ترامب يسقط آخر أقنعة الإمارة!

المعركة الحاسمة باتت قريبة جداً، وعلى من ينشدون الحماية الأجنبية أن يتحسَّسوا موضع أقدامهم، لئلا يقودهم عماهم إلى المصير الَّذي باعوا كل شيء في سبيله.

  • ترامب يسقط آخر أقنعة الإمارة!
    ترامب يسقط آخر أقنعة الإمارة!

إنَّ المسار التاريخيّ الَّذي حذته إمارات العالم العربي وجمهورياته تجاه مجموعة الكيانات المفرطة في القوة في الشرق الأوسط منذ 40 عاماً حتى يومنا هذا، إضافةً إلى السياسات الخليجية الخفية - الواضحة مع وسطاء حلف شمال الأطلسي ومجموعة القوى الأخرى، ربما جعل من كلّ الخرائط الممهّدة للاعتراف بالطريق إلى الكيان المحتل أمراً متوقعاً، يدخل على الأمة أو ما تبقى منها بارداً جافاً، وكأنه كائنٌ من زمنٍ.

إنَّ تاريخاً من الرّضوخ للقوة والإذعان لجبروتها جعل من الاستسلام لدى البعض أمراً مفروغاً منه، بل أساسياً لقيام دولة تعمّها الطمأنينة، في خضم حرب مستعرة ضمن الحيز الإقليمي الذي تنضوي ضمنه، فعلى امتداد ما يقارب عقداً من الزمن، شكَّلت القوى العسكرية للدول العظمى درعاً أمنية للدول الخليجية أمام كلّ ما يعصف بالمنطقة من تغيرات في أشكال الحكم، أو في الإيديولوجيا الحاكمة الآتية من مصر عبد الناصر، أو من الشيوعية التي وجدت في دمشق وبيروت مرتكزاً لها آنذاك من جهة، ومن إيران من جهة أخرى، مقابل كل ما يحتاجه الغرب من مقابل مالي. نعم، إنه الاستعمار المموّل بالدرهم.

إن الاتفاق الثنائي الذي وصل أبو ظبي بتل أبيب لم يكن سوى تبيان إعلامي للعلاقات المباشرة التي جمعت الطرفين على مدى أعوام بمباركة أميركية، ولم يكن هجيناً على الإطلاق، إذ سبقته عدة اتفاقيات جمعت أطرافاً عربية مع الاحتلال الإسرائيلي، بدءاً بـ"كامب دايفيد"، مروراً بـ"وادي عربة"، وصولاً إلى الخليج الذي سيتبعه فرط السبحة، بدءاً بالبحرين وعُمان. ومن غير مستبعد دخول المملكة السعودية ذلك الحيز أيضاً، إذ إنّ الأمر يبقى رهن الخدمة التي يؤديها الإعلان نفسه.

لم يتغيّر المشهد العربيّ الإقليميّ كثيراً اليوم عن مشهد البارحة في بيروت من المتذلّلين على أبواب الأمم، والذي يُستبعد بكل المقاييس أن يكون من باب المصادفة أو نتيجة الاحتقان النفسي لهؤلاء، إنما هو أوجه مختلفة لعملة خانعة واحدة، تترصّد الطابع الأميركية على جمع إنتاجها أو طابعها على المنتج الأميركي، كما حصل مع المركبة الفضائية المزعوم نسبها العربي.

لقد وصل المشهد العربي الرسميّ، وبعض المشهد الشعبوي منه، ومن دون أيّ مبالغة، إلى الحضيض بكلّ معنى الكلمة، حتى أثَّر ذلك الجمع في مقدّمته حكومات الخليج العربي، ومن دون أيّ استثناء، على دحض كل قوة داخلية حقيقية مقابل الصورة القوية الواثقة المدفوعة الثمن مسبقاً، من دون أية دراية لما ستحصده لاحقاً من انهيار في منظومتها كاملة في حال سُحِبت اليد المستوطنة تلك، الأمر الذي دفعهم إلى الانغماس في التبعية للمنظومة الصهيونية، تودداً للبيت الأبيض وسيده الأميركي، الذي ارتأى أن يحركهم حالياً خدمة لمصالحه السياسية، وتلميعاً لصورته أمام الناخبين، بعد التراجع الكبير لنسبة نجاحه في الانتخابات الرئاسية الحالية.

لقد باتت المعركة اليوم أكثر وضوحاً لدى الشعوب العربية عامّة، وخصوصاً مع بداية خروج المنظومات العربية المتكتّمة من الجسم المناهض للسياسة الأميركية، إذ بات الهدف والعدو واضحين أكثر فأكثر، والتهليل لجميع هذه السياسات بات جلياً لا غبار يغشيه ولا رجعة عنه.

إنَّ المعركة الحاسمة باتت قريبة جداً، وعلى من ينشدون الحماية الأجنبية أن يتحسَّسوا موضع أقدامهم، لئلا يقودهم عماهم إلى المصير الَّذي باعوا كل شيء في سبيله.

أنظمة عربية عدة، وبعد سنوات من التطبيع السري مع الاحتلال الإسرائيلي، تسير في ركب التطبيع العلني، برعاية كاملة من الولايات المتحدة الأميركية.