ما بين حلّ الدّولتين وجدلية الدّولة الواحدة والكونفدراليّة.. فلسطين إلى أين؟

إذا كان حلّ الدّولتين يواجه صعوباتٍ وتحدّياتٍ حقيقيّةً، فمن المنطقيّ أن نتداعى - شعباً وأحزاباً ونخبةً - لبلورة تصوّر لمستقبل فلسطين.

  • ثَمّةَ عقبة أخرى تواجه حلّ الدّولتين، تتمثّل بالاستيطان، ووجود المستوطنين
    ثَمّةَ عقبة أخرى تواجه حلّ الدّولتين، تتمثّل بالاستيطان، ووجود المستوطنين

ليس من باب التّرف الفكريّ والسّياسيّ الدّخول في عمليّة نقاشٍ وتقييمٍ للمشروع الوطنيّ الفلسطينيّ أو محاولة الإجابة على سؤال: "فلسطين إلى أين؟". وفي الوقت نفسه، ليس من المنطقيّ "تقديس" تحوّلات المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ وتغيّراته من دون نقد، فإذا كان حلّ الدّولتين يواجه صعوباتٍ وتحدّياتٍ حقيقيّةً، فمن المنطقيّ أن نتداعى - شعباً وأحزاباً ونخبةً - لبلورة تصوّر لمستقبل فلسطين.

في البداية، علينا الإقرار أنّ البحث عن حلول للقضيّة الفلسطينيّة، سواء كانت تدرجيّة مؤقّتة أو شاملة ودائمة، هو عمليّة في غاية الصّعوبة والتّعقيد، بحكم الظّروف الذّاتيّة والموضوعيّة، ولا سيّما أنّنا نواجه استعماراً استيطانيّاً إحلاليّاً - تتداخل مصالحه مع دول استعماريّةٍ كبرى مهيمنةٍ على المنطقة والعالم - مُؤسّساً ومُؤصّلاً لوجوده بأفكارٍ تاريخيّةٍ دينيّةٍ.

من خلال عرضٍ سريع لمراحل تطوّر المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ، نلاحظ أنّنا - في بداية نضالنا الوطنيّ مع مطلع القرن العشرين - كنّا نرفع شعار: فلسطين هي "سوريا الجنوبيّة" أو "جنوب سوريا"، أي أنّنا جزء من سوريا الطّبيعيّة (بلاد الشّام). وبعد فترةٍ وجيزةٍ، تحوّلت الحركة الوطنيّة باتّجاه فكرة "فلسطين التّاريخيّة".

وفي فترة الاستعمار البريطانيّ، توالت محاولات دمج المهاجرين اليهود في النّظام السّياسيّ الفلسطينيّ، من خلال فكرة "حكم ذاتيّ" لليهود في السّاحل الفلسطينيّ، حيث كان وجودهم وتمركزهم هناك مع بداية الهجرات اليهوديّة إلى فلسطين، ثمّ طرِح مشروع "تقسيم فلسطين" بصيغته الأوليّة بالمفهوم البريطانيّ، قبل أن يتحوّل ذلك بعد حوالى 10 سنوات إلى قرارٍ أمميّ صادرٍ عن هيئة الأمم المتّحدة يطالب بتقسيم فلسطين إلى دولتين: يهوديّة وعربيّة (تحاشى القرار استخدام كلمة دولة فلسطينية). 

رفض العرب والفلسطينيون قرار التّقسيم في البداية، لكن، وبعد أشهرٍ قليلةٍ، بعد الحرب العربيّة الإسرائيليّة وإنشاء "إسرائيل"، ومن ثمّ انطلاق المفاوضات العربيّة الإسرائيليّة في رودس، أصبحنا نطالب بتنفيذ قرار التّقسيم.

