في عيدها العاشر.. الميادين سراج الحقيقة ومنارة القيم والرأي الحر

الميادين لم تكن مجرد منبر إعلامي ينقل الواقع، كما هو شعارها، أو يطل عليه القادة والسياسيون في نشراتها وبرامجها، إنما أثبتت، وعبر محطات كثيرة خلال العشرية الأولى التي مضت، أنها منبر يحمل رسالة المقاومة الشاملة.

  • في عيدها العاشر.. الميادين سراج الحقيقة ومنارة القيم والرأي الحر
    في عيدها العاشر.. الميادين سراج الحقيقة ومنارة القيم والرأي الحر

عشر سنوات مضت من العمل الحثيث والعطاء المتواصل، انطلقت فيها الميادين وكانت قناة فضائية عربية بإمكانيات بسيطة. نحتت في الصّخر، وسارت وسط حقول ألغام كبيرة كتجربة إعلامية فريدة، حتى أضحت في عشريتها الأولى نموذجاً إعلامياً مبدعاً يحمل رسالة الإعلام الحرّ صاحب القيم والمبادئ، وشكَّلت حالة نوعية ذات شأن وتأثير كبيرين.

لست في معرض مدح فضائية الميادين التي انطلقت لأهداف نبيلة، وهي تحتفل بذكرى انطلاقتها العاشرة، وإن كانت تستحقّ مثل هذا المدح والثناء والإشادة بجدارة، تقديراً لمسيرتها خلال 10 سنوات من العطاء والإنجاز بجرأة وحياد وموضوعية، لم يطغَ فيها على اعتبارات الحقيقة والواقع شيء. 

وقد استطاعت في الوقت ذاته أن تحصد نجاحاً وتميزاً وريادة في الرسالة الإعلامية على المستوى العربي والإسلامي، بفضل مصداقيتها ومهنيتها، وهو ما عزز ثقة الجمهور بها ومتابعته لها.

الميادين كمنبر إعلامي تعدّ تجربة رائدة بكل ما تعنيه الكلمة؛ تجربة ليست كغيرها من تجارب الإعلام العربي المحيط، فقد شكَّلت انطلاقتها بارقة أمل لإعلام عربي حر، ورسخت من خلالها قواعد عهد جديد، من المهنية والموضوعية إلى الكلمة الصادقة والموقف الملتزم الذي يرفض التطبيل ولا يقبل الترهيب، ومضت تحلّق في سماء الإعلام حاملةً رسالة الدفاع عن فلسطين، ورافضةً للاحتلال والتطبيع معاً.

الميادين لم تكن مجرد منبر إعلامي ينقل الواقع، كما هو شعارها، أو يطل عليه القادة والسياسيون في نشراتها وبرامجها المتنوعة، إنما أثبتت، وعبر محطات كثيرة خلال العشرية الأولى التي مضت، أنها منبر يحمل رسالة المقاومة الشاملة التي لم تقبل في يوم من الأيام أن توصف المقاومة بالإرهاب، ولا الشهيد بالقتيل، بل حافظت على دعم الخط المقاوم، وما زالت تحافظ عليه، وهو يدعم قضايا المستضعفين في المنطقة، ويرفض احتلال "إسرائيل" لفلسطين وأي منطقة عربية.

ما يميّز الميادين أكثر فأكثر، منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها قبل 10 سنوات، أنها انتصرت لفلسطين وقدمتها قضيةً أولى على كل القضايا، وأعطتها مساحات نفتقدها في محطات عربية أخرى، كما أنها نجحت في إعادة الحضور إلى القضية الفلسطينية كمركز اهتمام إعلامي في المنطقة العربية والإسلامية والدولية، وها هي اليوم تدخل عشريتها الثانية بحلة جديدة، وهي تمضي أكثر قوةً وثباتاً وتألقاً في الوفاء بالرسالة لفلسطين والأسرى ولكل قضايا الأمة، وتسمو كمنارة في فضاء الإعلام والاتصال وميادين الوعي والمعرفة، وتتوقد سراجاً منيراً ينشر إشعاعاته الهادية للقيم والحقيقة.

