بعض الأسئلة الفلسطينيّة

أسئلة فلسطين ستطارد العملاء والمتآمرين ومغيبي شعوب العرب، وستتحوّل إلى هدير وضوء يوقظ الوعي وينير العقول ويفضح التبعيّة والتابعين.

  • طوفان الأقصى تقدّم الوجه العربي الحقيقي لأمتنا.
    طوفان الأقصى تقدّم الوجه العربي الحقيقي لأمتنا.

إنها بعض الأسئلة التي يطرحها الفلسطينيون والفلسطينيّات حالياً وهم يخرجون من تحت بيوتهم التي تدمّر على رؤوسهم ورؤوس أطفالهم من دون أن ينتظروا أجوبة، لأنها أسئلة قديمة مزمنة ملَّ أجدادهم وآباؤهم وأمهاتهم من طرحها من دون أن يتلقوا أجوبة.

في البداية، طُرحت الأسئلة مع توقع أجوبة عنها ممن يوجهونها إليهم، أي من (العرب)، وكان العرب في المشرق العربي ينتظرون الأجوبة العملية التي تجيب فعلاً، فيُرى عرب قادمون متزاحمين إلى فلسطين لإنقاذها من كيد بريطانيا وعصابات اليهود التي سربوها معهم، وضاعفوا تسريبهم إلى فلسطين بالسفن وعبر الحدود بهويات وجوازات سفر مزوّرة إلى أن تضاعفت أعدادهم وباتوا قادرين على مزاحمة عرب فلسطين على أرضهم...

وين العرب؟! تردد السؤال الأبرز باستفزاز لعروبة العرب القريبين والبعيدين، فلبى نفر منهم سؤال الاستغاثة، وانخرطوا في ثورات فلسطين، وكانت البداية في أحراج (يعبد) مع المجاهد الكبير الذي شارك في عدّة ثورات في بلاد العرب، الشيخ عز الدين القسّام، ومعه عدد من المجاهدين الذين فاجأهم الإنكليز في الأحراش، وتنبه القسام ورجاله، فدوّى نداؤه منذ تلك اللحظة الحاسمة: هذا جهاد نصر أو استشهاد.

موتوا شهداء. واستشهد من الثوّار المجاهدين من استشهد، وفي مقدمتهم الشيخ عز الدين عام 1935.. ونجا بعضهم، واشتعلت الثورة الفلسطينية الكبرى بعد سنة عام 1936 وتواصلت حتى 1939..

تأججت مقاومة عرب فلسطين، وقاد ثورتهم الكبرى 1936-1939 البطل العربي سعيد العاص، وهو عربي سوري قاتل الفرنسيين واضطر إلى الانتقال إلى الأردن، إلى أن وجه له نداء من عرب فلسطين وقعه القائد الفذ عبد القادر الحسيني متمنياً عليه الحضور إلى فلسطين لقيادة الثورة في سوريا الجنوبية، وهذا ما كان، فما كان للثائر سعيد العاص أن يتردد، وعلى تراب فلسطين سكب دمه الطاهر.

هذه الأيام، يرى مشاهدو الفضائيات الأمهات الفلسطينيات المتمتعات بالكبرياء والإيمان وهن يطرحن الأسئلة الغاضبة غير منتظرات الإجابات عنها، وهن يخرجن من تحت الدمار مضمخات بالغبار والدم، فهن يطرحن أسئلة مليئة بالإدانة لمن يتحكمون في مصير (العرب)، آملات أن تحرّك أسئلتهن شعوباً عربية تنتشر بين المحيط والخليج، ويدرن ظهورهن كأنهن يقلن: وا أسفاه... والـ"وا أسفاه" كافية.

مثلاً، ما القيود التي تمنع عرب مصر الذين يبلغ تعدادهم 105 ملايين في مصر المحروسة وهم يرون دبابات ووحدات جيش العدو وهي تزحف إلى معبر رفح لمحاصرة قطاع غزة. ولا يسمع من المحروسة رسميّاً سوى: هم لا يهددون مصر. والسؤال: هل تنتظرون حتى يعبر جيش العدو المعبر ليلتف على المقاومة الفلسطينية الباسلة عبر الأراضي المصريّة؟ وهل الإجهاز على المقاومة هو هدف مشترك يجمعكم حفاظاً على كامب ديفيد؟

وماذا نسمي ما يحدث: أهي وحدة الأهداف والمصالح بين "إسرائيل" والإقليميات التي تخلّت عن العروبة وما عادت من روابط تربطها بتاريخ وجغرافيا الأمة؟ والمهم سلامة كل كيان معزولاً عن غيره حتى لو كان جاره، فالمصلحة هي الغاية وهي فوق كل قيمة من القيم، والحكّام لا يفكرون في القيم والمبادئ، وقريبهم هو من يحميهم بقواعده العسكرية، ويضمن لهم ما تيسّر من الثروة، وفلسطين والعروبة لا تضمن الثروة وكراسي الحكم!

أتحسبون أن نساء فلسطين حفيدات النساء اللواتي كنَّ ينقلن السلاح والذخائر والطعام إلى رجالهن في الجبال، الذين كانوا يقاتلون الإنكليز والعصابات الصهيونية، يجهلن الفرق بين عرب يندفعون إلى فلسطين ويقاتلون على ثراها أعداء الأمة وعرب كشفوا مبكراً عن وجوههم القبيحة.