بعد إنشاء منظّمة التّحرير الفلسطينيّة في العام 1964، تجاوزنا قرار التّقسيم، وعُدْنا أدراجَنا بالحديث مرّة أخرى عن "فلسطين التّاريخيّة". وبعد أشهر قليلة على نكسة حزيران/يونيو في العام 1967، طَرحت منظّمة التّحرير الفلسطينيّة مفهوماً جديداً للنّضال الفلسطينيّ (دولة فلسطينيّة ديمقراطيّة علمانيّة) لجميع مواطنيها، سرعان ما تراجعنا عنها بعد بضع سنين، وتحديداً في العام 1974، إلى فكرة إقامة سلطةٍ وطنيّةٍ فلسطينيّةٍ على أي جزء يتمّ تحريره.

في منتصف الثّمانينيّات، وجدنا أنفسنا - وبتنسيق كامل مع الأردن - أمام طرح جديد بعنوان "كونفدراليّة فلسطينية أردنيّة"، لكن، وبعد أشهر معدودات، توقّف التّنسيق الأردنيّ الفلسطينيّ، بل وتفاجأنا بقرار فكّ الارتباط الأردنيّ بالضّفّة الغربيّة. استتبع ذلك انعقاد المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ في الجزائر، وإعلان الاستقلال الفلسطينيّ في الضّفّة الغربيّة وقطاع غزّة في العام 1988، بناء على قرار مجلس الأمن رقم 242.

أمّا السّؤال المحوريّ - ها هنا - وهذا ما قصدته من خلال هذا السّرد المختصر لتحوّلات "المقدّس" في المشروع الوطنيّ الفلسطينيّ، فهو: لماذا تخلّينا عن كلّ "مقدّسات الشّرعيّة الدّوليّة" التي ذُكرت سابقاً، وسمحنا لأنفسنا بنقدها، بل والتّخلّي عنها، في حين أننا - ومنذ أكثر من 30 عاماً - متمسّكون بفكرة حلّ الدّولتين، بناء على الشّرعيّة الدّوليّة المتمثلة بالقرار رقم 242، ولم نحاول البحث عن بدائلَ لطالما أبدَعْنا - باعتبارنا فلسطينيّين - في إبداء المرونة والبراغماتيّة في التّعامل معها، مع العلم بأنّ القرار 242 هو أسوأ قرارات الشّرعيّة الدّوليّة بحقّ فلسطين والقضيّة الفلسطينيّة، بل وأكثرها هضماً وضياعاً لحقوقنا - على الأقلّ - من حيثُ المساحة الممنوحة لنا بموجب هذا القرار (22%) من مساحة فلسطين التّاريخيّة؟

فإذا كنّا نبحث عن شرعيّة دوليّة، فهناك قرار التّقسيم، وهو قرار صادر عن هيئة الأمم المتّحدة، ويعطينا نصف مساحة فلسطين التّاريخيّة. ورغم ذلك تخلّينا عنه، وتمسّكنا بما هو أقلّ وأسوأ. وإذا كانت الذّريعة هي الظّروف واختلال موازين القوى، فهل سنشهد تراجعاً أكثر وأكبر بعد هذا الانهيار الفلسطينيّ والعربيّ الذي نعيشه ونعايشه في هذه الأيام؟ 

من الملاحظ - ومنذ فترة ليست قليلة - أنّ المقاومة الفلسطينيّة بمختلف أشكالها ومُسمّياتها تعيش حالة من الرّكود، على الرّغم من رفع شعارات كبرى وتشكيلة من أنواع المقاومات التي لم نمارسها من ذي قبل، مثل الشّعبيّة والسّلميّة، واستبدلناها بـ"المقاومة بالدّبلوماسيّة" و"المقاومة بالمفاوضات" التي من الممكن أنّها نجحت جزئيّاً، لكن ليس بالصّورة المتخيّلة أو المطلوبة، والتي تجبر "إسرائيل" على التّخلّي عن حُلمها التّوراتيّ المسنود بالقوة العسكريّة من جهة، والمُتبنّى أميركيّاً من جهة أخرى. 