عندما تحتفل الميادين بعشريتها الأولى كصرح إعلامي عربي فريد استطاع التميز في رؤيته ورسالته بين حال الازدحام الإعلامي العربي، فهذا يضيف إليها تحدياً جديداً أمام حالة المواكبة والتطور المستمر والانفتاح على التغيرات المستمرة ومواكبتها والتعامل معها بكل حداثة، ويفرض عليها الاستمرارية في التطوير من حيث الشكل والبرامج والمضمون، والمقصود هنا النواحي التقنية بمختلف تجلياتها، بما ينسجم مع المكانة التي ارتقت إليها وجعلتها قناة إعلامية ضمن كبرى القنوات والشبكات الإعلامية العربية الرائدة.

لعلَّ من أبرز النجاحات التي تسجل لقناة الميادين قدرتها العالية في الحفاظ على ثوابت ومبادئ القناة المهنية والأخلاقية من حيث المحتوى والشمولية والتنوع والابتكار والمواكبة، وقدرتها على فرض معادلتين إعلاميتين قويتين؛ الأولى أنها واجهت الرواية والإعلام الإسرائيليين معاً، ونجحت في مواجهة رواية الإعلام في دول التطبيع العربي التي تؤجج خطاب الكراهية والطائفية، وما زالت تشكل إضافة نوعية للإعلام المقاوم الذي أصبح يمثل رقماً صعباً في معادلة الإعلام العربي الحر.

منذ انطلاقتها، كانت الميادين وما زالت صوت المواطن العربي الحر الذي يرفض الاحتلال والتطبيع، ويتطلع إلى الانعتاق والتخلص من كل مشاريع الأسرلة والأمركة. وما تميزت به الميادين هو استمرارية هذا الصوت، رغم كل التحديات والصعوبات التي مرت بها، وقدرتها على أن تقترب من عقل وفكر المشاهد وقضاياه أكثر فأكثر، فكانت حاضرة في أشد المحطات والأحداث التي مرت، والتي لا تزال تعيشها منطقتنا العربية والعالم أجمع. وقد نجحت في التغلب على الكثير من الصعاب بمهنيتها ومصداقيتها العالية.

حين نتحدَّث عن الميادين، فإننا لا نتحدث عن وسيلة إعلامية معصومة الأداء، لكننا نتحدث عن عمل دؤوب وجهد متواصل ونموذج تبلورت فيه مقاربة إعلامية رائعة، تحرت القيم والمبادئ الأخلاقية، والتزمت العهود الإنسانية والمواثيق المهنية.

لقد رفعت قناة الميادين شعارها وما زالت ترفعه (الواقع كما هو)، وفق استراتيجية إعلامية واضحة، فكان الالتزام المهني والأخلاقي عنواناً للمراحل المتعاقبة، حتى أسهمت في بناء الوعي وصناعة الفكر والثقافة، فقد بدت جرأتها الكبرى ومهنيتها العالية وعمق الطرح والأداء الَّذي غلب على مخرجاتها أشبه ما يكون بالغيث الذي يروي شعوب الأرض العطشى.

حين تحتفل الميادين بعشريتها الأولى بهوية جديدة، فهذا يعني أنها أصبحت بين عشية وضحاها قبلة الأحرار من أبناء الأمة العربية والإسلامية التي وجدت فيها ضالتها المنشودة، لتنهل من معينها وترتوي من نهرها قيم الحرية والمبادئ، في وقت تحولت فضائيات عربية إلى أدوات تروج لأنظمة عربية معروفة.

وإذ تطفئ قناة الميادين شمعتها العاشرة لتضيء شمعتها الحادية عشرة، فحقّ أن ترفع القبعة عالياً لها، لنجاح رسالتها الإعلامية وقدرتها على المعالجة الموضوعية للقضايا التي تطرحها على شاشتها في نشراتها الإخبارية وبرامجها المتنوعة بعمق وشمول، وهذا يفرض عليها البحث أكثر عن كل ما هو جديد لإشباع فكر متابعيها وعقولهم.

كل عام وقناة الميادين الفضائية بألف ألف خير. تهانيّ القلبية إلى رئيس مجلس إدارة شبكة الميادين الفضائية الأستاذ والإعلامي القدير غسان بن جدو، ولكل الزملاء والزميلات بمناسبة العيد العاشر لانطلاق قناة الميادين. 

كل عام والميادين تسطع في سماء الإعلام الحر صوتاً للحقيقة والمقاومة، وتبقى فلسطين القضية والعنوان، والقدس البوصلة والموعد.