"شالوم إسرائيل"... يعني الخبث والغدر والإجرام

كلّ من جاء فلسطين من اليهود ليساهم في قيام "دولة إسرائيل" العبرية لا ولن يعود إلى البلد الذي جاء منه، وما عليه إلا أن يقتل كلّ من سيمنعه من تحقيق حلمه الديني الذي يأمره بذلك.

0:00
  • الإجرام الصهيوني في المنطقة.
    الإجرام الصهيوني في المنطقة.

من دون الدخول في تفاصيل التاريخ اليهودي والنصوص الدينية في التوراة وملحقاتها والإنجيل والقرآن الكريم وبعيداً عن كلّ الأساطير، فقد أثبت التاريخ برمّته أن لا سلام مع العقيدة الصهيونية وكلّ من يؤمن بها داخل الكيان العبري أو خارجه.

كما أثبت التاريخ القديم منه والحديث أن لا إيمان لهم إلا بالخبث والغدر والإجرام تحقيقاً لهدف واحد ألا وهو إقامة ما يسمّونه بـ "دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات" ليكون ذلك بداية السيطرة على العالم. وإلا لماذا يغادر اليهود من أعراق مختلفة من البلدان التي يعيشون فيها كروسيا وبولندا وأوكرانيا وإثيوبيا وإسبانيا وتركيا والعراق والمغرب وأذربيجان والهند والصين ودول أميركا اللاتينية ويذهبون إلى فلسطين ويقتلون شعبها منذ أواخر القرن التاسع عشر وحتى يومنا هذا. 

وآخر مثال على كلّ ما حدث ويحدث هو الإجرام بحقّ الشعب الفلسطيني وأخيراً الشعب اللبناني وقبل ذلك كلّ عمليات الغدر والإجرام، وهو من أهم صفات كلّ المؤمنين بالعقيدة الصهيونية منذ نشأتها بل حتى قبل ذلك ليكون سبباً لكره كلّ شعوب العالم لهم خلال جميع فترات التاريخ.

في الوقت الذي يعرف فيه الجميع أنّ كلّ من جاء فلسطين من اليهود ليساهم في قيام "دولة إسرائيل" العبرية لا ولن يعود إلى البلد الذي جاء منه، وما عليه إلا أن يقتل كلّ من سيمنعه من تحقيق حلمه الديني الذي يأمره بذلك.

ومن دون أن يستخلص العرب والمسلمون بل وحتى شعوب العالم قاطبة الدروس والعبر من كلّ هذا التاريخ، استمرّوا في الحديث عن سفسطاتهم عن السلام والعيش جنباً إلى جنب وفي إخاء ومحبّة ووئام بين اليهود والمسلمين والمسيحيين في فلسطين والمنطقة. فيما أثبت أصحاب العقيدة الصهيونية وأكثر من مرة بل دائماً أنّ كلمة "شالوم" تعني بالنسبة لهم "أنّ الغاية تبرّر الوسيلة"، طالما أنّ ما يؤمنون به سمح لهم بل أوصاهم بقتل كلّ من يعرقل الوصول إلى هذه الغاية ومهما كانت دنيئة بسبب غدرها وخبثها ودمويتها. 

وللتذكير فقط لم تلتزم العصابات الصهيونية و"دولتهم" الإجرامية بأي اتفاق مع أي طرف كان، ليس فقط بعد قيام الكيان العبري بل حتى قبل ذلك بكثير. ولأنّ الله تعالى ورسوله الأكرم قالا عنهم في أكثر من مناسبة إنهم "ينكسون العهد والمواثيق دائماً". ومن دون العودة إلى تفاصيل قصة صلب السيد المسيح عليه السلام ودور العقلية الصهيونية اليهودية في ذلك، ما علينا إلا أن نبحث عن تفسير منطقي لتجاهل العرب والمسلمين بل وحتى المسيحيين لكلّ هذه الحقائق، بعيداً عن الترابط العضوي والعقائدي بين الإمبريالية والصهيونية العالمية التي يؤمن بها معظم يهود العالم وعددهم نحو 15 مليوناً فقط. 