تعرف الفلسطينيات والفلسطينيون أنَّ العرب هم الذين يقاتلون معهم ويقصفون مستعمرات العدو في شمال فلسطين، والذين هججوا كل سكان تلك المستوطنات وأذاقوهم التشرد وجرّعوهم كؤوس الموت والرعب، وأن هؤلاء هم أبطال حزب الله العريق في قتاله الاحتلال ومطاردته منذ بيروت عام 1982 وحتى اليوم.

وإلى زمن غير محدد، حزب الله رفض عقد صفقة للتوقف عن قتاله مع المقاومة الفلسطينية رغم كل الوساطات والمغريات لأنه عقائدي، وهو منذ يوم 8 تشرين الأوّل 2023، يعني من اليوم التالي للطوفان، أعلن أنه يساند المقاومة الفلسطينيّة، ولن يوقف انخراطه في المعركة حتى تقف الحرب على قطاع غزة، وانظروا إلى مسيرات وصواريخ حزب الله، وآخرها صاروخ مغنية المدمر. أليست هذه العروبة الحقة، والإسلام الحق؟!

تعرف الفلسطينيات، وهن أمهات بعضهن فقدن كل الأبناء، وبعضهن زوجات فقدن الأزواج، وفقدن الأشقاء، وفقدن الأمهات والآباء، من هم العرب الذين يتمتعون بالنخوة، وعندهم عزّة وشرف.

لذا، تنظر الفلسطينيات والفلسطينيون إلى شمال فلسطين، حيث أبطال حزب الله الذين يقدمون الشهداء على طريق القدس، وإلى اليمن الذي حرم ميناء (أم الشرايط) إيلات من تدفق البضائع؛ اليمن الذي لم يتردد في الإعلان عن منع السفن الصهيونية من عبور باب المندب، والسفن غير التابعة للكيان، ولكنها تحمل البضائع له، اليمن الذي لم ترهبه محاولات التخويف من البوارج الأميركية، ولم يستجب للإغراءات.. وأرسل صواريخه ومسيراته بعيداً من البحر الأحمر لضرب السفن التي تحمل ما يحتاجه الكيان الصهيوني!

شعب فلسطين العربي الأصيل كلّه يقول: هؤلاء هم العرب، وبهؤلاء العرب تخاض معركة طوفان الأقصى الجامعة لكل العرب الأصلاء الصادقين، مسلمين ومسيحيين، والأقصى جار للقيامة. ومنهما تلقن عرب فلسطين ثقافة الأخوّة، ومنهما انتشرت العروبة الصادقة المتسامحة...

طوفان الأقصى تقدّم الوجه العربي الحقيقي لأمتنا، وها هي بطولاته تتجلّى فعلاً لا كلاماً، وتكشف الكيانات التابعة الذليلة المتآمرة على عروبة فلسطين وعلى حاضر الأمة ومستقبلها وثرواتها وموقعها ودورها، وتعرّي المتلطين بالكيان الصهيوني بالتطبيع توهماً بأنه قادر على حماية كياناتهم، وهم يرتجفون ذعراً وهم يرون أن "الجيش" الذي لا يقهر يُمرّغ في رمال غزّة، وأن أميركا عاجزة عن إنقاذه من ضياع هيبته وتبجحه وعربدته رغم كل ما تمده به من أسلحة وذخائر...

أسئلة قليلة يطرحها الفلسطينيون، وهي تتكاثر بما يتوالد منها، وهذه الأسئلة لا تخصهم وحدهم، فمعركتهم منذ أن بدأت على أرض فلسطين كشفت أن من يريدون احتلالها أرادوا احتلال أرض أمة وإلغاء تاريخها.

هل ننسى أن مسيرة التوقيع في واشنطن بتاريخ 13 أيلول 1993 جرّدت الفلسطينيين من كل شيء بالمراوغة والخداع والتضليل الأميركي والتفاوض العبثي.

وفي غمرة اليأس والقنوط وفقدان الأمل، جاء طوفان الأقصى، فانكشف دور أنظمة الخيانة، وافتضح حجم حلف التآمر والغدر، ولكن الطوفان بدأ يهزّ العالم، وانظروا إلى عواصم الغرب، فها هو زمن فلسطين يتألق عالمياً. وفي جامعات أميركا ترفرف أعلام فلسطين، وترتفع شعارات فلسطين حرّة من النهر إلى البحر، وعلى مقربة من البيت الأبيض في واشنطن ومن أفواه مئات الوف الشباب الأميركي. وأميركا تصوت باستمرار بالفيتو لحرمان فلسطين من أن تكون (دولة)، وفلسطين اليوم تملأ فضاء العالم لأنها أكبر من (دولة) تنقص حبة تراب... 

أسئلة فلسطين ستطارد العملاء والمتآمرين ومغيبي شعوب العرب، وستتحوّل إلى هدير وضوء يوقظ الوعي وينير العقول ويفضح التبعيّة والتابعين.

فلسطين القضية والمقاومة توقظ العالم وتفضح جوهر الصهيونية الإجرامي وبشاعة جرائم الإمبراطورية الأميركيّة...