هل يكون تعزيز التعاون العسكري بين الصين والسعودية على حساب واشنطن؟

ترتبط الصين والسعودية بشراكة استراتيجية شاملة، والصين هي أكبر شريك تجاري للسعودية، وأكبر مستورد للنفط السعودي، في حين تظل الولايات المتحدة الأميركية أكبر مورد للأسلحة إلى الرياض.

  •  الصين من الدول التي تعاونت معها السعودية لتطوير برنامجها النووي المدني.
    الصين من الدول التي تعاونت معها السعودية لتطوير برنامجها النووي المدني.

زار وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان الصين، والتقى نظيره الصيني الأدميرال دونغ جون؛ بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين، في إطار الشراكة الاستراتيجية الدفاعية. وأعرب الوزير السعودي عن أن الرياض مستعدة لتعزيز الاتصال الاستراتيجي مع بكين لرفع العلاقات العسكرية الثنائية إلى مستوى أعلى.

كما التقى وزير الدفاع السعودي رئيس اللجنة العسكرية المركزية للصين، جانغ يوشيا، وهي أعلى هيئة لصنع القرار والقيادة العسكرية في البلاد، وجرى الاتفاق على تعزيز آفاق التعاون الثنائي في المجال العسكري والدفاعي. وباعتباره المسؤول العسكري الثاني في الصين بعد الرئيس شي جين بينغ، نادراً ما يلتقي جانغ وزراء دفاع الدول.

بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري بين الصين والمملكة، أفادت بعض التقارير أن وزير الدفاع السعودي سيطلب وساطة بكين لوقف الهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله في البحر الأحمر، إذ إن السعودية مستعدة لتقديم تنازلات للحوثيين مقابل وقف الهجمات على السفن المتجهة إلى الموانئ السعودية والمغادرة منها.

ترى الدول أن الصين يمكنها أن تلعب دوراً في وقف هجمات المقاومة اليمنية في البحر الأحمر؛ نظراً إلى العلاقات القوية التي تربطها بإيران، التي بدورها يمكن أن تضغط على أنصار الله لوقف هجماتهم في البحر الأحمر، إذ سبق لدول عديدة، ومن بينها الولايات المتحدة الأميركية، أن طلبت من الصين الضغط على إيران لهذه الغاية. ولكن موقف الصين واضح بأن الهجمات في البحر الأحمر ترتبط بحرب غزة، وبالتالي يجب وقف الحرب أولاً. 

من المحتمل أن تقوم الصين بنقل طلب السعودية إلى الجهات الإيرانية وأنصار الله، لكن من دون أن تضغط في سبيل تحقيق الطلب السعودي.

ترتبط الصين والسعودية بشراكة استراتيجية شاملة، والصين هي أكبر شريك تجاري للسعودية، وأكبر مستورد للنفط السعودي، في حين تظل الولايات المتحدة الأميركية أكبر مورد للأسلحة إلى الرياض.

فبحسب تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، كانت السعودية ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم في الفترة من 2019 إلى 2023، إذ بلغت وارداتها 8.4% من واردات الأسلحة العالمية في تلك الفترة.

وقدمت الولايات المتحدة 75% من واردات الأسلحة السعودية في الفترة 2019-2023، والتي تضمنت تسليم 67 طائرة مقاتلة ومئات من صواريخ الهجوم الأرضي.

وعلى الرغم من التعاون العسكري والدفاعي الوثيق مع واشنطن، زادت الرياض من وارداتها من الأسلحة الصينية في السنوات الأخيرة، وأجرى الطرفان تدريبات عسكرية مشتركة منها المناورات المشتركة التي أجرتها القوات البحرية الصينية والسعودية لمكافحة الإرهاب في تشرين الأول / أكتوبر الماضي. 

وبهدف زيادة الصين لصادراتها العسكرية إلى المنطقة، عرضت بكين في معرض الدفاع العالمي الذي أقيم في الرياض في شهر شباط/ فبراير الماضي طائراتها المقاتلة من الجيل الخامس FC-31، وأكثر من 30 طائرة من دون طيار. 

تتعاون السعودية والصين في المجال العسكري، إذ سبق للرياض أن أبرمت صفقات عسكرية مع بكين حصلت بموجبها على طائرات من دون طيار وصواريخ باليستية صينية بسبب رفض واشنطن بيعها هذه الأسلحة. 

وفي عام 2017، خلال زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى بكين، جرى توقيع اتفاقية من أجل إنشاء مصنع طائرات حربية من دون طيار في المملكة.

كما كانت الصين من الدول التي تعاونت معها السعودية لتطوير برنامجها النووي المدني، إذ أعلن عن مشاريع نووية مشتركة عدة في السعودية منها مشروع لاستخراج اليورانيوم من مياه البحر. كما قدمت بكين العام الماضي عرضاً لبناء محطة للطاقة النووية في المنطقة الشرقية قرب الحدود مع الإمارات وقطر، وذلك بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

بشكل عام، تميل السعودية إلى التعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأميركية، بينما تستخدم في بعض الأحيان التعاون مع الصين كورقة مساومة للحصول على تعاون مع الولايات المتحدة الأميركية، إذ تدرك الرياض أن التعاون العسكري مع بكين يثير قلق واشنطن التي تضغط بأي شكل من الأشكال على السعودية لتقليل تعاونها العسكري والتكنولوجي مع الصين.

وحالياً، توشك الولايات المتحدة الأميركية والسعودية التوقيع على اتفاقية دفاع ثنائية، والتي ستعزز بشكل كبير الالتزام الأميركي الأمني تجاه المملكة، إذ من المتوقع أن تتضمن الاتفاقية ضمانات أميركية رسمية للدفاع عن المملكة، ومنح السعودية إمكانية الوصول إلى الأسلحة الأميركية المتقدمة، وبناء محطة مدنية للطاقة النووية. في المقابل، طلبت واشنطن من الرياض، عدا عن تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، أن تقلل علاقاتها مع الصين، ولا سيما في المجالين العسكري والتكنولوجي، وتحد من الاستثمارات الصينية في البلاد، وتقديم ضمانات لعدم بناء قاعدة عسكرية صينية على الأراضي السعودية.

يظل الوجود الأمني الأميركي في الخليج منقطع النظير، وتبقى دول الخليج تعتمد على الولايات المتحدة الأميركية في مجالي الدفاع والأمن.

والصين، من جهتها، لم تبد رغبتها في استبدال المظلة الأمنية الأميركية في المنطقة، حتى إن حرب غزة والأوضاع في الشرق الأوسط أظهرت عدم رغبة الصين الانخراط بشكل كبير في القضايا الأمنية في المنطقة، فيما تفضل الصين تعزيز تعاونها الاقتصادي مع دول الشرق الأوسط.