السعودية تعيش حالة من الصدمة.. والسبب؟

محاولة محمد بن سلمان للخروج من المأزق بأقل الخسائر الممكنة، تبدت في طلب النجدة من الحليف الأميركي، فتلقت المملكة تعهداً أميركياً على لسان وزير الدفاع بإرسال قوات دفاعية إلى أراضيها، ولكنها قبل ذلك تلقت صدمات عدة أولها على لسان ترامب الذي أكد عدم النية في الذهاب لخيار الحرب مع إيران، وتقليله من أهمية الاعتماد على النفط السعودي.

مع مرور الوقت تحولت أحلام وخطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى كوابيس متعددة، هذه الخطط التي بدأت في العام 2016 حين أعلن عن رؤيته الاقتصادية التي حملت عنوان "رؤية 2030" الطامحة لاستثمار مئات المليارات من الدولارات لتنويع مصادر دخل الاقتصاد السعودي وإلغاء تبعيته للنفط، إضافة إلى إصلاحات اجتماعية تجعل المجتمع السعودي أكثر انفتاحاً.
لم يكن في حسبان ولي العهد الشاب الضربات اليمنية التي استهدفت منشآت حيوية في العمق السعودي، كان أبرزها وأبلغها تأثيراً الضربة الأخيرة على منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة "أرامكو"، والتي شكلت صدمة كبيرة في الداخل السعودي أولاً قبل ارتداداتها العالمية، في وقت تعاني فيه المملكة من "هشاشة اقتصادية" وتراجعٍ للصناعات غير النفطية والاستثمار الأجنبي، بحسب ما تقول صحيفة "وول ستريت جورنال".
الأزمة الكبرى سعودياً تتمثل في الاعتراف بمسؤولية القوات اليمنية عن الاستهداف، وأيضاً في عدم اتهام إيران بشكل رسمي، صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مستشارين مطلعين أن أحد أسباب ذلك يعود إلى "قلق المسؤولين السعوديين من أن يؤدي ذلك إلى إضعاف اقتصاد المملكة على نحو أكبر"، ونقلت الصحيفة عن الاقتصاديين أن "المستهلكين السعوديين الذين يستفيدون من الوظائف الحكومية وغيرها من الامتيازات التي تغذيها مبيعات النفط يكافحون لاستيعاب فرض الضرائب وخفض الدعم على الكهرباء والماء والوقود".
العجز المستمر في الموازنة وتراجع الصادرات غير النفطية كل شهر تقريباً خلال هذا العام، دفع ولي العهد وفق صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية إلى الضغط على كبريات العائلات السعودية الثرية لشراء حصص في أرامكو بعد طرح أسهم الشركة النفطية العملاقة للاكتتاب العام.
من أهم الخسائر التي تواجهها المملكة هي طرح اكتتاب 5% من أسهم "أرامكو" في الأسواق مجددًا بعد تأجيلات متكررة أفقدت المستثمرين الثقة برؤية ولي العهد، والتي تضرّرت بسبب محطات عدة أولها حملة الاعتقالات الواسعة لمجموعة ضخمة من أفراد الأسرة الحاكمة ورجال الأعمال والمستثمرين، وثانيها اغتيال الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، وربما آخرها حملة الاعتقالات لناشطين ورجال دين وتهم بتجاوزات حقوقية وإنسانية.
لكن وكالة "رويترز" كانت أشارت إلى شكوك حول الاستمرار في الاكتتاب على أسهم أرامكو ضمن الإطار الزمني الذي أعلنته الرياض، بالإضافة إلى تساؤلات حول القيمة السوقية للأسهم.
الصدمة في الداخل السعودي تبدت في اليأس من رؤية محمد بن سلمان الاقتصادية والهجمات على أرامكو وتبعاتها الكارثية بالنسبة إلى اقتصاد السعودية، وما يزيد الطين بلةً مرارة الفشل الذريع في التصدي للهجمات رغم إنفاق عسكري هائل بعشرات المليارات على أنظمة الدفاع الجوي التي تشكل صواريخ باترويت أهم حلقاتها.
محاولة محمد بن سلمان للخروج من المأزق بأقل الخسائر الممكنة، تبدت في طلب النجدة من الحليف الأميركي، فتلقت المملكة تعهداً أميركياً على لسان وزير الدفاع بإرسال قوات دفاعية إلى أراضيها، ولكنها قبل ذلك تلقت صدمات عدة أولها على لسان ترامب الذي أكد عدم النية في الذهاب لخيار الحرب مع إيران، وتقليله من أهمية الاعتماد على النفط السعودي.
الأيام القادمة تحمل الكثير من التساؤلات حول طريقة تعامل ولي العهد الشاب مع الأزمات المتعددة، وأولها إعادة بناء الثقة في خياراته لدى الداخل السعودي.