المسلسل الأميركيّ الجديد.. بقلم بومبيو؟

أدّت طهران دوراً كبيراً في إسقاط جملة من المشروعات والأوراق الأميركية في المنطقة، من خلال دعم حلفائها في سوريا والعراق واليمن.

  • سلوك بومبيو سيكون
    سلوك بومبيو سيكون "خارطة طريق" للسياسة الأميركية الجديدة مع قدوم بايدن

لم تكن تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، الراحل ورئيسه عن السلطة، بأنَّ إيران "أفغانستان جديدة"، وأن هناك علاقة تربط الجمهورية الإسلامية بتنظيم "القاعدة" المصنف إرهاباً في القائمة الدولية، وأنها حاضنة لقيادات وأفراد من التنظيم، مجرد "لفت نظر" أو تصريحات الربع الساعة الأخيرة، بقدر ما تعد استكمالاً لما تهندسه اليد الأميركية في مشهدية كباشها مع الجمهورية الإسلامية، وتعتبر خطوة متقدمة في مسلسل التصنيع السياسي الأميركي الذي اخُتتمت حلقات جزئه الأول بإبرام اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية وصياغة التحالفات بصورتها الجديدة.

سلوك بومبيو سيكون "خارطة طريق" للسياسة الأميركية الجديدة مع قدوم بايدن، على قاعدة أن يتابع الرئيس الجديد مسيرة التحشيد ضد طهران. أولى تلك الملامح هي تصريح أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الذي عيَّنه بايدن، لجهة بناء ما أسماه "جبهة موحدة" ضد موسكو وبكين وطهران. وكما هو معلوم، دأبت "إسرائيل" من خلال اعتداءات عديدة، وكذلك الولايات المتحدة، عندما اغتالت الفريق قاسم سليماني، على جرّ إيران إلى مواجهة.

إفشال المبتغى الإسرائيلي، كان الأساس لاتباع الأميركي ما يمكن تسميته "الخطة ب"، المتمثلة بشيطنة إيران وشرح خطر سلوكها ونفوذها في المنطقة من بوابة المنظمات الدولية، وصياغة الذريعة لاستجلاب تأييد دولي للمواجهة معها.

أدّت طهران دوراً كبيراً في إسقاط جملة من المشروعات والأوراق الأميركية في المنطقة، من خلال دعم حلفائها في سوريا والعراق واليمن وتصريحات مرشد الثورة السيد علي خامنئي، عندما حسم بقاء الحضور الإيراني في المنطقة، وأشار إلى أنّ الإيرانيين لن يتصرّفوا بطريقة تضعف الحلفاء فيها. يشي ذلك ببقاء الاستراتيجية الإيرانية ذاتها في المنطقة، وتالياً بقاء القلق الإسرائيلي من المساس بأمن "إسرائيل"، ما سيمهّد للمزيد من الحضور النافذ للأيادي الصهيونية في الولايات المتحدة، والضغط على بايدن لاستكمال ما بدأه ترامب على مستوى السياسة الخارجية الأميركية في المنطقة.

عندما صرّح بومبيو عن علاقة إيران بـ"القاعدة"، وعندما ضمّ ترامب الكيان الإسرائيلي إلى قيادة الجيش الأميركي المركزية في المنطقة، كان ذلك بمنزلة السيناريو الأميركي الجديد لمسلسل المواجهة مع طهران. إنَّ عدم التّطبيق العمليّ الفاعل لما تهدّد به إيران خصومها يومياً من جهة، أو لتسريع إنهاء التواجد الأميركي في المنطقة من جهة أخرى، سيقوي شوكة خصومها، وسيعجل السّيناريوهات التي تخطّط لها "إسرائيل" وتحاول إنفاذها وتظهيرها إلى الواجهة الميدانية في زمن بايدن.

ربما يغيّر وصول بايدن الكثير في الداخل الأميركي على قاعدة تصحيح مسار ترامب وتحقيق قفزات نوعية تخدم الشعب الأميركي، لكنّ الاعتقاد السائد يظهر أن لا تغيير جوهرياً في السياسة الخارجية المنتصرة لـ"إسرائيل"، وربما أكثر من مجرد دعمها، بل تأدية مسلسل ترامب وبومبيو على أكمل وجه.