بناءً على هذا المُعطى، كيف لنا أن نتوقّع أنْ تقبلَ "إسرائيل" بفكرة "حلّ الدّولتين"، أي قيام دولة فلسطينية كاملة السّيادة في الضّفّة الغربيّة وغزّة إلى جانب "إسرائيل"؟ تجدر الإشارة إلى أنّ الضّفّة الغربيّة، بما فيها القدس، بالنّسبة إلى اليهود، هي صُلب الأرض التّوراتيّة وجوهرها، فهل ستتنازل "إسرائيل" عنها؟ ولماذا؟ وتحت أيّ ضغط؟ وكلّنا يعلم علم اليقين الظّروف التي نعيشها باعتبارنا عرباً وفلسطينيين على حدّ سواء.

ثَمّةَ عقبة أخرى تواجه حلّ الدّولتين، تتمثّل بالاستيطان، ووجود المستوطنين، وسيطرة "إسرائيل" المطلقة على أكثر من نصف الضّفّة الغربيّة، بما يُسمّى "مناطق (ج)"، بحسب تسمية اتّفاقيّة أوسلو، تجعل من الصّعوبة بمكان قيام دولةٍ فلسطينيّةٍ بسيادةٍ حقيقيّةٍ قادرةٍ على الحياة، بسبب افتقادها إلى المقوّمات السّياديّة والأمنيّة والاقتصاديّة بحكم السّيطرة الإسرائيليّة عليها من جهاتها الأربع، إضافةً إلى سمائها وما تحت أرضها (أي من جهاتها السّتّ وليس الأربع)، وتكتمل الصّورة أكثر إذا أُخرِجت القدس الشّرقيّة من سيادة هذه الدّولة، واستُبدِلت ببدائلَ ومناطقَ وقرى، لتكون عاصمةً بديلةً، في حين أنّ "إسرائيل" لن تتخلّى عن القدس لاعتباراتٍ سياسيّةٍ ودينيّةٍ واقتصاديّةٍ وسياحيّةٍ.

ومن العقبات الرّئيسيّة التي تحول دون تحقيق حلّ الدّولتين (دولة فلسطينيّة كاملة السّيادة على حدود الرّابع من حزيران/يونيو 1967) هي فكرة العودة: عودة اللاجئين الفلسطينيّين إلى وطنهم الذي هُجّروا منه عُنوةً وقَسْراً. 

إنّ حقّ العودة هو جوهر القضيّة الفلسطينيّة، فعلى الرّغم من أنّ قياداتنا السّياسيّة تُردّد – باستمرار – "حقّ العودة"، ولكنّها تدرك تماماً أنّ ذلك لن يتحقّق في ظلّ الظّروف والمعطيات التي نعيشها فلسطينيّاً وعربيّاً ودوليّاً، وبالتّالي، وفي حال عدم قدرتنا على إعادة اللاجئين إلى وطنهم، فما هي الفائدة من حلّ الدّولتين في حال بقاء نصف الشّعب الفلسطينيّ مُشرّداً مشتّتاً؟

نستطيع أن نقدّم عشرات الأدلّة على استحالة قَبول "إسرائيل" أو إجبارها على قَبول إعادة اللاجئين. وهنا سأكتفي بذكر حادثتين:
الأولى: بعد إنشاء "إسرائيل" في العام 1948، حاولت الولايات المتّحدة الأميركيّة إشراكها في النّظام الإقليميّ، أي تعاون "إسرائيل" مع العرب ضمن منظومة إقليميّة شرق أوسطيّة، لمواجهة الخطر الشّيوعيّ (مثلما تحاول في هذه الأيّام مع استبدال الخطر والعدوّ من شيوعيّ إلى شيعيّ)، حيث طلبت الولايات المتّحدة الأميركيّة من "إسرائيل" "إعادة رمزيّة" عدد محدود جدّاً من اللاجئين الفلسطينيّين، مع تقديم إغراءات ماديّة ضخمة لها مقابل ذلك، لكنّ "إسرائيل" رفضت، وبشدّة، على الرّغم من أنّها في هذا الوقت - نهاية الأربعينيّات ومطلع الخمسينيّات - لم تكن قوّةً إقليميّةً ونوويّةً، وكانت الشّعوب العربيّة في قمة عنفوانها، وكانت فلسطين هي قضيّتهم المركزيّة وعلى سُلّم أولويّاتهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الأنظمة العربيّة التي كانت تستمدّ شرعيّة وجودها أو ثوراتها وانقلاباتها من اسم فلسطين، فما بالنا ونحن بما عليه الآن من شعوب وأنظمة عربيّة! 