في الوقت الذي يتغنّى فيه نحو مليارين من المسلمين ونحو 2,5 مليار مسيحي بإيمانهم بقدسيّة المسجد الأقصى وكنسية مريم العذراء، ولكن لا يحرّك إلا القليل منهم من الشرفاء الأوفياء لدينهم ساكناً للدفاع عن إيمانهم هذا. على الرغم من أن الكيان العبري وكلّ من يؤمن بعقيدته الصهيونية الإجرامية منذ قيامه على أرض فلسطين أثبت للجميع أن لا "شالوم" مع كلّ من يعرقل بناء الهيكل المزعوم فوق المسجد الأقصى حتى لو أدى ذلك إلى قتل الملايين من غير اليهود أي الأغيار على حدّ قولهم. 

ويبقى السؤال الأهم ألا وهو لماذا يستمرّ البعض من الأغبياء وأياً كانت مواقعهم وأدوارهم في الحديث عن السلام مع الكيان الصهيوني، وهو يقول ويعلنها صراحة وعلناً أنه لا يريد السلام إلا وفق مزاجه وحساباته التي تعني أن يركع الطرف بل الأطراف الأخرى له، ليكونوا عبيداً للصهاينة الذين لا ولن يتردّدوا في استخدام كلّ ما يملكونه من الحيل والوسائل القذرة والخبيثة لتحقيق أهدافهم طالما هم يعتقدون أن لا أحد سيحاسبهم على أفعالهم هذه. وهذا ما أثبتوه بالعملية الإجرامية التي قاموا بها في لبنان واستهدفت الآلاف من أبناء هذا الشعب الأبيّ المناضل، في محاولة جديدة منهم لرفع معنويات الصهاينة. كما هم فعلوا ذلك في اغتيال الشهيد إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت والضباط الإيرانيين في دمشق، وقبلها العديد من الاغتيالات في العراق (الشهيد قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس) وسوريا وإيران ولبنان.

 ويعني ذلك أنّ حكّام "تل أبيب" ومن معهم من أصحاب العقيدة الصهيونية وهم كثر لا ولن يتردّدوا في اللجوء إلى كلّ الوسائل التي يملكونها، ليس فقط في المجال التقني كما هو الحال في جريمة لبنان الأخيرة بل أيضاً الأسلحة النووية والكيماوية والجرثومية، وتلك التي لا نعرف عنها الكثير ولكنها تتفق وعقيدتهم التي نشأوا عليها، وأهم صفاتها هو الخبث والغدر والإجرام بلا حدود.

وفي المحصّلة يبقى الرهان الأهم إن لم يكن الأخير على حسابات محور المقاومة التي عليها أن تكون أكثر يقظة وحذراً ليس فقط عسكرياً بل تكنولوجياً واستخباراتياً ـــــ تمّ استيراد أجهزة البايجر من هنغاريا ورئيس وزرائها من المؤيّدين للكيان الصهيوني ـــــ حيال كلّ الاحتمالات، ولن تكن قليلة طالما أن الكيان الصهيوني مصمّم على توسيع رقعة الحرب لتحقيق المزيد من الأهداف لأنه يعتقد أنّ كلّ الظروف الحالية ما زالت لصالحه. 

فالعديد من الأنظمة العربية والإسلامية ما زالت في خدمته بشكل أو بآخر، وإلا لما هلّلت وطبّلت أبواق هذه الأنظمة لما حدث في لبنان، وكأنّ حزب الله هو العدو وليس "إسرائيل" التي ستغدر في الوقت المناسب بكلّ من تواطأ معها ضد شعبه ووطنه وأمته ودينه خدمة للمشروع الصهيوني. وأثبت دائماً أنها لا ولن تتردّد في ارتكاب المزيد من الجرائم طالما هي تعتقد أن الغرب الإمبريالي كان وسيبقى إلى الأبد إلى جانبها بغياب صوت الآخرين في العالم "المحايد"، الذي لا يهمّه ما يعاني منه الشعب الفلسطيني ومن قبله كلّ شعوب المنطقة طالما أنّ معظم حكّامها من الخونة والعملاء الأذلاء!     

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.