"حكومة الوحدة".. هل يفعلها نتنياهو؟

لم يكن الرئيس الإسرائيلي أول من طرح فكرة تشكيل حكومة وحدة موسعة في "إسرائيل"، بل رئيس حركة "شاس" الحريدية الشرقية "أرييه درعي" الذي دفع أيضاً باتجاه تشكيل حكومة وحدة.

0:00
  •  الأصوات بدأت تتعالى داخل المنظومة السياسية الإسرائيلية.
    الأصوات بدأت تتعالى داخل المنظومة السياسية الإسرائيلية.

بدأت الأصوات تتعالى داخل المنظومة السياسية الإسرائيلية لتشكيل حكومة وحدة وطنية موسعة، كان آخرها ما قاله الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في محادثات مع عدد من أهالي مجندات إسرائيليات أسيرات في قطاع غزة: "نحن في لحظة حاسمة. ومن أجل إعادة المختطفين علينا أن نتكاتف بكل قوتنا، وأن نعمل بجهود كبيرة ومشتركة"، في إشارة واضحة إلى دعمه تشكيل حكومة وحدة موسعة عنوانها المركزي إتمام صفقة تبادل لإعادة الأسرى الاسرائيليين لدى المقاومة في غزة.

لم يكن هرتسوغ أول من طرح فكرة تشكيل حكومة وحدة موسعة في "إسرائيل"، بل رئيس حركة "شاس" الحريدية الشرقية "أرييه درعي" الذي دفع أيضاً باتجاه تشكيل حكومة وحدة، رغم أنه جزء من الائتلاف الحكومي، إلا أنه نقل عن مسؤول بارز في حزب شاس أن "هناك إرادة ودعماً لتشكيل حكومة وحدة، وهذا ما يجب القيام به الآن"، وخصوصاً أن موقف شاس الرسمي مع إتمام صفقة تبادل، كما أفتى بذلك مجلس شورى الحاخامية للحركة، ولا يمكن استبعاد الأهداف السياسية الحزبية لشاس من وراء الدعوة لتشكيل حكومة الوحدة الموسعة، فبعدما فشل درعي في تمرير قانون الحاخامية بسبب الفيتو الذي وضعه بن غفير، رئيس حزب "عظمة إسرائيل"، وتهديده بعدم التصويت لمصلحة القانون، جعل دعوة شاس لتشكيل حكومة وحدة لإتمام صفقة تبادل لتحرير الأسرى مدخلاً ذكياً لإخراج بن غفير من الحكومة، لكونه يعارض بشكل قاطع تنفيذ صفقة التبادل، الأمر الذي انعكس بشكل سريع على موقف حزبه من دعوة هرتسوغ التي اعتبرها "دعوة غير مسؤولة ومتعاونة مع دعاية حماس واليسار المتطرف".

تربط أرييه درعي علاقات قوية برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلا أن البعض يعتبر شاس الحلقة الأضعف في ائتلاف حكومة نتنياهو، لكونها تشعر بخيبة أمل كبيرة من عدم تمكن نتنياهو من تنفيذ الاتفاقات الائتلافية التي شاركت بموجبها في الائتلاف الحكومي، وإذا أضيف إلى ذلك غضب وخيبة أمل الحريديم من حزب "يهدوت هتوراة" بقيادة إسحاق غولدكنوفف. والذي كشف الإعلام الإسرائيلي عن تهديده بعدم تمرير موازنة 2025 ما لم يمر قانون تجنيد يعفي الحريديم من الخدمة العسكرية خلال 3 أسابيع، بمعنى آخر إسقاط الحكومة مقابل قانون التجنيد، الذي يعتبر لغماً كبيراً في وجه حكومة نتنياهو غير القادرة على تفكيكه دون خسائر حتى الآن، وخصوصاً في ظل وجود داعمين كثر داخل حزبي "الليكود" و"الصهيونية الدينية" لتجنيد الحريديم في ضوء الحرب المستعرة على أكثر من جبهة. 

في ضوء ما سبق، هل بات نتنياهو يدرك أن عمر حكومته قد لا يطول في ظل تهديدات شركائه المتتالية؟ ناهيك بإمكانية تدحرج الحرب إلى الجبهة الشمالية مع حزب الله، التي تحتاج إدارتها إلى قيادة مؤهلة مهنياً وسياسياً، وتحظى بدعم شعبي، وليس حكومة يخرج ضدها مئات الآلاف من المحتجين أسبوعياً. 

أضف إلى ذلك أن حكومة الوحدة الموسعة تتيح لنتنياهو البقاء في كرسي رئاسة الوزراء، على أقل تقدير حتى نهاية عام 2025، وسيذهب للانتخابات القادمة في موقف أكثر راحة على المستوى الشعبي، وأمام الرئيس الأميركي القادم، مهما كانت هويته. وفي الوقت ذاته، الظرف السياسي الحالي في "إسرائيل" أذاب كثير من الخلافات بين أحزاب المعارضة العلمانية والحريديم، وخصوصاً حركة شاس، وبات هناك تقبل لمشاركتهم الائتلاف الحكومي. وبذلك، يحافظ نتنياهو على الحريديم، شركائه التاريخيين في الائتلافات الحكومية. من الواضح أن استراتيجية نتنياهو ما زالت إبقاء كل الأوراق قريبة من صدره من دون الإفصاح عن خطوته القادمة، لكنه يهيئ الظروف لتنفيذ كل الاحتمالات.