الحادثة الثّانية: أثناء المفاوضات الفلسطينيّة الإسرائيليّة في عهد رئيس الوزراء الإسرائيليّ إيهود أولمرت، قبلت "إسرائيل" - مبدئيّاً - التّفاوض على إعادة عدة آلاف من اللاجئين الفلسطينيّين من كبار السّنّ على مدار عشر سنوات، (تخيّلوا الرّقم.. عدّة آلاف من أصل عدّة ملايين). وفي النّهاية، أطاح نتنياهو بحكومة أولمرت، وتولّى رئاسة الوزراء منذ العام 2009 ولغاية يومنا هذا. 

ومن الملاحظ أنّ جميع رؤساء الوزراء الإسرائيليّين الذين أبدوا "مُرونةً نسبيّةً" في التّعامل أو التّفاوض مع الفّلسطينيّين أطِيح بهم - ابتداءً من رابين، مروراً بباراك، وانتهاء بأولمرت - على الرّغم من أنّهم لم يقدّموا شيئاً يُذكر، فما بالنا إذا أقدموا على خطوات حقيقيّة باتّجاه تحقيق تسوية تاريخيّة للقضيّة الفلسطينيّة! كيف سنجبر "إسرائيل" الآن على إعادة ملايين اللاجئين في خِضمّ الأوضاع الفلسطينية والعربيّة التي نعيشها في مرحلة "الرّبيع العربيّ" وتداعياته؟

وبالانتقال إلى موضوع الدّولة الواحدة الّذي يشهد إشكاليات وتعقيدات تجعله في غاية الصّعوبة فلسطينيّاً وإسرائيليّاً، بدءاً من الهويّة والقوميّة والطّبيعة الثّقافيّة والدّينيّة والتّاريخيّة، وانتهاءً بشكل الدّولة واسمها، فمن المؤكّد أنّ حلّ الدّولة الواحدة سينقض الأسطورة الصّهيونيّة المشكلة والمؤسّسة لـ"إسرائيل"، وللوجود اليهوديّ السياسيّ في فلسطين، منذ قيام "إسرائيل" وصولاً إلى هذه الأيّام، حيث قانون القوميّة ويهوديّة الدّولة.

لقد أعلن بن غوريون عام 1948 في "وثيقة الاستقلال" ما يلي: "بحكم حقّنا الطّبيعيّ والتّاريخيّ بموجب قرار الجمعيّة العامّ للأمم المتّحدة في العام 1947، نعلن إقامة دولة يهوديّة في أرض إسرائيل، وهي دولة إسرائيل".

من خلال قراءتنا للمجتمع والنّظام السّياسيّ الإسرائيليّ، نلاحظ - وبكلّ وضوح - انزياحه نحو اليمين القوميّ والدّينيّ، ما يجعل حلّ الدّولة الواحدة بعيداً - على الأقلّ - في المدى المنظور. ويمكن استنتاج ذلك من خلال قراءة نتائج الانتخابات الإسرائيليّة الثّلاث وتحليلها، والتي جرت في العام الأخير، وكذلك من خلال تحليل استطلاعات الرّأي العام للمجتمع الإسرائيليّ، والتي تجريها مراكز الدّراسات والأبحاث. وفي المحصّلة، فإنّ مجمل الاستطلاعات تشير إلى أنّ نسبة التأييد الشّعبيّ في "إسرائيل" لحلّ الدولة الواحدة متدنية جدّاً.

ولا تختلف نظرة الفلسطينيّ عن نظرة الإسرائيليّ تجاه موضوع الدّولة الواحدة - بحسب استطلاعات الرّأي العام الفلسطينيّ - مع وجود بعض التّذبذب صعوداً وهُبوطاً من فترة إلى أخرى، بسبب مجمل الظّروف السّياسيّة والاقتصاديّة وحالة الإحباط، وأحياناً التّناقضات التي يعيشها الشّعب الفلسطينيّ، فالنّخبة والقيادة الفلسطينيّة تطالبه بالصّمود والبقاء في أرضه، في ظلّ مستقبل غامض وضبابيّة رؤية، ولا نبالغ إذا قلنا إنّ جزءاً من الشّعب الفلسطينيّ لم يعد يعرف ماذا يريد، ولا إلى أين يتّجه.

