الموساد يسعى إلى استعارة أسماء كتّاب في الجزائر

علّمتني هذه الحادثة التشويهيّة المقصودة من "الصهيونيين جميعاً" أشياء كثيرة، أولها أن التصدّي للصهيونية مسألة فردية، ومواجهتها مسألة فردية العواقب، وفردية الألم، على الأقل ضمن عالمي الثقافي الجزائري، بعض عالمي الثقافي الجزائري.

وثيقة غوغل

 

لم يخطر ببالي يوماً، أن يغدو إسمي مثاراً للاهتمام التشويهي، وقد ظننت أني كاتب مغمور في الريف القصّي، وتراهم "الموساد" إحد قرّائي الأشقياء؟ فلقد لزِمت الريف القصّي، البعيد جداً عن صخب المدن الساحلية الجزائرية عقوداً، وريف قريتي الفقيرة عارٍ من "قاعات السينما، والبنوك، والحدائق العامة، والمكتبات، والسهرات، والمتاجر الكبرى، ووكلاء السياحة، ريف قريتي عارٍ من شيء؟ وإذ بالتشويه الصهيوني يُغريه إسمي هنالك! بما لا أعرف لماذا مُطلقاً؟

الحكاية مختصرة أن كتاباً لي منشور إلكترونياً على الإنترنت، ضمن الحقوق الحامية للمضمار النشري، والنطاق الإلكتروني، من طرف ناشرٍ مصري. مند أسبوع إذ بصديق مصري فايسبوكي لي، يُراسلني قائلاً:

 أخي "يسين" ألست جزائرياً؟

تعجّبت لمّا قال لي ذلك، لكني وأجبته: بلى، من الجزائر العظيم.

قال غريب هذا، فلقد وجدتك مكتوباً "كاتب إسرائيلي" ضمن بعض النتائج المُتاحة عند الضغط على إسمك "يسين بوغازي" في المُحرّك العالمي "غوغل" وأنا أبحث عن كتابك الرايوي، استغربت قليلاً، ولم أصدّقه في ما قال؟ وقلت ربما أحدهم في الموسوعة العالمية الإلكترونية  "ويكيبيديا" المُتاحة للجميع فعلها بي غيلة؟ فهي عامِرة بالشائعات، والإضافات والمضامين السوداء التي تلصق ما يُسيء.

ثم كتبت على المحرّك نفسه "إسمي" مُجرّباً، فإذ المفاجأة الكبرى تنشر أمامي، فإحدى النتائج على الصفحة تُسمّيني حقاً ضمن جملة قصيرة بما يلي:

"يسين بوغازي الإسرائيلي".

ولأن "إسرائيل عندي ليست سوى كيان غاصب، ولأنها عندي أيضاً ليست سوى كيان من الشر المُطلّق، فهي اغتصبت أرضاً، وشرّدت شعباً، وما تزال تعبث، وتوغِل في الآلام والجِراح والاغتيالات"

لكم هالني هذا التشويه كثيراً، وأدخلني في دوّامة من التساؤلات، أنا الكاتب الجزائري الذي ما أزال مغموراً أستجدي فسحاً للنشر، لإبداء وجاهة قلمي، وتفصيل أفكاري، يهتم بي "غوغل" بساط المعلومات المفروش عالمياً، ثم أن "إسرائيل" في حد ذاتها آلمتني لوحدها، لأني "الجزائري الذي لا يُطيقها أبداً" لتبدأ نوبات الشكّ عندي، فقد قال لي صديق فايسبوكي آخر "إنها الموساد تراقبك، فاحْذَر"، ثم آخر "لأنهم وجدوك جزائرياً، فأرادوا تشويهك"، وثالثهم ذهب للقول "سيجعلك هذا الخطأ أكثر شهرة" على كل حال، التشويه آلمني كثيراً، وما يزال إلى حد كتابة هذه المقالة، وآلمني أكثر لأنهم "الصهاينة" وذراعهم الآثم "الموساد" يمتلكون عنا حتى العوالم الإنترناتية السوداء العميقة، ويتحكّمون في تراتيب الأشياء كما يريدون، وكيفما يريدون، ولا نستطيع منعهم! ولا ردعهم، سوى بإرسال "الإيمايل" كما فعل ناشري المصري الذي أخبرني قائلاً "بعد رد الإيمايل من غوغل، يبدو إننا لا نمتلك غير الإجراء الاستفساري، وإرسال طلبات التعديل لنفسه "غوغل" علّ وعسى!؟ أقصى ما يمكننا التنديد، والشجب، والشكوى، ثم الصمت الأبدي، تماماً كما دروس عالمنا العربي والإسلامي القديمة والجديدة.

أنا الكاتب المغمور الذي لطالما قرأت على التلاعُب بالإعلام، وفي الإعلام، ولكني بقيت دائماً قارئاً أمام غرابة تلك الارتكابات؟ ولطالما سمعت، وشاهدت، كيف يمكنه الإعلام الجديد، والمنصّات الاجتماعية، والبروفيلات، والفضاء الإنترناتي الفيّاض بأعماقه السوداء، وتجليّاته الوردية وأشياء أخرى. 

الذي آلمني ليس الجرأة الصهيونية على التشويه، الذي آلمني كثيراً الصمت الذي أحيط بخبري في التواصل الاجتماعي، سوى القلائل، ليسوا من المُثقفين ولا من الإعلامين الذين التزموا "الصمت التطبيعي" الذي اكتشفته من التجربة الأخيرة؟ 

ما آلمني "صمت رهيب" أحيط بما أعلنته في التواصل الاجتماعي، وقد خلته "صمتاً تطبيعياً" على سلامة الإجراء الإسرائيلي التشويهي لهويّتي وإسمي، فقد اعتبره المثقفون، والإعلاميون، والفاعلون في الجزائر، لا يستحق الوقوف عنده.

فقط علّمتني هذه الحادثة التشويهيّة المقصودة من "الصهيونيين جميعاً" أشياء كثيرة، أولها أن التصدّي للصهيونية مسألة فردية، ومواجهتها مسألة فردية العواقب، وفردية الألم، على الأقل ضمن عالمي الثقافي الجزائري، بعض عالمي الثقافي الجزائري.