"الغفران".. باسل خياط والمتنبي يتجرّعان كأس الحب المسمومة!

خياط، في نكسته العاطفية هذه في "الغفران"، كان تجسيداً حقيقياً لحالة المتنبي في نكسته في حبٍّ لم يكن نصيبُه منه في الحياة أكثر من نصيبه في خيال مَرّ في حلم... لكنه خيال!

  • باسل خياط وسلافة معمار في لقطة من مسلسل
    باسل خياط وسلافة معمار في لقطة من مسلسل "الغفران"

"نصيبُك في حياتكَ من حبيبٍ
نصيبُك في منامكَ من خيالِ"

(المتنبي)
 
المرة الأولى، التي أحسستُ فيها بما عاناه المتنبي، من جراء حبّ امرأة، كان نصيُبه في حبها كما نصيبُ من رأى خيالاً في منام، كانت لمّا شاهدت مسلسل "الغفران"، يؤدي دور البطولة فيه المبدعُ باسل خياط، ويقع فيه، حتى الثمالةِ، في حبّ المبدعة سلافة معمار.

مسلسل "الغفران"، الذي اعتمد فيه الموسيقيُّ المبدع، إياد الريماوي، موسيقى شارة ساحرةً تُدهش القلب والروح وتأسرهما وتغريهما بالحبّ، لبيت شعر المتنبي، "نصيبك في حياتك"... هذا المسلسل جسَّد تماماً، في أول عقد من القرن الحادي والعشرين (سنة 2011) حالَ المتنبي، الذي عاش من الحياة نصفَ قرن فقط، في القرن التاسع الميلادي (915 - 965)، أمضى بعضَه يتجرّع وهمَ حبّ امرأة.

من دون أن يقصد طبعاً، عاش باسل خياط في "الغفران" (وجعل، عبر إبداعه في الأداء، كلَّ رجل يتقمّص معه تلك المرارة) ما عاناه المتنبي في قصيدته: "نصيبُك في حياتك".

باسل خياط، في "الغفران"، عاشقٌ للغة العربية، ومفتونٌ بالأدب، ويُدهشه شعرُ المتنبي، ومدمنٌ إدماناً جميلاً على الكتابة، وعانى من جرّاء حبّ سلافة معمار، التي كان الحب بالنسبة إليها مجرّدَ "مرحلة"، وحالة اختبار وتجريب، وليس مذهبَ حياة ولا إيماناً، كما حالُه بالنسبة إلى باسل خياط.

خياط، في نكسته العاطفية هذه في "الغفران"، كان تجسيداً حقيقياً لحالة المتنبي في نكسته في حبٍّ لم يكن نصيبه منه في الحياة أكثر من نصيبه في خيال مَرّ في حلم... لكنه خيال!

في مسلسل "الغفران"، ليس باسل خياط وحدَه من يعاني مزاجية سلافة معمار في الحب، وليس وحدَه من يحتار في مفهومها المتقلّب لفكرة الحب وفكرة الارتباط، بل سيمرّ أيّ رجل أيضاً، لـمّا يشاهد المسلسل، في الحالات نفسها التي عاشها باسل، وأصابت مشاعرَه بالغضب والغيرة والحيرة والشكّ، والتمرد على القلب حيناً، ثم الاستسلام له حيناً آخر، وصولاً إلى جوهر فكرة نصّ المسلسل: هل يستطيع رجلٌ تجرّع مرارة الخيانة وغدر من يحبّه، وتقلٌّب مشاعره... هل يستطيع أن يسامح! هل يستطيع الغفران!!

ثمّ ستتذكّر، حالُك حالُ أيّ رجل شاهد "الغفران"، كلماتِ شارة المسلسل:

"نصيبُك في حياتك من حبيبٍ
نصيبُك في منامك من خيالِ"...

وتقرّر، من دون أن تقوى على الرفض، أن تسمع، من جديد، الموسيقى الساحرة لإياد الريماوي، فيحرّك سحرُها، في قلبك وعقلك وروحك وأنفاسِك، كلَّ المشاعر التي يختزلها الحبّ، فتسأل نفسك: هل فعلاً تجرّع صاحب "أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي من به صممُ"... هل تجرّع فعلاً ما تجرّعه باسل خياط في "الغفران"، وما تجرّعه، من دون قصد، أيُّ رجل عند مشاهدة "الغفران"، من مرارة خذلان من يُحبّ؟ وهل عانى المتنبي ما عاناه باسل من صراع بين مرارة الإحساس بالخيانة والغفران، حين كتب رائعته "نصيبُك في حياتك من حبيبٍ، نصيبُك في منامك من خيالِ".