هل بلغت "إسرائيل" نقطة "الذروة" في حرب إيران؟

رغم تحقيق "إسرائيل" انتصارات تكتيكية، إلا أن التكاليف والقيود العسكرية والدبلوماسية تشير إلى أنها قد تكون اقتربت من حدود قدرتها الاستراتيجية، أو ربما قد وصلت إليها بالفعل في بعض المجالات.

0:00
  • هل يشير طلب نتنياهو إيقاف الحرب على إيران أن
    هل يشير طلب نتنياهو إيقاف الحرب على إيران أن "إسرائيل" وصلت إلى "نقطة الذروة"؟

هناك إجماع تقريباً، لدى المحللين الأميركيين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، في اليوم الأخير من الحرب على إيران، وطلب منه إيقاف الحرب، بينما يقول الباحث الأميركي المرموق الدكتور جون مارشايمر إن نتنياهو "توسل" ترامب للعمل على وقف الحرب.

وهذا يشير إلى أن الإسرائيلي، وصل في اليوم الـ 12 للحرب مع إيران الى ما يسمى "نقطة الذروة" culminating point.

صاغ كارل فون كلاوسفيتز، في كتابه الشهير "عن الحرب"، مفهوم "نقطة الذروة" للإشارة الى ما يُعرَّف - في الاستراتيجية العسكرية- بأنه الحد بين الإطارين النظري والعملي للهجوم، أي اللحظة التي تصبح فيها القوة العسكرية عاجزة عن تنفيذ عملياتها بفعالية أو مواصلة تقدمها، أو حين يصبح الاستمرار في الحرب مكلفاً جداً، وحيث تصبح تلك التكلفة أكبر من الفوائد المرجوة من الحرب.

 ويعود العجز عن الحفاظ على الزخم الحربي إلى عوامل عدة أبرزها التحديات اللوجستية، وقوة العدو، وعدم القدرة على إخضاعه، أو ضرورة راحة القوة المهاجمة واستعادة قدراتها وغيرها من الظروف سواء العسكرية أم الاجتماعية أم الاقتصادية أو جميع ما سبق.

يحدد كلاوسفيتز، أن الهدف الأهم بالنسبة للقوة المهاجمة هو تحقيق أهداف الحرب قبل الوصول إلى هذه النقطة. في المقابل، فإن الهدف الاستراتيجي للقوة المدافعة هو إيصال القوة المهاجمة إلى نقطة ذروتها قبل أن يتمكن المهاجم من تحقيق أهدافه، وبالتالي تحويل مجرى الصراع لمصلحة المدافع، فيكون انتصر بصموده وليس بالضرورة بربح المعركة عسكرياً.

وعليه، إن سوء تقدير اللحظة المحورية التي تشكّل "الذروة" يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك الفشل العملياتي، مع العلم أن "نقطة الذروة" لا تنطبق فقط على المستويات التكتيكية والعملياتية للحرب، بل أيضًا على قدرة الدولة الكلية على تحمل الصراع أو تحقيق أهدافها الاستراتيجية طويلة المدى عبر الأبعاد العسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدبلوماسية.

هذه النقطة تمثل الحد الأقصى لقدرة الدولة على إبراز قوتها، وبعدها تبدأ قوتها وقدراتها في التراجع بسبب استنزاف الموارد، أو إرهاق الجيش، أو التحديات اللوجستية.

 تُعد هذه النظرة الشاملة والمتعددة الأبعاد لـ"نقطة الذروة" أساسية لإجراء تحليل دقيق وشامل لوضع دولة خلال الحرب، إذ قد تحقق الدولة نصرًا عسكريًا في ساحة المعركة، ولكن إذا أصبحت التكاليف الاقتصادية غير قابلة للاستمرار، أو إذا تآكل النسيج الاجتماعي بسبب الصعوبات الطويلة، أو إذا حدّت العزلة الدبلوماسية من الخيارات الاستراتيجية المستقبلية، فقد تصل إلى نقطة ذروة استراتيجية تحدّ قدرتها على استثمار الانتصارات العسكرية وتسييلها في تحقيق أهداف سياسية. 

وبالعودة الى "إسرائيل"، فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار: هل يشير طلب نتنياهو إيقاف الحرب على إيران، أن "إسرائيل" وصلت إلى "نقطة الذروة" في اليوم الـ12 للحرب؟

رغم تحقيق "إسرائيل" انتصارات تكتيكية، إلا أن التكاليف والقيود العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية تشير إلى أنها قد تكون اقتربت من حدود قدرتها الاستراتيجية، أو ربما قد وصلت إليها بالفعل في بعض المجالات.

- بالنسبة للذروة العسكرية، لقد أظهرت "إسرائيل" تفوقًا تكتيكيًا أمنياً وتكنولوجياً، خاصة في السيطرة الجوية والضربات الدقيقة والتغلغل الأمني، وألحقت أضرارًا كبيرة في الداخل الإيراني في اليوم الأول. لكن، عندما بدأ الإيرانيون بالردّ وتكبيد "إسرائيل" خسائر كبرى، انتقلت المعركة الى نوع من توازن القوى الذي أرهق الإسرائيلي ودفعه إلى طلب وقف الحرب.

- أما الذروة الاقتصادية، فبحسب التقارير الأميركية، بلغت تكلفة الحرب 6 مليارات دولار (حوالى 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، مع إنفاق يومي بلغ 725 مليون دولار. كما ارتفع العجز في "إسرائيل" إلى 8.5٪، والدين العام إلى 74٪. 

هذه التكاليف ستؤدي إلى اختلال في الاقتصاد، وهروب العقول من قطاع التكنولوجيا، ما يهدد قدرة "إسرائيل" على الصمود الاقتصادي طويل الأمد، وبالتالي اقترابها من نقطة الذروة الاقتصادية، حيث تؤدي الحروب المستمرة إلى تآكل الاستقرار المالي وتراجع النمو المستقبلي.

- في مجالي الذروة الاجتماعية والسياسية، تشير استطلاعات الرأي العام، إلى أن الجمهور يعاني إنهاكاً شديداً بعد نحو عامين من الصراع. 

- الذروة الدبلوماسية: على المستوى العالمي، تزداد عزلة "إسرائيل" في العالم والإدانات الدولية لها، وتراجعت إمكانية التطبيع مع السعودية، وأدانت دول مجلس التعاون الخليجي والعديد من دول الجنوب العالمي العدوان الإسرائيلي على إيران.

وهكذا، تكون "إسرائيل" قد وصلت إلى ذروة دبلوماسية. وبالرغم من نجاحها العسكري في توجيه ضربات إلى محور المقاومة، لكن ذلك لم يكن من دون ثمن، حيث أدت الأحداث من 7 أكتوبر ولغاية اليوم إلى زيادة عزلتها الدولية بالرغم من الدعم الأميركي والغربي.

وهكذا، ورغم النجاح العسكري الذي حققته "إسرائيل" على المدى القصير، إلا أنها تواجه تكاليف باهظة تجعلها تقترب – أو وصلت بالفعل – إلى نقطة الذروة في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، ما سيعني تراجعاً على المدى الطويل يحد من قدرتها على استثمار "إنجازاتها العسكرية المرحلية" في تحقيق أهداف سياسية طويلة المدى.

"إسرائيل" تشن عدواناً على الجمهورية الإسلامية في إيران فجر الجمعة 13 حزيران/يونيو يستهدف منشآت نووية وقادة عسكريين، إيران ترد بإطلاق مئات المسيرات والصواريخ التي تستهدف مطارات الاحتلال ومنشآته العسكرية.