المطران عطالله حنّا.. كرامة أمة بكل طوائفها

دافع عن كلّ شبرٍ في فلسطين رغم كلّ الإستهدافات الصهيونية، لم يهدأ ليومٍ أو للحظة وهو يصرخ من أجل كرامة هذه الأمّة بأسرها، فَبَعْدَ "كبوجي فلسطين" يأتي "حنا فلسطين".

  • المطران عطالله حنّا.. كرامة أمة بكل طوائفها
    المطران عطالله حنّا.. كرامة أمة بكل طوائفها

 

نعيش هذه الأيّام على وَقْعِ ذكرى ميلاد سيِّد الحبّ، سيِّد السّلام، سيِّد الفرح والسّرور، الرّسول الذي بُعِثَ ليكون الآية الإلهية العظيمة التي لا مثيلَ قَبْلَهَا ولا ممَّا سيأتي من بعدها. فككلّ عام يلبسُ العالم بأسره حُلَّةَ الميلاد رغم كلّ ما نعيشه من مآسٍ في كلّ مكان.

مَن يقرأ السوَر القرآنية وما جاء فيها من آياتٍ بيّنات عن ميلاد وأخلاق وأفعال السيِّد المسيح عيسى بن مريم الطّاهرة عليهما السلام، يُدرِك جيّداً ويفهم مليّاً أنّها ليست قضيّة عابِرة أو رسالة بسيطة، فالله خصّ مريم (ع) بسورة كاملة ذكر فيها بالتّفصيل الولادة المُبارَكة للسيِّد المسيح (ع)، فهو المُبارَك أينما حلّ ومنذ نعومة أظافره كان الإبن البارّ بأمّه، فقد قالها صراحة كما جاء في الذّكر الحكيم :* وَبرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِّياً (32)، سورة مريم.

في فلسطين، ورغم كلّ ما يسعى إليه العدوّ الصهيوني لطًمْس معالم الاحتفال، وخاصّة أنّ فلسطين هي مهد وأرض كنيسة القيامة، فمنذ أعوام وحتّى هذه السّنة، انطلق بابا نويل فلسطين "عيسى قسيسية" في رسالته التي تُعْنَى بنشر الفرح والسّلام عبر ارتداء ملابس بابا نويل والسّير في شوارع القدس العتيقة على ظهر جَمَل.

أمّا في سوريا، وبعد مرور الغيمة السوداء واندحار الإرهابيين في عديد المدن والأرياف، فقد تزيَّت العاصمة وحلب وغيرهما بزينة الميلاد تأكيداً على زوال الظّلام وحلول البهجة والفرح وأنّ سوريا كما هي حال فلسطين، مهد الحياة والأمل وانبعاث الإيمان والخير للعالم بأسره.

اليوم ومع كلّ هذه الاحتفالات، لا يتوقّف العدو الصهيوني عن إسكات أصوات الحقّ بأيّة طريقة كانت، فلم يعُد العدو يكتفي فقط بفعل شرّ عظيم لجعل أعياد المسلمين حُزناً، فهذه السّنة قرَّر أيضاُ أنّ يُنغِّص أعياد المسيحيين، فخبر الاغتيال المُمنَهج والقتل من دون إراقة دماء كان صَادِماً جدّاً، وهو ما تعرَّض له مطران الحقّ والمقاومة رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا، والذي تعرّض لتسمّم بمادة قاتِلة دَسَّهَا لَهُ خُبْثُ وشيطانيّة العدو الغاصِب.

شدَّد على ذلك الخبير في الشؤون السياسية أليف صبّاغ عبر الميادين أيضاً يوم الأحد كاشفاً عن سيناريو مفضوح لاغتيال المطران حنا بمادّة سامّة قاتِلة من دون رائحة ومن دون لون تُسْتَخْدَمُ لقتل كل الحشرات وتضرب الجهاز العصبي للجسم والتي تمّ رشّها في محيط منزله.

وبعد وفاة مطران المقاومة هيلاريون كبوجي الذي أفنى حياته خدمة للقضية الفلسطينية وتمّ نفيه إلى إيطاليا، ظنّ الصهاينة أنّ بوفاته انتهت الرّوح المسيحية للنضال من أجل حرّيّة فلسطين ومُقدَّساتها، إلاّ أنّ المطران عطالله حنا لم يجعل فرحة الصهاينة تستمرّ. فهو اليوم الّذي يمثّل المسيحية في أبهى تجلّياتها، وهو صوت المسيحيين الأكبر في الدفاع عن فلسطين، دافع عن كلّ شبرٍ في فلسطين رغم كلّ الاستهدافات الصهيونية، لم يهدأ ليومٍ أو للحظة وهو يصرخ من أجل كرامة هذه الأمّة بأسرها، فَبَعْدَ "كبوجي فلسطين" يأتي "حنا فلسطين".

من تونس، من صميم قلوبنا وعميق أرواحنا، نرجو من الله الشافي المُعافي أن يَشْفِيَ مطراننا العزيز وأن يُعِيدَ لهُ الصحّة والعافية، فهو المِثال الأجمل للشرف والكرامة والعِزَّة، كلّنا المطران كلّنا حنا.