وإذا قادتنا الظّروف - إسرائيليّاً وفلسطينيّاً - بشكل أو بآخر باتّجاه الدّولة الواحدة، فهذا سيحتاج إلى نضال طويل للوصول إلى فكرة الحقوق المتساوية أو المواطنة الكاملة، وليس أدلّ على ذلك مما جرى ويجري مع فلسطينيّي العام 48 في الدّاخل، الذين ما زالوا يعانون من هذه العنصريّة بعد مرور أكثر من 7 عقود.

يحاول البعض إقناعنا بإمكانيّة الوصول إلى فكرة "الدولة الواحدة" واحتماليّتها، من خلال عقد مقارنة أو محاولة استنساخ، ونقل تجربة جنوب أفريقيا، لكن نجد أنّ من الصّعب القيام بذلك، فعلى الرّغم من وجود تشابه في السّياسات والسّلوكيّات بين "إسرائيل" ونظام الفصل العنصريّ في جنوب إفريقيا، فإنَّ الفرق الجوهريّ بين التّجرِبتين يكمن في أنّ وجود الاحتلال الإسرائيليّ مرتبط بأفكارٍ تاريخيّةٍ دينيّةٍ، يؤمن - من خلالها - بأنّ فلسطين هي الوطن التّاريخيّ لليهود، ولا بديلَ له أو منه.

وأخيراً، ندرك تماماً أنّ هناك فجوة بين المُتوقَّع والمُتأمَّل، وهنا تبرز الإشكاليّة، فعندما تتحدّث بخطاب تفاؤليّ شعبويّ، ستنطلق بالحديث عن المُتأمَّل البعيد كلّ البعد عن الواقع، سواء كان ذلك في قيام دولة فلسطينيّة كاملة السّيادة على حدود الرّابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشّرقيّة، أو الدّخول مع الإسرائيليّين في مشروع الدّولة الواحدة بحقوقٍ متساويةٍ.

أما المُتوقَّع - من خلال فهم الواقع وتحليله بصورته الحاليّة - فهو بقاء الوضع على ما هو عليه في فلسطين (أي أكثر من حكمٍ ذاتيّ وأقلّ من دولة، تحت مُسمّى "دولة"). وبالتّالي، إنّ هذه الدّولة غير قادرة على العيش بمفردها بحكم واقعها الجيوسياسيّ، ما يجعلها أمام خيارات الكونفدراليّة، إما ثنائيّة مع الأردن، وإما مع "إسرائيل"، وإما كلتاهما، أي: كونفدراليّة ثلاثيّة فلسطينيّة أردنيّة إسرائيليّة.

إنّ الكونفدراليّة - بشكل عام - تحافظ على استقلال الدّول وهويّاتها القوميّة، وتبقي هامش التعاون في ما بينها، ولكن في الواقع الفلسطينيّ والعربيّ، من المُتوقّع أن تتحوّلَ الكونفدراليّة إلى شكل من أشكال الهيمنة بسبب اختلال موازين القوى.

هذه قراءةٌ أوليّةٌ للواقع الفلسطينيّ ومآلاته على المدى القريب، والكرة ما زالت في الملعب الفلسطينيّ الذي يتوجّب عليه أنْ يعيدَ ترتيب أوراقه وحساباته الدّاخليّة والخارجيّة وبناء استراتيجيتّه، وصولاً إلى تحقيق أهدافه الوطنيّة. ويجب أن لا يغيبَ عن أذهاننا أنّ المشروع الصّهيونيّ في فلسطين بدأ بعدّة آلاف من المهاجرين، ووصل - اليوم - إلى ما وصل إليه، فما بالنا بالشّعب الفلسطينيّ داخل حدود فلسطين التّاريخيّة، والذي يبلغ عدة ملايين!