرار إلى الدولة والشعب الليبي، ولفظ من يسيرون كالدمى وراء الأهواء والألاعيب والأهداف الأميركية المدمرة، التي يصحّ فيها القول: أينما تحل أميركا يحلّ الخراب والدمار؟